شبكة ذي قار
عـاجـل










خلال متابعتنا البسيطة عن طريق الإنتيرنيت لمؤتمر تغير المناخ الذي عقد الإسبوع الماضي في مدينة كانكون المكسيكية تحت رعاية الأمم المتحدة، إستمعنا الى التصريحات الجريئة للرئيس البوليفي خوان إيفو موراليس التي أدلى بها في مؤتمر صحفي كجواب على سؤال طرحته عليه الصحفية إيمى جودمان مذيعة محطة "ديموكراسي ناو" الأمريكية. السؤال الذي طرحته إيمي جودمان كان:

 

تسربت مؤخرا برقية لوزارة الخارجية من قبل ويكيليس التي تقتبس قول أحد كبار مسؤولي البيت الأبيض بأن دولا مثل بوليفيا والإكوادور وغيرها من الضروري أن يحيدوا، كسبهم أو تهميشهم. كنت أرغب في الحصول على تعليقك على ذلك، على الحقيقة بأن الولايات المتحدة قطعت الدعم المالي لبوليفيا بعد رفضكم التوقيع على إتفاقية كوبنهاكن، وحسب إعتقادك، الى أين تذهب أو تحتاج أن تذهب إتفاقية كانكون؟   

 

أجاب الرئيس البوليفي إيفو مورالس بما يلي:

 

حسنا، موضوع ويكيليكس، وثائق ويكيليكس، ويكيليكس، نحن ندرك كيف يحدث التجسس من قبل الولايات المتحدة، قبل أوباما وبعد أوباما. لحسن الحظ نحن لسنا آسفين، لأن هناك حداً لهذا النوع من التجسس المفروض، التهديدات، التخويف، ومحاولة تحطيم الإقتصاديات والسياسات وايضا هوياتنا. لحسن الحظ وفي حينه، نعلن هذا بإستمرار. أنا سعيد أن بدأت توفير الكرامة للشعب البوليفي، رجالا ونساءاً.

 

في المؤتمر الرابع لوزير دفاع أمريكا، حيث كان وزير دفاع الولايات المتحدة حاضرا في سانتا كروز في الشهر الماضي، قررت أمرين. هي إما ركبة إيفو أو كرامة الشعب. فضلت كرامة الشعب على ركبة إيفو. لأقول لك الحقيقة. وبعد ذلك تأتي هذه المعلومات من ويكيليكس لتؤكد كل شيئ شجبناه قبل ذلك، تلك دبلوماسية الإمبيراطورية. أنهم يحاولون لإغلاق، لإقناع، من خلال إستخدام بعض الرؤساء من أمريكا اللاتينية. أنني على يقين بأن لديهم النية، ونيتهم هي توليد عدم ثقة إيفو مع كريستينا (رئيسة جمهورية الأرجنتين)، إيفو مع شافيز (رئيس جهورية فينزويلا)، وإيفو مع كوريا (رئيس جمهورية الإكوادور). في هذا الوقت، نحن لم نعد أطفال، ونحن لسنا صغار. وهذا لن يولد أي إنعدام للثقة. وهذا لن يولد أي مواجهة بين الرؤساء.  أنا أحترم ومعجب بكريستينا، رئيسة الأرجنتين، وكذلك الزميل شافيز، كوريا، ولولا (رئيس جمهورية البرازيل).

 

قالوا أن لديه ورم سرطاني في الأنف لأنه كان يعاني من مشكلة في الأنف، لكن ليس ورم سرطاني. وصلت الى إستنتاج مفاده أن عملاء المخابرات من الولايات المتحدة تنقصهم المعلومات الإستخباراتية. ويتكلمون الحماقة أن لدي ورم سرطاني. أنهم يريدون التسبب في ضرر. هم لن يكونوا قادرين على القيام بذلك. لكن هذا النوع من العمليات سيستمر، بالطبع، على رغم من أننا بدأنا بتوفير الكرامة للشعب البوليفي، رجالا ونساءاً، بغض النظر عن الحقيقة أننا بلد الذي وصف بأنه متخلف أو نامي، أعلى بكثير من مهما كانت حالتنا الإقتصادية والثقافية. فوق كل ذلك، هناك كرامتنا.

 

ولست أسفا على طرد السفير الأمريكي في ذلك الوقت عندما طردنا السفير الأمريكي. منذ ذلك الحين، ليس هناك مؤامرة ضد الديموقراطية. ليس هناك مزيد من محاولات الإنقلاب. الذي يجب على أصدقائنا الصحفيين معرفته هو أنه أينما تمتلك الحكومة الأمريكية مصالح إحتكارية من خلال سفرائها، ليس هناك ضمان لا للديموقراطية، وليس هناك ضمان للتنمية، وليس هناك ضمان لإدماج الشعوب. سواء يقبل أوباما ذلك أم لم يقبل، مع الولايات المتحدة، مع الإمبيراطورية الأمريكية، نحن ثلاثة الى واحد، إذا تحدثنا عن الديموقراطية. يجب أن نعترف، مع الإنقلاب في هندوراس فاز أوباما علينا. لكن الإمبيراطورية فقدت في فينزويلا، في بوليفيا وفي الإكوادور بمحاولة إنقلاباتهم العسكرية. أن شعب أمريكا اللاتينية يفوزون على الإمبيراطورية بثلاثة أهداف مقابل واحد، هذا جيد. سيكونون دائما – سيكون لدينا دائما هدف واحد ضد الولايات المتحدة، لكن هذه هي الولايات المتحدة.

 

وبعد ذلك ذكرت ويكيليكس .... يمكن أن يفعلوا ذلك، بل هو حقهم. لو لم نكن في الحكومة، سوف ننظم أنفسنا كذلك للقتال بشكل دائم ضد الرأسمالية، ضد الليبرالية الجديدة، وضد الإستعمار. ذلك هو حقنا الذي نمتلكه. لكنهم ليسوا قادرين حتى على السيطرة على إستخباراتهم، نظمهم في السيطرة أو نظمهم التجسسية. أعتقد أنه حتى في تلك الحالة، أن الولايات المتحدة متدهورة.

    

عزيزي القارئ الكريم هكذا تتكلم الرجال وهكذا تقف بعنفوان صامد أمام عنجية الطغاة والمستعمرين وليس كما يعمل ويفعل حكامنا العرب والخونة الأذلاء الذين خانوا كل المبادئ والأصالة العربية وحتى قيم الدين الإسلامي الحنيف من أجل حفنات من الدولار المتدهور والبقاء في كراسيهم الخاوية أو توريث تلك الكراسي المهزوزة الى أولادهم وغيرهم من المقربين لهم. الرجال الرجال تختار شعوبها وأوطانها ولا تنبطح وتخون القيم الإنسانية وتقدم روحها فداء من أجل شعوبها وأوطانها مثلما فعل الشهيد صدام حسين المجيد. وأيفو موراليس فضل تكسير ركبته على أن يخون شعبه، نعم فضل شعبه على ركبته. وهكذا تقف مقاومتنا المسلحة الباسلة شامخة في عراقنا المغتصب وتقول لا للإحتلال، ولا للخونة والعملاء، ولا للتفرقة الطائفية والصراعات الأثنية، ولا للعنصرية، ونعم لعراق واحد موحد يحكمه أبناءه الشرفاء. وبهذه المناسبة نجدد ندائنا الى كل فصال المقاومة العراقية المسلحة الباسلة وندعوها الى التوحد والقتال تحت قيادة عسكرية واحدة وقيادة سياسية موحدة ضمن برنامج ثوري تحرري واحد وهادف. غير ذلك سيبقى العراق تحت خيمة الإستعمار الصهيوأمريكي – الفارسي الصفوي الى يوم الدين، وبذلك قد خذلنا كل شهادئنا الذين قدموا أرواحهم الغالية فداء للوطن والشعب على حد سواء في ضريح الحرية والكرامة.

 

إيفو موراليس الذي ولد في عام 1959  أنتخب رئيسا لجمهورية بوليفيا في ديسمبر/كانون أول عام 2005 ويعتبر أول رئيس منتخب في أمريكا اللاتينية من السكان الأصليين لهذه القارة. ولد وترعرع في عائلة فلاحية فقيرة، ورغم عمله منذ الصغر في الزراعة والبناء وحرف أخرى كخباز وعازف على آلة البوق، وإنتقاله مع عائلته من مكان الى آخر طلبا للعيش، حاله حال بقية السكان الأصليين المضطهين في هذه القارة، إلا أنه تمكن من الإلتحاق بالمدرسة وأكمل دراسته الثانوية، ثم إلتحق بالجيش وبعد إنتهاء خدمته العسكرية الإلزامية رجع الى أرضه وعمل مزارعا فيها. التغيرات المناخية التي خلقت ظاهرة إلنينو والرياح الثلجية التي عصفت بالساحل الغربي لأمريكا اللاتينية ومنها بوليفيا وسببت خسائر كبيرة بالمحاصيل الزراعية وقطعان الماشية أجبرت إيفو موراليس وعائلته كبقية العوائل الفقيرة الإنتقال شرقا الى مقاطعة كوشابامبا لمواصلة العمل في الزراعة. خلال فترة الحرب على المخدرات في بوليفيا التي أثارتها وحرضت عليها الولايات المتحدة في العقد الثامن من القرن الماضي والتي أدت الى موجهات بين مزارعي الكوكا والحكومة البوليفية أنتخب إيفو مورالس في عام 1985  سكرتيرا عاما لنقابات مزارعي الكوكا، وبسبب دفاعه عن حقوق المزارعين تعرض إيفو موراليس الى الإعتقال والسجن. نشاطة النقابي والسياسي على مر السنين حدى به وبعض القوى اليسارية في بوليفيا في عام 1999 الى تشكيل حزب "الحركة نحو الإشتراكية" ودخل العمل في الكونجرس البوليفي. في الإنتخابات الرئاسية التي حصلت في عام 2002 جاء إيفو مورالس بالمركز الثاني، وفي ديسمبر عام 2005 أنتخب رئيسا للجمهورية البوليفية، وفي ألإستفتاء الشعبي الذي حصل عام 2008 وافق البوليفيون على تعزيز سلطات الرئيس إيفو موراليس والمضي في الإصلاحات الإشتراكية. في 14/1/2009 قطع إيفو موراليس العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني بسبب حربه الإجرامية على قطاع غزة؟

 

 





السبت٠٥ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.