شبكة ذي قار
عـاجـل










 

تتشرف بغداد بزيارة الأشقاء العرب ومقدمهم المبارك، والعراقيون عُرفوا بكرمهم وحبهم للعروبة والإسلام، وكانوا على مر العقود الواحة التي يستظل بظلها كل العرب، ونتمنى دائما أن نرى بغداد تتزين بالطيف العربي؛ لأنها جزء من الأمة، ونأمل أن تكون هذه الزيارات في زمن الحرية والتحرير، وليس في زمن الاحتلال والاغتصاب.

 

ومما يثير الاستغراب والدهشة التحضيرات الجارية على قدم وساق من اجل انعقاد القمة القادمة في بغداد في شهر آذار/ مارس القادم، حيث أعلن نائب الأمين العام للجامعة السيد أحمد بن حلي يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2010، انطلاق الترتيبات لعقد القمة العربية القادمة في بغداد، وأن وفدا حكوميا عراقيا أطلع الأمانة العامة على الخطوات التي بدأ العراق يتخذها لعقد القمة العربية المقررة حسب الترتيب الهجائي لأسماء الدول الأعضاء بالجامعة، وأن قمة بغداد ستعقد تحت شعار (التضامن مع العراق الشقيق)، وأكد حرص الجامعة على اتخاذ كافة الخطوات والجهود التي من شأنها الإسهام في إنجاح القمة، وتيسير عمل وفود الدول الأعضاء.

 

وفي يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2010، دعت جامعة الدول العربية –على لسان سفيرها الأستاذ حلي أيضاً- إلى ملاحقة الذين اقترفوا الجرائم بحق الشعب العراقي، والتي كشفت عنها الوثائق التي نشرها موقع "ويكليكس" الإلكتروني مؤخرا، الذي كشف في وثائقه السرية عن حالات تعذيب ارتكبتها القوات العراقية وتسترت عليها قوات الاحتلال، بالإضافة إلى حالات تعذيب ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكية، واعتبرت الجامعة أن هذه الوثائق، وما كشفته يشكل خطورة، وجريمة ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات ضد الشعب العراقي، ولهذا لا بد من متابعة الذين اقترفوا هذه الجرائم ومحاسبتهم، وأن هذا الموضوع "لا ينبغي أن يمر مرور الكرام. وإذا كانت هناك جرائم قد اقترفت بحق أبناء العراق فلا بد من محاسبة هؤلاء".

 

وحول مدى تأثير هذه الأمور على الاستعدادات الجارية لاستضافة العراق للقمة العربية المقبلة والمقررة ببغداد، قال السيد بن الحلي: "هذا جانب آخر، ولا يجب أن نربط هذا الأمر بذاك"؟!!

 

الجامعة العربية تمثل الموقف العربي من المحيط إلى الخليج، والعراق جزء حيوي وفعال من الأمة، ولا يمكن بتره، أو تجاهله، لكن الظاهر من تصريحات السيد الحلي أن هنالك عدم وضوح في الصورة لدى بعض السادة في الجامعة، حيث إن السيد الحلي قال: "هذه الوثائق وما كشفته يشكل خطورة، وجريمة ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات ضد الشعب العراقي"، فكيف يمكن أن تكون هذه الجرائم، والتي هي جرائم ضد الإنسانية، ومرتكبة من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية، وقوات الاحتلال الموجودة حتى الساعة على ارض العراق، ثم تقول الجامعة العربية إنها ستعقد قمتها القادمة في بغداد؟!!

 

وهنا أقول للسادة في الجامعة العربية أتعرفون منْ الذي يسير مجريات الأمور في العراق؟ وأين يوجد الآن أكثر من (150) ألف جندي من جنود الاحتلال الأمريكي؟ وأين يبطش أكثر من (150) ألفاً من سفاحي الشركات الأمنية، وماذا يجري في المعتقلات السرية والعلنية الحكومية؟

 

الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان هي أن العراق بلد محتل، وأمريكا التي تدعي أنها ستكمل انسحاب بقية قواتها المحتلة من أراضيه في نهاية عام 2011، هي صاحبة القرار على أرض الواقع، رغم الادعاءات بوجود "ديمقراطية في العراق"، وبالمحصلة فإن هذه المعطيات تؤكد أن القمة القادمة ستعقد تحت رماح المحتل، ورعايته، وهذا الأمر لم يحدث في تاريخ القمم العربية، ولو تم الاتفاق على أن يكون انعقاد القمة في شهر آذار/ مارس من عام 2012، لوجدنا للجامعة العربية مخرجاً قانونياً لهذا القرار.

 

وبالمقابل، وفي ضوء مجريات الأحداث على ارض الواقع، فلا اعتقد أن القمة ستعقد في بغداد، حيث إنني لا أريد ذكر التصريحات الرسمية الحكومية بعدم جاهزية الأجهزة الأمنية قبل عام 2020، وكذلك الخلافات المستمرة حول الصلاحيات بين الأحزاب الحاكمة، خصوصاً بين العراقية برئاسة إياد علاوي والتحالف الوطني برئاسة نوري المالكي، ولكن أريد أن أقول بأن الجرح العراقي لم يندمل بعد، وان جراحنا ما زالت تنزف، فكيف يمكن أن تعقد القمة في بلاد يعرف القاصي والداني حجم الكارثة التي لحقت بأهلها.

 

أما "التضامن مع العراق" وهو عنوان القمة العربية القادمة؛ فيكون بدعم العراقيين لطرد الاحتلال وأعوانه من ارض الرافدين، وإقامة انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي، ومن ثم إعادة كتابة الدستور، وحينها نقول لكل العرب من المحيط إلى الخليج حياكم الله في بلاد الرافدين المحررة المكللة بالعز والنصر والبركات.

 

Jasemj1967@yahoo.com

 

 





الاحد٠٦ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب جاسم الشمري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.