شبكة ذي قار
عـاجـل










نحن لدينا قناعة لايمكن لمخلوق أن يجعلنا نحيد عنها كائنا من كان، ولايمكن لأي شخص أن يجعلنا نغير نظرتنا واعتقادنا ولو كانت عمامته مثل قبة المسجد الأقصى ..  وهذه القناعة أن الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه هو من نسل الإمام الحسين، سيد شباب أهل الجنة، رضي الله عنه وأرضاه ..  أي تلقائيا من بيت النبوة المطهر ..  والأيام تثبت يوما بعد يوم أن هذا الشبل من ذاك الأسد ..  وأن الانتساب إلى بيت النبوة ليس بالكلام فقط وارتداء العمامة السوداء والحزن واللطم والدجل والكذب في يوم عاشوراء، وإنما ايضا بالفعل ..  وصدام رحمة الله عليه أثبت هذا بالقول والفعل ..  نحسبه كذلك ولا نزكيه ..  لاسيما وأنه ختم حياته ولله الحمد والفضل بترديد الشهادتين أكثر من مرة ..  وهي وحدها كفيلة بأن تدخله – بإذن الله – جنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين ..  مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في (الصحيحين) عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد قال لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة و(روى مسلم) عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، دخل الجنة .. 

 

وهنا لابد من التنبيه لأمر هام وضروري جدا، وهو أن الكثير من الناس يظن أن التوفيق للنطق بالشهادتين عند الموت يستطيعه كل شخص، وهذا هو الوهم والغرور؛ فالتوفيق عند الموت بيد الله وحده، والناجي من وفقه الله، والخواتيم ميراث السوابق - في الأغلب – وأذكر أنني قرأت في كتاب (جامع العلوم والحكم) لابن رجب أنه قال: وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار، وفي باطنه خصلة خفيه من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة ..  فكم من عامل يعمل في ظاهره، بما يتناقض مع ما في باطنه!!!! وكم من عامل يعمل عمل الخير في الظاهر، ومن وراء ذلك دسيسة سوء، تكون سبباً لسوء خاتمته، وكم من عامل يعمل عمل الشر في الظاهر، وفيه خصلة خفية حميدة، يتداركه الله بسببها برحمة منه وفضل، فيختم له بخير، وبالجملة فإن الانقلاب من الشر إلى الخير كثير، وأما الانقلاب من الخير إلى الشر؛ فقليل ..

 

تاريخ استشهاد الإمام الحسين يتوافق تقريبا مع تاريخ استشهاد نسله صدام الحسين رحمة الله عليهما ورضي الله عنهما، وهو أيضا متوافق مع تاريخ توقيف الشهيد رحمة الله عليه، فسبحان من جمع التاريخين بوقت واحد، وهذا أمر له دلالة بالواقع ..  وما أشبه الشهيد صدام بجده الشهيد ..  سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين بن علي رضي الله عنه .. 

 

فكلا الشهيدين اغتيل بيد المجوس ..  فالحسين اغتاله الملعون شمر بن ذي الجوشن، وصدام اغتالته دولة فارس بحالها ممثلة بالهالكي والزمرة الكافرة التي كانت معه، ثم بحضور زعيم خنازير حراس الثورة المجوسية ..  ومثلما اجتمع الأعداء المجوس حول الحسين رضي الله عنه وطعنوه من كل جانب، كذلك اجتمع المجوس حول جسد الشهيد صدام وراحوا يطعنونه من كل طرف ..  ومثلما فرح المجوس باغتيال الحسين وراحوا يرقصون حول جسده الطاهر، كذلك فعل مجوس الفرس الخمينيين حين راحوا يرقصون حول جسد أسد العروبة صدام ..  ومثلما حز المجوس الرأس الشريف لسيدنا الحسين، كذلك حاول المجوس حز الرأس الطاهر للشهيد صدام، لكنهم خابوا وخسروا وأخزاهم الله، فلم يفلحوا بهذا العمل الاجرامي المشين .. 

 

والمجوس الذين اغتالوا الامام الشهيد الحسين جاؤوا برأسه الشريف إلى الظالم بن زياد، الذي حاول أدخال قضيب في الفم الشريف لولا أن نهاه زيد ابن ارقم،  الذي ضرب القضيب من يده قائلا: دع هذ ..  فوالله لقد رأيت رسول الله يقبل هذا الفم ..  وكذلك جاء المجوس الذين اغتالوا الشهيد صدام بالجسد الطاهر الى الظالم الهالكي، الذي قام مع زبانيته الكفار بأفعال إجرامية أساءت للجثمان الطاهر ..

 

إذن ..  هو تاريخنا يعيد نفسه مع الفرس المجوس الانجاس، ويعلمنا يوما بعد يوم أن هؤلاء أعداء لنا وإن حاوا التستر بالدين الاسلامي، وإن حاولوا إظهار محبة آل البيت الاطهار، إلا أنهم بالواقع أعداء لآل بيت النبوة وأعداء لكل مسلم وخاصة إذا كان هذا المسلم عربي ..

 

في مثل هذا اليوم (14/12) من عام 2003 أحاطت خنازير الأعادي بالأسد صدام، رحمة الله عليه وعلى إخوانه الشهداء الأبرار ..  أحاطت خنازير الفرس والمغول على السواء بإبن العروبة الأغر، أحاطوا بمن كان يقود جمجمة العرب وفخرهم وعزهم، وأظهروه على صورة سيئة، لكنها كانت إهانة لهم وليست لنا ولا لقائدنا، فليس هو ولانحن من يهتم بالمظاهر والشكليات مهما كانت ..  وإن كانوا قصدوا من إظهاره على تلك الصورة المسيئة توجيه إهانة وإنذار لكل عربي من المحيط إلى الخليج، سواء كان حاكما أم محكوما، سواء كان مع أمريكا أو ضد أمريك ..  وجهوا رسالة مشتركة من الصفويين والصهاينة والصليبيين أن هذا هو صدام الذي كان أقوى حاكم عربي ويقود أقوى بلاد العرب هو بين أيدينا ونستطيع أن نفعل به الآن ما نشاء ..  فاعتبروا يا حكام العرب مما قد يحصل لكم ..

 

أريد أن أقول شيء ..  ولست هنا في موضع الشماتة أو من يتمنى السوء للعرب، وخاصة في هذه الأيام التي نشهد فيها تكالبا صفويا صهيونيا على بلاد العرب جميع .. 

 

وثائق ويكيليكس كشفت الكثير من الأسرار وكشفت أمورا خطيرة تتعلق بالحكام العرب وغيرهم، وكشفت أسرارهم وأمورهم وخصوصياتهم، وكذلك ما يتعلق بالعدوان على العراق ومن الذي حرض ومن الذي ساند وأيد ..  ومن الذي ..  ومن الذي ..

 

لكن ..  فخر لنا جميعا، وكل الفخر لنا ولشهيدنا الغالي رضوان الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى باقي إخوانه الشهداء ..  أن هذه الوثائق على كثرتها لم تظهر وثيقة واحدة ضد الشهيد صدام، فأين الستة وثلاثون مليار التي كانت مودعة في بنوك أوروبا بإسمه أو أسماء أبناءه الشهداء ؟ وأين البيوت في أوروبا التي زعموا أنها له؟ وأين قائمة المرتشين التي زعموا أنه كان يوزع عليهم العطاءات هنا وهناك ؟ وأين السجون السرية والمقابر الجماعية وما يسمى أسلحة الدمار الشامل ؟ وأين هؤلاء الستمائة أسير الذين زعق آل الانبطاح لأجلهم وناحوا عليهم مثل بائعة الـ  .. 

 

ايعقل أن كل تلك الوثائق لم تتحدث عن أسير كويتي واحد ؟ هل يعقل أنه لم تتم مراسلات بين آل الانبطاح وبين أسيادهم الأمريكان ؟؟؟ هذا أكبر دليل على كذب هؤلاء القوم ودجلهم، ولا أدري كيف حالهم الان وقد أخرج ما يسمى بمجلس الامن العراق من بند ما يسمى الفصل السابع واتخذ قرارا بانهاء غالبية العقوبات التي كان قد فرضها على العراق سابقا، وهم الذين كانوا يدفعون الملايين تلو الملايين ليس لأجل ابقاء تلك العقوبات وحسب، بل لفرض المزيد منه .. 

 

إلى سيدي الشهيد صدام ..  رحمة الله عليه

 

يوما بعد يوم يثبت للعالم أجمع وليس للعراقي فقط – فالعراقي الحق يعلم من أنت – أن الشهيد صدام حسين كان أنزه وأنظف وأشرف وأطهر وأصدق حاكم عربي عرفته الامة العربية في عصرها الحديث، وأنه كان صادقا في كل كلمة كان يقوله ..  وأنه كان يقود دولة بكل ما في الكلمة من معنى، وأن العراقي الان يبكي الدم على تلك الايام التي كان فيها العراق عراقا حرا قويا عزيزا شامخا يقوده رجال شامخون أشراف نبتوا من أرحام شريفة طاهرة ..  يبكي هذا وقد رأى أبناء الزنا وفراش المتعة قد حولوا العراق إلى دولة فاشلة منهوبة ذات حكومة فاسدة لا هم لها سوى اللصوصية والسرقات والنهب والقتل ..

 

في ذكرى يوم توقيفك أيها الليث العراقي الاصيل ..  نقول سلاما لك وسلام عليك وعلى إخوانك الشهداء الابرار الكرام ..  طبتم وطاب عهد كنتم فيه قادة العراق ..

 

والله أكبر وعاش العراق ..  وعاشت أمتنا العربية الابية المجيدة ..  وعاشت فلسطين حرة أبية من النهر إلى البحر ..  وليخسأ الخاسئون ..

 

 





السبت١٢ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.