شبكة ذي قار
عـاجـل










وهكذا تلاحقت الأحداث وانحبست الأنفاس في متابعتها . لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يستجد . فقد تسلمت مصر أيدي أبنائها من الشباب الغاضب ، والغضب هو سخط على الحاضر ورفض لسوء الأوضاع وتحد للظلم . وليس مطلوبا من الشباب أن يخطط للمستقبل وأن يضع البديل وأن يناقش النظريات التي يرطن بها المثقفون في الصالونات وفي الأعمدة الصحفية والميكروفونات والكاميرات . الغضب للهدم . الغضب للتحدي الغضب للإزالة . الغضب للرفض . الرفض مبعثه الألم الذي يعقبه الأمل ، والأمل تبلوره المطالب . ودعونا نسمع بعض ماجاء في الهتافات التي سمعناها وشاهدناها وهي كلها تدور حول المحاور الرئيسية : الأول نداء التحدي بإسقاط النظام ورموزه وفساده وحزبه السياسي الحاكم وقانون الطوارئ الذي استظل به النظام طيلة ثلاثين عاما لم يستطع أن يعيش دونه يوما واحدا وجعله يسعى للأغلبية البرلمانية حتى يمر طلب التجديد كل مرة في دقائق معدودة ؛ موافقون ...موافقون . وطلب إسقاط النظام تناول قمة الهرم وقاعدته دون استثناء


الثاني : الأمل في المستقبل بنداءات الحرية والتي تتضمن حرية الوطن وحرية المواطن في مواجهة الإكراه والقهر والاستبداد والتي يمثلها جميعا جيش من الشرطة والأمن المركزي قوامه أكثر من مليون بين ضباط وجنود الذين أبعدوا عن رسالتهم الوطنية بشعار" الشرطة في خدمة لشعب " إلى شعار " الشرطة في خدمة النظام ... في خدمة الحاكم ... في خدمة المصالح الفئوية للمليونيرات والمليارديرات ورغم ما في الحرائق من تخريب مرفوض إلا أن الغضب ليس فيه مقبول ومرفوض ولكن فيه الرمز والمعنى وارتباط الحريق بمقار الشرطة مع مقار الحزب الحاكم يدل على فقدان الثقة في الاثنين . وعلى كل شرطي من الآن أن يصحح موقفه وأن يسترد كرامته بأن يكون في خدمة الشعب : كرامة الشعب وأمن الشعب وإرادة الشعب ، حتى يسترد حب الجماهير وثقة الجماهير واطمئنان الجماهير واحترام الجماهير ، فلا يهان مواطن على يد الشرطة ولا يفلت مجرم بجريمته ولا يستطيع أحد أن يزور أو يزيف إرادة الشعب في التعبير عن نفسها في الشارع أو في صندوق الانتخابات . والمحور الثالث شعور هؤلاء الشباب بالانتماء القومي حيث ارتفعت النداءات في السويس مثلا :إلحقوها لحقوها التوانسة ولعوها ، وفي الإسكندرية والقاهرة ثورة تونس ثورة مصر .


وإذا كان الشباب قد قاموا بثورتهم بعفوية ودون قيادة سياسية يمكنها التفاوض باسمهم فيتعرضون للمسومات والوعود الكاذبة والوعود المؤقتة ، فإنهم بذلك قد عبروا عن الإصرار والتحدي وامتلاك المستقبل الذي هم أصحابه وهم عنوانه وهم أصحاب المصلحة في ( صناعته ) وصياغته .


وبعد هذه الإطلالة على هذه الثورة المجيدة التي لم تنته فصولها بعد ، دعوني أعبر عن اطمئناني لمستقبل هذا البلد ، فبعد أن نجح الحزب الحاكم بالانفراد بالسلطة ونجح في حصار الأحزاب الشرعية وخنقها ومنعها من التواصل مع الشباب وتجفيف ينابيعها بمنع الشباب من الانضمام إليها بالترهيب والترغيب في مزايا الانضمام للحزب الحاكم من حيث التشغيل والترقية والحوافز المختلفة .. ثم ظل يسخر من ضعفها وعجزها في حين أنه السبب في هذا العجز وذاك الضعف تنادي وتتواصل مع ثورة 23 يوليو التي كان شعارها : حرية اشتراكية وحدة والتي جاء هذا الشعار مترجما بلغة شباب الثورة إلى كسر القيود طلبا للحرية وإلى العدالة الاجتماعية التي لم ترها مصر إلا بثورة يوليو وقوانين يوليو التي كفلت هذه العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وإلى الوحدة التي تنبني على القومية العربية والتي شعر بها الشباب بثورة تونس التي كتبوا لها " أنتم السابقون ونحن اللاحقون " .


ثم ها هي الأحزاب وها هم القادة السياسيون المعارضون والذين أعياهم الحصار والمطاردة يهرولون إلى الساحة لركوب الموجة والبحث عن مكان في هذه الانتفاضة الثورة . والمشهد سريع ومتلاحق ولكن دعونا نرى بعين الأمل في زوال هذا النظام وبزوغ نظام جديد يتعاون في صنعه الجميع لتسترد مصر وجهها المشرق بالحرية والاشتراكية والوحدة .


والآن همسة في آذان قادة الحزب الناصري :" انتبهوا أيها السادة وانفضوا عنكم غبار الخلافات بأن يلغي كل طرف قراراته في حق الطرف الأخر حتى تستحقوا دوركم فيما بعد هذه الثورة التي تعبر عنا أصدق تعبير والتي تنسجم مع ثورة يوليو وشعاراتها ومنهجها ... 

 


Dadmas@hotmail.com
نشرت في ٦ فبراير ٢٠١١ وكتبت في ٢٩/١/٢٠١١

 

 





الثلاثاء٠٥ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب محمود أحمد سعيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.