شبكة ذي قار
عـاجـل










خرجت الجموع الشبابية في مصر المحروسة بإنتفاضة شعبية أستخدمت فيها جميع وسائل التعبير عن الغضب ،، أعتصامات ،، مناوشات ،، شعارات ،، تمزيق صور ،، تسقيط ،، حتى الغناء والموسيقى كان لهما دوراً في التعبير عن مشاعر المنتفضين!!،، أما مطالبهم فهي تتلخص بـ ،، التغيير ،، الاصلاح ،، الحريات ،، حقوق الأنسان وتحسين الأوضاع المعيشية ،، لا أعرف إن كانت هناك مطالب أخرى ،، المهم ،، أن تغير النظام كان من الأولويات التي طالب بها المتظاهرون ،، من وجهة نظري الشخصية ،، أن تحقيق تلك المطالب لايأتي بأقتلاع النظام من جذوره بل بتغيير رموز النظام ومحاسبة المسيء منهم والحفاظ على مفاصل الدولة الأخرى ومؤسساتها ،، لكن ما حدث بعد أنهيار الحكومة هو أنهيار تام للنظام مما أدى إلى تفكيك مؤسسات الدولة وغياب دور السلطة في مصر ،، وما بقي من تلك المؤسسات أصبح ضعيف ومهامه لاتتعدى (التفرج) في أحسن الأحوال ،، ونتيجة لذلك عم الحلل والأنفلات وأصبح القانون في خبر كان ،، فزادت نسبة الجريمة والأعتداءات والسرقة والسطو المسلح كما حصل للصاغة في منطقة الحسين ،، والذي وقفت منه وزارة الداخلية موقف (المتفرج) رغم أن كامرات المراقبة أظهرت صور اللصوص ،، وهذا دليل على ضعف المؤسسات المختصة بحماية المواطنين وفرض القانون ،، وما حصل من اجتياح (جماهيري) لملعب كرة القدم يوم السبت وتوقف المبارة بين الزمالك المصري والأفريقي التونسي يظهر حالة الفوضى التي تعم البلاد ،، والمشكلة الحقيقية ليست بمرحلة الفوضى ،، بل بما سيأتي بعدها ،، فالخوف من مرحلة الجريمة المنظمة والصراعات السياسية والحزبية ،، التي ستجلب معها اجندات خارجية واغتيالات سياسية وتصفية حسابات ومناوشات طائفية ،، ألخ ،، ولا أتردد أبداً في قول أننا على أبواب مرحلة ما بعد الفوضى ،، وما يؤكد ذلك ظهور جهات مختلفة تحاول أثبات وجودها بقوة على الساحة لتملء الفراغ الذي خلفه غياب النظام ،، وأكبر تلك الجهات وأقواها الجماعات الأسلامية المتطرفة ،، وقد ذكرنا سابقاً أن شكل الأنظمة القادمة في المنطقة ستكون أسلامية متشددة ،، حتى وإن لم تظهر معالم الجماعات الاسلامية في نظام الحكم مباشرة ،، إلا أنها ستكون صاحبة الكلمة العليا في الدولة ،، وهذا ما يريده الغرب ،، خلط السياسة بالدين تحت مظلة سلطة المتسترين بالعباءة الأسلامية ،، ولهذا سعت الولايات المتحدة الأمريكية في العراق منذ اليوم الأول للأحتلال لربط السياسة بعمائم رجال الدين ،، وعبدت الطريق أمام الأحزاب الأسلامية (التي زاد عددها عشرات المرات) للوصول إلى كرسي الحكم ،، لجعل المنطقة غارقة في مستنقع (دمج الدين بالسياسة) الذي كان الغرب غارقاً فيه قبل أن تعزل الكنيسة في الفاتيكان ،، وهذا كان متوقعاً ،، فقد ذكر سالم الجميلي (مدير شعبة أميريكا في جهاز المخابرات) عن وجود مؤشرات سابقة تدل على أن أسقاط النظام في العراق سيؤدي إلى تسلط الأحزاب الأسلامية الموالية لإيران !!،، وهذا ما حصل ،، على اية حال ،، في مصر تسارعت خطى الجماعات الاسلامية بعد خلع حسني مبارك لترتيب أوراقها وأعادة تنظيمها وفق ما تتطلبه المرحلة القادمة ،، فتحولت الحركات الاسلامية من الدعوى والأرشاد الديني إلى أحزاب سياسية بغطاء ديني ،، وقد بدأت تفرض أفكارها بالقوة والتهديد والوعيد ،، فقد منحت أحدى الجماعات مهلة محددة للنساء لأرتداء الحجاب ،، وهددت جماعة أخرى بهدم أثار الدولة الفاطمية وما قبلها ،، كذلك الحال مع التماثيل الأثرية للحضارة الفرعونية في الأقصر وغيرها التي اعتبروها مجرد أصنام لا أكثر ولا أقل ،، كما حدث في افغانستان وفجروا أثار بوذا على اعتبار انها أصنام دون الأخذ بعين الاعتبار قيمتها التاريخية والاثرية !!،، وهذا مؤشر خطير ،، ينذر بدخول مصر تحت حكم طالبان جديدة كل شيء فيها ممنوع ،، السينما والمسرح والغناء ،، ومن المؤكد السياحة ،،

 

أذن كيف سيعيش المصريون؟!،، فالدخل القومي المصري يعتمد بشكل كبير على السياحة ،، كيف سيجد (المتسترون بعباءة الدين) دخل بديل؟!،، وهنا نسأل الشباب المصري عن مطالبهم التي خرجوا منتفضين من أجلها ،، هل ستتحقق بهدم الأثار وتقليص حركة السياحة ؟!،، وهل يتم الأصلاح بفرض أفكار الجماعة بالتهديد والوعيد ؟!،، وهل سيكون بمقدور المصري أن يعبر عن رأيه بصراحة ويقول للجماعة أنكم لا تمثلون الأسلام الحقيقي!! ،، في إيران قالوا أن دكتاتورية الشاه منعتنا من حرية الكلام ،، لكن اليوم تفاجئوا بأن من يتكلم يتهم بمعارضة الله سبحانه وتعالى!!،، فهل ستكون في مصر تهمة مماثلة؟!،،

 

على العموم ،، كان التغيير في مصر ضروري ،، ومحاسبة المقصرين مطلوب ،، لكن ليس بالشكل الذي افقد الدولة هيبتها وجعل مؤسساتها ضعيفة إلى الدرجة التي لاتستطيع حماية المواطن والحفاظ على تاريخه.




بلال الهاشمي
باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي
http://bilalalhashmi.blogspot.com
alhashmi1965@yahoo.com

٠٣ / نيسان / ٢٠١١

 

 





الاحد٢٩ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.