شبكة ذي قار
عـاجـل










يوم الاثن...ين 27 جوان الجاري لن يكون يوما عاديا بالنسبة للتونسيين. المسالة ليست لها علاقة مباشرة لا بحكومة الباجي ولا بالهيئة العليا ولا بالانتخابات. انها وبكل بساطة تاريخ انطلاق اكبر هجمة شرسة ستتعرض لها البلاد ومصالحها العليا من طرف الماسونية وما ادراك ما الماسونية. هذا التنظيم السري العالمي الذي ارتبط اسمه تاريخيا بالمؤمرات الهدامة والفوضى والخراب والاستيلاء على كل الثورات الشعبية يعلن على الملأ وتحت مراى ومسمع من الجميع ودون تستر أنّ اول اجتماع عام لمحفل تونس الماسوني سيكون يوم 27 جوان الجاري.

 

والمصيبة ان البلاغ الذي رافقه إنشاء صفحة خاصة بالمحفل المشبوه صدر على الفايسبوك وعلى المدونات المرتبطة بالماسونيين وتضمّن التاريخ والمكان والزمان والمعنيين بالحضور و موضوع الاجتماع. وهنا يستحضرني سؤال جوهري الى السيد الباجي والى السيد الحبيب الصيد وزير الداخلية. كيف تم الترخيص القانوني للمحفل الماسوني بتونس؟ لماذا لم تنشر الوزارة بيانا في منحه الترخيص كما جرت العادة بذلك؟ ثم لنتساءل كيف لوزارة الداخلية ان تمنح الترخيص لمجموعة لا تخضع لقانون الجمعيات لانها تفرض السرية المطلقة على نشاطاتها وتمنع الغرباء من معرفة ما يدور بداخلها كما انها لا تقبل النساء وتوجب على الجدد طقوس غامضة فيها شرط يوجب العقاب والحظر وهو التعهد بعدم البوح باسرار التنظيم وإلا عرّض نفسه للقتل من ابناء المجموعة؟ ام ان المحفل الجديد يعمل دون وجه شرعي ودون إعلام مرجع النظر وترخيصه وستكون حينها الطامة الكبرى؟ أم انه كان ينشط بترخيص مع التستر على انشطته؟ هنا المصيبة اكبر، فاذا كان كل من بورقيبة وبن علي وهما من هما لم يسمحا للماسونية بالظهور العلني فكيف يسمح لهما وزير اول حكومة الثورة؟ هل افتراض وجود علاقة ما بين حكومة الباجي ومن قبله الغنوشي والماسونية افتراض بعيد عن الواقع؟ عندما تكلمنا في مناسبة اولى عن خطر الماسونية على ثورة تونس اتهمنا البعض بالخيال المؤامراتي المريض ثم قمنا في مقال ثان وثالث (Eclaireur Tounsi ) بتناول الابعاد الخطيرة للزيارة التحضيرية لوفد المحفل الماسوني بباريس الى تونس يوم الاثنين 11 افريل الماضي قصد تركيز مقر دائم لمحفل تونسي كل ذلك كان للفت نظر شباب الثورة والشعب التونسي الى الخطر الداهم الذي تمثله تلك المنظمة خفية النشاط غامضة الاهداف. وتجدر الاشارة هنا الى أنّ نشاط الماسونيين لم ينقطع بتونس طيلة الاشهر الماضية حيث كانوا يجتمعون كل يوم 13 من كل شهر بضاحية المرسى بالمقر الرئيسي لجمعيات الروتاري بتونس وكان يحضر معهم وهو الخطير وفد منظمة ايفاس الامريكية وممثلين عن سفارة فرنسا بتونس. تلك الاجتماعات كانت مستترة وبعيدة عن الاضواء اما الان فالوضع تغير كثيرا. إذ بداية من 27 جوان الجاري ستكون الاجتماعات معلنة وفي مقر منفصل يحتضن المحفل الماسوني التونسي بحي النصر 2 باريانة وبتاريخ شهري معلن وهو الاثنين الاخير من كل شهر. سؤال يتبادر للذهن : ما معنى التنسيق بين ايفاس والماسونيين التونسيين والسفارة الفرنسية؟ ومن هي ايفاس؟


ايفاس هي في المعلن منظمة امريكية تمولها الحكومة الامريكية تهتم بالانتخابات في كل بلاد العالم النامي تنظيما وإجراء و تشريعا وهي في حقيقتها ذراع من اذرع المخابرات الامريكية وتتبع المنظمة القومية الامريكية التي تعرف بـ " ن.ا.د. " وكلا منهما يعمل على الاتيان بحلفاء للولايات المتحدة وللصهيونية عبر التدخل الخفي في الانتخابات . منذ سنوات قلائل تم فضح دور ايفاس الخفي في انتخابات جيورجيا واوكرانيا وهايتي وغيرها من مناطق العالم (اوروبا الشرقية واسيا الوسطى) . اسس ايفاس جورج بوش الاب وتشرف على هيكلتها وتمويلها الحكومة الفيدرالية . ما علاقة كل ذلك بتونس؟ هنا نمر الى صميم الموضوع. ايفاس دخلت تونس مباشرة بعد الثورة موفدة من حكومة واشنطن وبتنسيق كامل مع حكومة الغنوشي.

 

ماذا اكتشفنا؟ إنّ كل التوصيات التي اقرتها تقارير ايفاس المرسلة الى واشنطن حول تونس والصادرة في 5 فيفري قد طبقها الباجي الذي تسلم الوزارة الاولى في 28 فيفري بحذافيرها . من بين التوصيات تشكيل هيئة لمناقشة القانون الانتخابي وتشكيل لجنة مستقلة تشرف على الانتخابات واعتماد المناصفة بين الجنسين واقتراح عياض بن عاشور بالاسم ليشرف على صياغة القانون الانتخابي الجديد. واما وثيقة العهد الجمهوري فكانت من اقتراح منظمة فريدوم هاوس التي تكلمنا عنها مطولا في مقال سابق (مقال على صفحة اكليرور تونسي، 7 جوان) وهي منظمة تعمل بتوصيات الاستخبارات الامريكي وكان قد فرض الامضاء على تلك الوثيقة المشبوهة مدير البرامج الاقليمي بالمنظمة وهو عضو الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة. إن الاجتماع المزمع عقده في 27 جوان الجاري هو صفحة سوداء في تاريخ تونس مفرداتها مخيفة كالمجهول والخراب والفوضى وهو في خطورته شبيه بالمؤتمر الافخارستي الذي قاوم انعقاده المناضلون الشرفاء ايام الاستعمار الفرنسي و المفارقة المضحكة المبكية انه كيف يتسنى للتونسيين مقاومة الافخارستي ايام فرنسا ولا يستطيعون مقاومة انعقاد المحفل الماسوني زمن الاستقلال وايام الثورة والحرية؟ ان 27 جوان هو انطلاقة محمومة للدسائس والمؤامرات والمخططات المريبة المرتبطة بالاستخبارات الامريكية والصهيونية . كل هذا يوحي بصدق ما قاله كثر من ان الحكومة الحالبة والسابقة مخترقة وبان الهيئة العليا مخترقة وبان لجنة الانتخابات مخترقة فماذا بقي للتونسيين ؟

 

في الختام تجدر الاشارة الى ان عضاء المحفل الماسوني التونسي سيتكوّن من مديري واعضاء نوادي الروتاري وتامينات الليونز ورجال اعمال كبار - لا ننسى المصادر التي اشارت الى الارتباطات الماسونية لكمال اللطيف منذ السبعينات- وديبلوماسيين ووزراء سابقين واكاديميين واعلاميين ورجال قانون وعلم اجتماع وسفراء سابقون باليونسكو وموظفون سامون بالامم المتحدة ومديري بنوك وباحثين بمراكز بحث اجنبية ويبدو ان دائرة المنخرطين ستتسع وسيتسع معها الخطر الداهم. واذا كان ارتباط بعض الاعلاميين بقناة نسمة بالماسونية امرا مفهوما لطبيعة تمويل القناة فما لا نيستطيع ان نفهمه كيف لصحفية بدار الصباح وبجريدة لوطون ان تكتب مقالا طويلا عريض للدفاع عن الماسونية ولتبرئتها من التهم الثابتة عليها. المقال موجود والصحفية اسمها هاجر عجرودي والعدد لـ 24 افريل الماضي هذا الذي اصبح يزين الان الصفحة الرسمية لمحفل الشرق العظيم ببيروت والصفحات الفرنسية التابعة للماسونية. وللتاريخ على التونسيين الا ينسوا ان الوزير الاكبر الذي مهد لوثيقة الاستقلال ببنودها السرية التي لم يكشف عنها حتى الان والذي هيأ عودة بورقيبة في 1955 لم يكن الا محمد صالح مزالي احد اكبر اعضاء الماسونية انذاك. قد يعيد التاريخ نفسه ولكن علينا ان نتذكر ان هذه المنظمة تعادي كل خط وطني حقيقي وتعمل بالتالي على الارتهان بالقوى الكبرى والصهيونية العالمية وتركز دائما على إيصال احد اعضائها او اكثر الى السلطة ولن يكون اختيار الشعب الا آخر اهتماماتها. في كلمة ثورة الااحرار في تونس سرقها البناؤون الاحرار .

 

 





الاربعاء١٣ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الناصر خشيني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.