شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ اشتعال الاحداث انخرط اغلب المثقفين والمتابعين في دعم الثورة في ليبيا تقديرا لحق الليبيين المقدس في الديمقراطية وفي التحديث السياسي والخدمي والاعلامي والاجتماعي. كان الموقف يتمثل في التحاق ليبيا بمصر وتونس وامل في التحاق اقطار عربية اخرى بليبيا ومصر وتونس ونشوء طبقة سياسية عربية جديدة تقود بلدانها الى فضاء الحرية الرحب. لكن الجميع صدم من معطيات مريبة تدفع الى مراجعة الدعم والآمال على اساس ان مايحدث ليس ثورة من اجل الديمقراطية بل حرب استعمارية لاهداف امنية وسياسية واقتصادية استراتيجية بالغة الاهمية :


- * توخي قناة الجزيرة اعلاما حربيا بدل الاعلام الاخباري. تجاوز تقاريرها نقل الاحداث كما تجري الى صناعتها وتمطيطها وتعديلها وتزييفها وتنزيلها في سياقات ميدانية مخالفة لسياقاتها الطبيعية. فشاهد العيان صار مراسلا اخباريا . الثوار صاروا منذ الايام الاولى على ابواب طرابلس ولا زلنا ننتظر دخولهم اليها !!، القذافي صار وحيدا بعد ان انفرط عقد قياداته وفي كل نشرة اخبار تعلن الجزيرة ان دائرة الحبل تضيق على رقبته !!. صنعت الجزيرة صورة مزيفة عن الميدان .صنعت جرائم اغتصاب " كتائب القذافي " ومن ثمة صنعت موقفا دوليا قضائيا ازاءها .صنعت اقصوصة المرتزقة الجزائريين والافارقة . صنعت اقصوصة ضرب القذافي "للمتظاهرين السلميين" بصواريخ مضادة للطائرات!!. صنعت محللين سياسيين وقادة "ثوار" وفتحت لهم ابواب قذف الجمهور العربي بالحقد والجهل والكذب والمغالطات. وصنعت مع الديبلوماسية القطرية عزم الغرب على اشعال ليبيا وقطف الثمار بالمجان ودون ان يدفع فلسا واحدا.


هل رايتم الجزيرة يوما تستضيف او تجري مقابلة على الهواء مع مسؤول حكومي او عسكري ليبي .. بينما تطوي الحرب الاهلية شهرها السادس ؟!! .. هل رايتموها تستضيف او تجري مقابلة على الهواء مع محلل سياسي مناهض للحرب على بلاده ؟!! .. هل رايتموها تنقل شيئا عن جرائم الساركوزيين وتمثيلهم بالجثث او عن انحرافات "قياداتهم الثورية" ؟!! .. هل بثت الجزيرة يوما تقريرا عن المخاطر الجيوسياسية او حتى الاجتماعية والبيئية للحرب الاطلسية على ليبيا ؟!! .. اين الانصاف ؟؟ اين النزاهة ؟؟ اين الحياد الاعلامي ؟؟ اين الوطنية ؟؟


لذلك .. مايجري في ليبيا ليس نضالا مشروعا من اجل الديمقراطية.


- * الطابع السلمي " للثورة " لم يستمر الا بضعة ساعات. اكتشفنا ان " الثوار " انقلبوا على الفيسبوكيين ونزلوا الى الشارع يوم 15فبراير بعد ان كان النزول مقررا يوم 17فبراير، بآلاف من اعلام الملكية السنوسية التي اعدتها شركة اسرائيلية متخصصة في صناعة الاعلام بحسب ماتسرب من الصحافة الاسرائيلية لاحقا. اقتحموا الثكنات . قتلوا الجنود ومثلوا بالجثث. استولوا على الدبابات وغيرها من الاسلحة الثقيلة. صاروا جهة مسلحة وصارت " الثورة " حربا او نزاعا مسلح .. وحين تتحول "ثورة " شبابية يفترض انها تكونت في رحم الفيسبوك الى حرب تدرك انه ثمة جهة دولية ما اعدت ومولت ونفذت ! او انه ثمة جهة دولية ما يستجيب النزاع المسلح الى مصالحها وتطلعاتها ومن واجبها الامساك بخيوطه !


ليس ثمة جهة دولية مستعدة للانخراط في صراع مسلح من اجل الديمقراطية .. عالمنا ليس ملائكيا !!


- * نزول الحلف الاطلسي بكافة امكانياته العسكرية الى ميدان النضال من اجل " الديمقراطية " في ليبيا امر يثير الريبة بدوره. الاطلسي الذي اعاد العراق الى العصر الحجري. الاطلسي الذي يدير حربا على شعب افغانستان البدوي والفقير منذ مايزيد عن العشر سنوات. الاطلسي الذي يمثل الضمانة الاولى والاساسية لامن اسرائيل ويحرس نموها السرطاني في رئة الامة . الاطلسي الدي حولته امريكا والغرب الى عصا تنهال بها على كل من يمثل تهديدا ولو رمزيا لمصالحها. حولت الامم المتحدة الى اداة سياسية عقابية ثم حولت الاطلسي الى اداة للامم المتحدة وصار الاطلسي يستظل بالامم المتحدة كلما طرح مشكل الشرعية في تدخلاته الوحشية والظالمة!. ويقول الاعلام الحربي للجزيرة ولغيرها- كما يزعم قادة الاطلسي- ان الهدف هو حماية المدنيين !!!.


شعب العرق الذي يقذف بالقنابل الاستراتيجية التي تذيب الحديد ليس بمدنيين ؟؟!! راينا لحم البشر مختلطا مع لحم الكلاب والابقار وركام البيوت في عراق السيف والقلم ، عراق الثقافة والفن والمثل الانسانية العليا والهمة. شعب افغانستان تطحنه يوميا صواريخ الطائرات المسيرة ويضحى بالاطفال والشيوخ والعجز .. هؤلاء ليسوا مدنيين ؟!!. شعب فلسطين يسلب حقه في ارضه وسيلب حقه في الحياة وتعيش اجياله في المخيمات والتشرد لاكثر من ستين عام .. بينما الغرب يتحث عن امن اسرائيل كثابت بنيوي في ثقافته وفي سلوكه السياسي !!


لم يكن تدخل الاطلسي في ليبيا لاجل حماية المدنيين ولا لاجل الديمقراطية .. ولا حتى تتطييبا لخاطر الشيخ موزة زوج الشيخة حمد !!


- * المعطى الرابع الذي يثير الريبة مما يجري هو انفلات الفتاوى السياسية المريبة. هيئة الافتاء في السعودية تقول ان القذافي مدعي النبوة(!!) ومحاربته جائزة شرعا. وتقول ان الغرب بشر والاستعانة بالبشر ضد البشر جائزة شرعا !!. احد شيوخ الرذيلة في ليبيا يقول ان الاطلسي هو الطير الابابيل الذي ارسله الله لتدمير جيش ابرهة /القذافي !!. الحركات الاسلامية في الوطن العربي صارت تتحدث عن ثورة اسلامية في ليبيا بمقتضاها دخلت في مرحلة تحالف مع الاطلسي والغرب الاستعماري وهي تدفع بمقاتليها الى ليبيا وسوريا لمحاربة الكفر.


حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه مامعناه ان تدمير الكعبة اهون عند الله من ان يقتل مسلم مسلم .. فاستغفروا الله يا شيوخ الافتاء واتقوه رحمة بالامة وبحياة ابنائه .. ان اطلاق صفة الكفر على الشهيد صدام او على القذافي هو تدخل في تقدير يعود لله سبحانه وتعالى وحده ، فهو الاعلم بكفر الكافرين وايمان المؤمنين ونفاق المنافقين ، مايمكث في الارض وما يغرب في السماء !


- * خارطة المواقف الاقليمية ازاء مايحدث في ليبيا لاتتحدد بحسب الموقف من الديمقراطية بل بحسب درجة الولاء لامريكا والغرب. تاملوا موقف حكومات الخليج التي ينتقل فيها الحكم بحسب الوراثة ولا يمكن فيها الا تداول صناديق المصوغ والعطايا والاموال ! .. انظروا البورقيبيين في الحكومة المؤقتة بتونس كيف استعادوا العمالة للاجنبي وارث خلع الانتماء العربي والاسلامي ففتحوا الابواب امام الصهيونية وامام الحراك المضاد لاستقلال ليبيا ووحدتها. كيف هو موقف الجامعة العبرية وعميلها المخلوع عمرو الطماع في حكم مصر العروبة ؟! .. تمرير ملف ليبيا لمجلس الامن وللاطلسي!!


الاطلسي سيهزم في ليبيا باذن الله . ليبيا ستبقى حرة وموحدة . وعلى كل من ظل على عناده وضلاله ان يراجع موقفه ويتامل المشهد مفصلا مفصلا . فالديمقراطية هي الحق الذي اريد به باطل . وحين تمتزج الديمقراطية بالباطل لن تضل على نقائها . لانريد ديمقراطية بالدم والخراب والعمالة والتبعية. نريد حياة لايصوغها الاجنبي.


whamed6@gmail.com

 

 





الاحد٠٩ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الهادي حامد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.