شبكة ذي قار
عـاجـل










انخفض عدد الفلسطينيّين في العراق من 34 ألفا إلى 6 آلاف لاجئ فقط في غضون سنوات الاحتلال الأمريكيّ التسع. بعضهم حطّت به رحلة اللجوء في البرازيل، وبعضهم الآخر في الأرجنتين .. وكثير منهم ما زال قابعا في أحد المخيّمات على الحدود مع سوريا أو الأردن..
ضاقت بهم أرض العراق بعد أن كانت لهم ظهيرا وملاذا.. وغدر بهم الشقيق قبل الصديق.. وعجز شرفاء العراق عن حمايتهم، فحملوا حقائب الرحيل.. وشرعوا في سفرة تيه جديدة.
من شتات إلى شتات.. ومن لجوء إلى آخر..
ذلك شأن الفلسطينيّين منذ نكبوا.. وذلك شأنهم منذ انتكسوا..


في العراق المحتلّ يتعرض الفلسطينيّون لسلسلة من الانتهاكات التي تطال حقوقهم المدنيّة والقانونيّة، مثلما يتعرّضون للتضييقات والملاحقات التي تصل حدّ استهداف ممتلكاتهم وأرواحهم.
عماد عبد الرحمن حمّاد آخر الضحايا الفلسطينيّين في العراق.. اعتقلوه.. وعذّبوه.. ثمّ قتلوه.
تهمته الكبرى أنّه.. فلسطينيّ!!!! وعليه أن يدفع ثمن فلسطينيّته على أيدي مغاوير الداخليّة "الأشاوس".
لن يكون عماد الضحيّة الأخيرة لهوس السلطات العراقيّة بالدم العربيّ. وبالتأكيد لن يكون الحلّ في تعهّدات يقطعها الطالباني أو المالكي للسلطة الفلسطينيّة أو المنظّمات الدوليّة.. فلطالما تعهّد هؤلاء وغيرهم بتوفير الحماية للفلسطينيّين.. لكنّهم لم يفعلوا.. ولن يفعلوا.


المشكل بالنسبة إلى الذين هُجّروا من العراق إلى داخل الأراضي السوريّة والأردنيّة أنّهم لا يتمتّعون في مخيّماتهم الجديدة بصفة "لاجئ". وهذا يعني أنّهم ليسوا مسجّلين أو مدرجين على قائمات اللاجئين، فلا الجهات الفلسطينيّة الرسميّة تتحمّل مسؤوليّتهم، ولا المنظّمات الإنسانيّة الدوليّة تعترف بوجودهم القانونيّ وتضمن لهم حقوق اللاجئ مثلما تنصّ عليه المواثيق الدوليّة.


كأنّه عزّ على هذه الجهات أن تمنحهم "شرف" اللجوء!!!
هم "بدون" فلسطين.. لا يطالبون بحقّهم في المواطنة، فذلك أمر بعيد..
إنّهم يطالبون بحقّهم في اللجوء، أي الاعتراف بهم لاجئين مع ما يترتّب عن هذا الاعتراف من بعض حقوق.. تكفل لهم بعض حياة...
السلطة الفلسطينيّة في رام الله، والحكومة الفلسطينيّة في غزّة كلتاهما تتعاملان مع موضوع اللاجئين الفلسطينيّين في العراق وكأنّه شأن يخصّ أصحابه دون سواهم.. فهم المسؤولون عن شتاتهم.. وعن تشرّدهم.


هؤلاء الفلسطينيّون يطالبون فقط بالاعتراف بهم "لاجئين". وهذا يقتضي من سلطتي غزّة ورام الله تمكينهم من الإقامة القانونيّة ومن الوثائق الإداريّة التي تقنّن وجودهم وتمنحه شرعيّة تنأى بهم عن كلّ أشكال الضغط والابتزاز والملاحقة التي تنتهك كرامة المرء وتصادر حرّيّته. ذلك أنّ حماية هؤلاء اللاجئين تُعتبر مسؤوليّة أخلاقيّة إضافة إلى كونها مسؤوليّة سياسيّة وقانونيّة تقع بالأساس على عاتق ممثّلي الفلسطينيّين قبل أيّ طرف آخر.


على أنّ هذا الجهد الوطنيّ الضروريّ لا بدّ أن يرافقه جهد إقليميّ دوليّ يخصّ منظّمة التعاون الإسلاميّ والمفوّضية السامية لشؤون اللاجئين (الأنروا)، ذلك أنّه لا يبدو أفق إنسانيّ واضح للمأساة التي يعاني منها فلسطينيّو العراق. بل نعتقد أنّ الرهان على الأمل في عودة الرشد إلى الحكومة العراقيّة أشبه ما يكون بمطاردة وهْم لأنّ ما يتعرّض له أشقّاؤنا هناك إنّما هو جزء من حملة ممنهجة لتهجير من تبقّى منهم تحت ذرائع شتّى وبأساليب تتفنّن القوّات الأمنيّة الحكوميّة في تطويرها وابتداع الجديد منها كلّ يوم.


على أنّ كلّ هذا لا يجب أن يُغفل دور منظّمات المجتمع المدنيّ ووسائل الإعلام في إثارة هذه القضيّة ومنع اتّساع رقعة معاناة فلسطينيّي العراق، وتسليط الضوء على هذه المأساة حتّى لا ننتقل بعد فوات الأوان من الصمت والغفلة إلى الرثاء والعويل.



akarimbenhmida@yahoo.com

 

 





الثلاثاء١٤ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب عبد الكريم بن حميدة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.