شبكة ذي قار
عـاجـل










لما كان هذا الدستور المهلهل مليء بالألغام والمطبات والثغرات حسب اعتراف حتى من كتبه ودافع عنه بشتى الوسائل فلماذا الاحتكام إليه.!؟ والشيء الأخر لماذا وافقت المرجعيات الدينية وباركت لهكذا دستور ملغم ينتهك حقوق الناس دون وجه حق.!؟ هل إنها وافقت عليه لأنه تضمن مدحا لها في ديباجته وقدحا وإقصاء للآخرين.!؟ وهل تعلم المرجعيات والقوى السياسية التي باركته إنها تتحمل المسؤولية أمام الله وأمام الشعب على كل ما يحصل في العراق اليوم من مصائب وآلام حلت بالعراق وشعبه الجريح نتيجة ثغرات هذا الدستور وبنوده المبهمة التي تفسر وفق لأهواء من شارك في إعداده وترجمته ؟


قلنا ولأكثر من مرة في مقالات سابقة بان الدستور المهلهل الذي يتباهى به العملاء انه مجرد وثيقة تقاسم وتحاصص على كل شيء على السرقات وإثارة النعرات الطائفية والعرقية وسرعان ما يتنصل من هذه الوثيقة إطراف شاركوا في صياغته " بل بترجمته" لأنه مصاغ أصلا ومعد من قبل أمريكا والصهيونية وإيران على تدمير العراق وتقسيمه بعد أن تم تثبيت الفيدرالية وجعل العراق بلد يتكون من أقاليم عدة، وهذا طرحا أمريكيا واضحا منذ التسعينات يؤكد على تنفيذه وتعميمه على كافة الأقطار العربية بدون استثناء. واليوم ما يؤيد صحة قولنا هو تنكر المالكي للفيدرالية ولتشكيل الأقاليم ألمثبته في دستورهم الهزيل الذي يحتكمون إليه وفق بنود تتفق مع مصالح هذه الكتلة أو الائتلاف ويختلفون على أشياء أخرى لاتنسجم ومصالحهم الأنانية والطائفية الضيقة وبالتالي فهو تنصل واضح من بنود دستورهم الذي اعدوه وخير دليل على ذلك هو رفض رئيس حكومة المنطقة الخضراء مطالب بعض مجالس المحافظات في إقامة الأقاليم رغم إنها ثبتت في دستورهم المهلهل..!! حيث ورد في البند المتعلق بالأقاليم الوارد في الدستور " أن النظام الاتحادي في العراق يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية"، أما سلطة هذه الأقاليم فقد جاءت على الشكل التالي: "السلطة التشريعية تتكون من مجلس واحد يسمى المجلس الوطني للإقليم وينتخب أعضاؤه من سكان الإقليم، ولحكومات الأقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتخصص لها حصة عادلة من الإيرادات المحصلة اتحاديا للأقاليم تكفي للقيام بأعبائها وواجباتها مع اخذ مواردها وحاجتها بعين الاعتبار".


حيث إن تقسيم العراق اليوم حسب ما ورد بهذا الدستور يتطابق بشكل كبير مع ما جاء في الوثيقة ألموقعه بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل عام 1996 والتي كانت تحت إشراف رئيس الوزراء" الإسرائيلي" الأسبق"بنيامين نتنياهو" وأبرز مهندسي الحرب على العراق (ريتشارد بيرل) ومن ضمن ما ورد في هذه الوثيقة احتلال العراق وإقامة أربعة قواعد عسكرية أمريكية كبرى، تمكن أمريكا من السيطرة العسكرية التامة على النظام العراقي، بالوقت نفسه تشكل هذه القواعد تهديداً دائماً لبعض دول الجوار العراقي، كذلك ورد بهذه الوثيقة موضوع تقسيم العراق إلى فدراليات متعددة، و تعميم هذه الفيدرالية على عدد من الدول الأخرى، أبرزها لبنان وسوريا والسودان، وربطت نجاح هذه الفيدرالية بمدى فاعلية اشتعال الفتن الطائفية في هذه الدول خصوصا العراق وسوريا ولبنان لان في هذه الفيدرالية ضمانة لأمن " إسرائيل"، و تفتيت ثروة العراق النفطية لمنعه من أن يكون قوة اقتصادية وعسكرية في المنطقة منافسة "لإسرائيل"، كما كان حاله أواخر الثمانينات حيث شكل العراق رابع قوة عسكرية في العالم في ذلك الحين، لذلك فأن وجود بلداً موحداً كالعراق سيشكل تهديداً حقيقيا للمصالح الأمريكية وأمن "إسرائيل"، أما إذا جرى تقسيمه إلى فدراليات ستكون "إسرائيل" القوى الأبرز بدون أي منافس لها في المنطقة، وهذا ما حصل ويحصل اليوم في العراق وسوريا والسودان وغدا في لبنان.


ومن كل ماتقدم نجد إن الحديث عن فيدرالية وأقاليم كما ورد في "مسودة الدستور العراقي"، إنما هو خضوع كامل للإملاءات الأمريكية و"الإسرائيلية" ولا يخدم بشكل أو بآخر إلا هاتين الدولتين، وسيكون له مضاعفاته وتداعياته على الأمة العربية بأسرها، لأنه سيشكل مشروع تقسيم عربي يخدم المصالح الأمريكية و"إسرائيلية" يبدأ من العراق.

 

 





الاربعاء٢٢ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زيد احمد الربيعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.