شبكة ذي قار
عـاجـل










 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) ! أذنٌ تسمع مرهوبة وعين تدمع مرعوبة ، وشوارب تهتز لنداء شيخ الأسرى طارق 2 ، جموع تتزاحم بنادقها من شرفات المساجد ، تتدفق نهرا كاسحا يقضم الجبال ويهرس تضاريس العوائق ، تنتظر ( أمر ) أخو هدلة الأحمر الشوارب 3 ، الساجد لله الواحد .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) أذرع تحيل أصابعها في ليل بهيم إلى شموع عاشقات ضوء يوقد المحارق ، تتراكم الملايين فيلقا إثر فيلق ، وفرقة إثر فرقة ، وعيون جنودها مسمرة على ماجدة تزينت وتجملت بالزيتوني تكمل تدريع صدرها قبل تسلق الدبابة .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) فتيان ( القرنة ) 4 يستلمون الرايات من ( ابن ربيعة ) المكتنز بحب العراق ، ويتمددون في الخنادق ، منتظرين شيطاناً لعنه الله قد يتسلل من فجوج المشارق 5 ، وآذانهم مفتوحة على وسعها تتسمع صرخات نجدة من فم كممته عصابات البيادق .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) ، شهقة شهيد حي يزرع ابتسامة عيد وهو يتلاشى في حضرة الخالق ، عينه تدمع ولسانه يدندن كلاما في عشق الله بلا حروف ولا لواصق ، وقلبه يهفو لفتاة في دار الفناء مسحوراً بتيه العاشق .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) وجع كنهش الرواشق ، ودملة تكبر في بطن عطاشى صحارى الطوارق ، ليل استعمره سواد شيطان ، جاءنا يحبو من رحم الخطيئة ، أطفأ عينا كانت تحرس بيوت الساجدين في حضره العزيز القهار ، عين كانت تبقي ضحكة الأطفال مجلجلة ، عين تبقي خدر الماجدات لحنا ملائكيا نسمعه ولا نراه الاعندما نغمض العين ونفتح العين الثالثة ، في لحظة غفلة وفي رشقة قوة ماحقة، اتانا ظلام من قم وتوأمها البيت الأبيض، غزانا في بيتنا الآمن ، فطارت الحمائم التي فرّخت في حوش بيتنا لأنها لا تأمن إلا جنود محمد ، هربت مذعوة تاركة أفراخها في أحضان الشيطان ، فقأت حدقات الأطفال بمخارز فارسية الصنع ، وأحرق خدر ماجداتنا بليزر مصنوع في مانهاتن ، منذ ابتلع العراق نغل اسمه بوش ، لكن لعنة العراق تحل ، مهما طال الفراق ، فنبتت أشواك نخيل العراق في بطن بوش، خرمت كرشه وقوضت عرشه ، فنزف دما وتدحرج جسدا نافقا ، ورمته رماح العراق جيفة بعد أن انتحر عند بوابات بغداد كما تنبأ جلجامش في مزامير الخلود ، وبدأ عهد النور فجر يوم بدد جيوش الدجال الأعور المارق .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) يوم يخرج اطفال العراق يلملمون ( قوانات ) 5 البنادق ، بقايا طلقات الخارق ، والحارق ، لا خوف يعشش في عيونهم من دجال منافق ، يرقصون طربا على نغم الدوشكا 6 يغنون ليومنا الاتي ، ويطعمون جنودنا القادمين من بطن الأرض وأياديهم مشغولة بالزناد ، الحلوى بأياديهم الصغيرة ، والماجدات يملأن الشواجير 7 الفارغة بالرصاص خلف متاريس جيش محمد وهو يصنع الخوارق .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) بيارق تلو بيارق من المغارب الى المشارق ، من تطوان ووهران والقيروان وأم درمان تتدفق انهار عشق البعث والأوطان ، ومن صعيد مصر إلى شنقيط إلى بيت عمر المختار يأتينا مدد الرحمن ، ومن القدس ومن بعلبك وساحة ميسلون يرسل الله جنوده ، ملتحقين بجيش محمد وهو يحاصر جنود الشيطان في المنطقة الخضراء الموبوءة بجيف الضربان 8.

 

و ( الطارق وما أدراك ما الطارق ) قمر بغداد يقيم مأدبة مسكوف من جثث النواعق ، فيحصن الله حدوده ، يأمر ملائكته بزرع الطمأنينة في قلوب جنوده ، الزاحفين على وكر الشيطان ، يأمر ملائكته : فجروا ضحكات أطفال يطعمون جنوده ، أطلقوا شلال حليب ماجدات ينتظرها أطفال جياع أبوا إلا ّ أن يشاركوا في وليمة افتراس الشيطان في المنطقة الخضراء ، رغم إنهم مازالوا بلا أسنان ! لكنه الرحمن ، سخَّر جنوداً لا تراهم إلاّ عين مجاهد لإيقاف الرضع على قوائم ملائكية .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) بنادق إثر بنادق وآلاف الرواشق تعقب مئات الرواشق ، ومليون مرافق ، ينتظرون مهديِّنا المنتظر ، ينتشرون في الساحات الواسعة والأزقة العتيقة ، يحمون حدقات صبية تعملقوا وانخرطوا في جيش محمد وبيدهم هدية الله معجزات الصواعق .

 

و( الطارق وما أدراك ما الطارق ) اقترب صباح الخوارق ، أيها الرفاق أينما كنتم في كل المناطق : ليل بغداد البهيم نُحيلهُ غداً، ظهراً مشرقاً حينما تتعالى فوق ( جبل بغداد العالي ) 9 صرخات جهاد فتية جيش محمد المتلفعين براية النقشبندية ، وعندها يبدأ قدح الصواعق ، تخرج العجائز جدات قمر بغداد يقاتلنَ بسكاكين المطابخ وبالملاعقْ ، وعصف نهار العراق المتلألىء يسوي الأرض لتمر جيوش صحابة يزرعون البسمة في عين طفلٍ غادرته حينما حل عصر المشانق .

 

أنا الشهيدة نوشة الشمري ،

أنا الشهيدة وداد الدليمي ،

 

ننهض من رمسينا الآن ، ومعنا آلاف الشهداء، نتحلق حول منصة شنق فيها مهديّنا المنتظر، قمر بغداد الذي نراه وهو يُبعث من جديد كتموز ، فتياً لا يهاب ظلمة القبر ، تطربه أهازيج الدوشكا وزغاريد صواريخ الحسين ، نبدأ بإلقاء البيان الأول لتحرير العراق ، تهرب صراصير قم وخنازير البيت الأبيض تختبىء في مخازن تتراكم فيها فضلات البشر ، حيث كانت تعود ، يقف طفل لفحتة شمس بغداد فتلون وجهه بسمرة قائد عتيق مات منذ ألف عام ويضع قدمه فوق غطاء مخازن فضلات البشر ويقول : هذا مكانك الأبدي ولن تخرجي بعد الآن .

 

نعلن عثور جلجامش على نبتة الخلود ، يجلجل صوت ترتعد له فرائص بيت أسود في قم وآخر أكثر سوادا في وكر الشيطان أمريكا ، وتتردد في جنبات بغداد أصداء الصوت القادم من عبق أنفاس الشهداء : جيش محمد عاد ... إنه يقاتل في بغداد ، وبيد قمر بغداد ترفرفُ راية ُ النقشبندية 10 الممهورة بأشرف عبارة : الله أكبر .

 

1- الشهيدتان نوشة الشمري ووداد الدليمي أول شهيدتين فجرتا نفسيهما في جنود الاحتلال الأمريكي وقتلتا عدداً كبيراً منهم وكانتا من بين مناضلات البعث العظيم .

2- شيخ الأسرى الرفيق طارق عزيز فك اللهُ أسره عضو القيادتين القومية والقطرية للبعث .

3- الأحمر الشوارب هو المعتز بالله أمير الجهاد عزة إبراهيم .

4- القرنة منطقة التقاء دجلة والفرات في جنوب العراق حيث تتعاظم المقاومة الوطنية المسلحة ضد الاحتلالين الأمريكي والإيراني .

5- القوانات في اللهجة العراقية ظروف الرصاص المستعمل الذي يرمى بعد إطلاق الرصاص . وجرت العادة أن الأطفال يتراكضون لجمعه واللعب به .

6- الدوشكا المدفع الرشاش المنصوب فوق ظهر الدبابات الروسية .

7- الشواجير جمع شاجور وهو مخزن رصاص المسدس أو البندقية .

8- الضربان حيوان تعد رائحته الاكثر ازعاجا في العالم .

9- جبل بغداد كناية عن عظمة بغداد التي تضاعفت بالمقاومة المسلحة ، لان بغداد مدينة مسطحة لا تلال ولا جبال فيها .

 

10- النقشبندية هو جيش رجال الطريقة النقشبندية وهي فرقة إسلامية صوفية شرفت الإسلام بتحولها إلى أعظم وأقوى وأهم جيوش تحرير العراق من الاحتلال ، ومن مظاهر عظمتها إنها أعلنت انها تقاتل في سبيل الله وتحرير الوطن وليس من أجل السلطة ولذلك جددت مبايعتها للرئيس الشهيد صدام حسين رئيساً للعراق قبل استشهاده ثم بايعت خليفته الشرعي عزة إبراهيم قائداً ورئيساً للعراق ووضعت قواتها المسلحة تحت إمرة عزة إبراهيم ، وجيش رجال الطريقة النقشبندية هو من اهم من أعادوا للمقاومة زخمها وقوتها العسكرية بعد التراجع الاضطراري في عام 2006 .

 

 





الاربعاء١٢ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب صلاح المختار نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.