شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يستطيع أي مراقب وهو يتابع مشهد بغداد في اليومين الأخيرين الا ان يشد -على غير العادة -على يد أطراف الحكم من أنفرد به أو من يلهث هرولة خلفه ليمسك بما يفترض ان يكون حقا ,,دستوريا,, مقسوما له ضمن خارطة طريق فتنة


المحاصصة التي زرعها مهجوم البيت والوجدان بريمر وقد رحل وبقيت فتنته -تلعب لعب- في أشخاص عرف بأن الذمة غادرتهم نهائيا منذ أن هان عليهم أهلهم عندما باعوا انفسهم عبيدا لشيطان رجيم , كل ما تميز به في العراق تدمير البلاد وتصفية العباد قبل أن تضطره المقاومة العراقية على أن يرفع عصاته العسكرية ويرحل مصحوبا بلعنة أهل العراق ولعنة أمة العرب !!


والشهادة المطلوبة يبررها ما ألمسه من مستجدات في المشهد السياسي المحلي وأجد أن الواجب يدعوني للأدلاء بها - ولا تستغربوا- بحق من نتهمهم :-


1- بالفساد ونهب مايتوفر لهم مما خف حمله وغلا ثمنه من مال خاص للمواطنين وخصوصا للصاغة من أهلنا الصابئة المندائيين وغيرهم الذين سرقت الميليشيات ما حملته وهي تدعي أنها تؤدي واجبا أمنيا ,وقد شملت هذه الظاهره أنحاء مختلفة من العراق في عمليات كانت تنتهي عادة بذبح من يقاوم القتلة أو يقتلون للتغطية على معالم جريمة القتلة , وما كبر حجمه من مال عام فينهب بمعرفة حكومية تخصصية يمارسها وبشفافية عالية رموزها ترتفع أرقامها عبر ما يرصدونه هم من أعتمادات في موازنات الدولة المليارية السنوية !!


2- القدرة العالية في ممارسة عمليات قتل العراقيين بالتفجيرات مرة وبالذبح مرة أخرى وبالتعذيب الذي أبدعوه يوم أوكلت لهم طهران سابقا ممارسته ضد الأسرى العراقيين في السجون الأيرانية في ثالثة , وبأستحدام المادة 4 أرهاب في رابعة .


وما بين هذا وذاك من أغتصاب للنساء والرجال وحتى الطفل و الطفلة لم يسلما من مثل هذه الجرائم التي يندى لها جبين الأنسانية الا جبين هؤلاء الذين جمعهم حوض الجبن والخسة وغياب الضمير !!
وأعود لأقول , مع ذلك فأن انزعجنا منهم وادانتنا وأدانة العالم لسلوكهم الشائن لايجيز لنا ان نغفل ذكر,,محاسنهم,, في حياتهم وليس انتظارا ليوم يرحلون أو يحاسبون , فنستذكرها وأعرف أن ذاكرتنا ستظلمهم, فلا يمكنها أن تسترجع قائمة تلك المحاسن لأنها طويلة ويصعب معها أسترجاعها كونها محشورة بين - مناقب كثيرة - منها :-


أ‌- حرص ريس الوزراء وأنضباط أجهزته القمعية على تسهيل عمليات قتل الناس بأسلوب مهذب أنقاذا لهم من الموت جوعا ومن عذاب تسببه أدوات التعذيب الوحشي وغيرها من وسائل التعذيب المبتكرة .


ب‌- ما حرص نفس الريس ان يحيط به عمليات نهب وتهريب المال العراقي العام بهدوء وخفة قل نظيرهما وبعيدا عن أنظار الحساد والسرعة في أيصالها لتحتل مكانها الطبيعي في أحضان بنوك ومصارف اجنبية أمينة , عرفت أداراتها بالحرص على حماية المال المسروق من ثروات الشعوب التي يستكثرون عليها الأستمتاع بثروات حباها الله عز وجل بها لتبني أوطانها وتسعد اهلها , وليس لتكرس في مشاريع تسند أقتصاديات بلدان بقيت قشرتها طنانة في وقت صارت فيه دواخلها تئن متهاوية.


والحسنة الأكبر نجدها كامنة في أشاعة صمت يماشي عمليات أغتيال العراقيين المتلاحقة ودهم بيوتهم وأعتقالهم وتعذيبهم والاصرار على أبقائهم رهن الأعتقال بسخاء مفتوح لا يحسب للسنوات حسابا , ولا يكلف ألمحاكم وقضاتهاعناء عقد الجلسات لئلا يزعجوا أنفسهم بالتفتيش عن تهم تتوافق مع ما يلصقه زبانية المالكي عادة بمن يدعون أنهم يسبحون في الضد من تيار ديمقراطية المحاصصة لصاحبها العم سام , وهو يريد لهم السلامة والآمن وهم مضيفون قابعون في السجون خشية عليهم من تفجيرات القاعدة التي دخلت عناصرها العراق بمعرفة بوش وعصبته , وبعيدا عن ضجيج من روج للأحتلال من أشقاء وجيران !!!


ولكوني لا أقبل أن أكون شيطانا أخرس ارى الحقيقة ولا أفصح عنها أجدني أصرخ بصوت عال لأذكر بحسنة للمالكي وأن كانت واحدة , أغفل الأخرون الأعتراف بها وهي أنه وادواته المعاقة أحسنوا من دون وعي منهم فرش بعفة نادرة هبة السماء لعباده العراقيين دون الأنفراد بها وبمساواة أستثنت المنطقة الغبراء لتبقي السلطة صاحية لما صنعته أياديها في مواجهة نتائج ما فعلة المسؤولون المتحاصصون المختارون من بين جماعة الأحزاب الطائفية أعتبارا من المحافظ الى رئيس وأعضاء مجلس المحافظة , الا من غيب عنه الى أمين بغداد الذين لاحقتهم الأدانات بتهم فساد غرقت في لج الفساد العام الذي طغى على الدولة - بلا حسد- من رأسها الى جذرها , فأحلت لنفسها ان تعفو عن من تشاء لأنه أفسد كما شاء , وتجلد من تشاء ممن لم يرتكب جرما يعاقب عليه القانون فالتهم جاهزة تلصقها بمن تشاء لأنه ليس من أهل الديرة الأتباع !!


واحسب أنني أخليت مسؤوليتي من حجب حسنة للمالكي كانت نتاجا لمن قلدهم مسؤولية أدارة الدوائر الرئيسة والحساسة في السلطة المركزية وفي عاصمة الرشيد وهم ليسوا من أهلا لها .


واسأل من باب العلم بالشيء ليس الا , من أفسد مياه أنهار بغداد وغيرها من مدن العراق التي جاءت بنكهة الطيب مدرارا من السماء , نعم نسأل من أفسد هذا الطيب بخلطة مياه ثقيلة مضيفة في خزانات الرستمية وجدت عاطلة لأن أحدا في جهاز الصيانة – أن وجد - لم يفكر بألقاء نظرة على اجهزة الأمانة التي تعرضت للتدمير من قبل القوات الغازية في مستهل شن العدوان أسوة بالبنى التحتية في عموم الوطن التى تعرضت للتدمير المنظم هذه المرة وما تزال مهملة واستكثر عليها الأمين حتى ولو بفحص كفاءة , كي لا تضغط على الشبكة الرابطة للمجاري لما موجود فيها من مياه ثقيلة شبيهة فيطفح موجودها زائرا بيوت المواطنين بوسخه غير المحتمل ورائحته الكريهة مستقرة في غرف نوم البغداديين وأماكن أستراحتهم , فمن هو المسؤول عن هذا الخلل , أن لم يكن مقصودا فهو نتيجة أهمال في أتخاذ التدابيرالمسبقة لمواجهته , وفي كلتا الحالتين مطلوب تعريف المواطنين بتفاصيل ما حدث ومن كان المسؤول عما حدث ؟؟


وأتوقف قليلا لأتوجه الى الله العزيز الكريم مبتهلا شاكرا لطفه بأن جعل مياه السماء مدرارا لتغسل أرض بغداد من أدران العملية السياسية المحاصرة بالسوء حياة العراقيين وحان وقت أجتثاثها ونحمده تعالى العلي القدير ان جعل من تدفق المياه بغزاره على عاصمة الرشيد والعديد من مدن المحافظات سببا لكشف عورات حكم عجز مسؤولوه عن درء مخاطر موجة المياه التي أجتاحت بغداد بشوارعها الفسيحة وازقتها الضيقة وبيوتها الصغيرة وبيوت الصفيح وفيها من انكفأت واغلبيتها المطلقه زارتها مياه الأمطار من دون أستئذان مصحوبةبمياه المجاري وبطفح أوساخ دورات المياه الداخلية في غياب الأجهزة المسؤولة التي الهاها التسابق للأستحواذ على الأمتيازات بدلا من الأنتباه الى ما كان يجب الأستعداد له في مواجهة الظروف الطارئة .


أما ما طرح من قبل أحد مسؤولي أمانة بغداد لتبرير ما حدث بكونه يعود لنسبة ما هطل من الأمطار يوم الثلاثاء الماضي بصورة أستثنائية وكبيرة لم تهطل على العراق منذ ثلاثين عاما .


ومثل هذا التبرير لا يقوى على الصمود امام مشهد الأمطار التي بدأت تتساقط صحيح بغزارة ولكن بوقت مبكر من النهار واستمرت كذلك لوقت طويل دون يتصدى لها أحد بشكل مبكر ولو بمحاولة مراجعة الأجهزة وخصوصا فحص صلاحية أجهزة سحب مياه الأمطار ومياه المجاري التي أكتشفت أنها تعاني من خلل وعاطلة ولكن في وقت متأخر وبعد أن غزت مياه الأمطار بيوت المواطنين وهي مهددة بمخاطر لم تدفع المسؤولين الى التحرك لفعل أي شيء وأن كان محدودا لمعالجة الموقف من دوائر كأمانة بغداد التي لفها الفساد وسقطت في أول أمتحان واجهها وهو ليس بالغريب على دائرة امينها ( صابر ) شغلته ملفات فساد عن الألتفات لأمر مهم أقتضى تعزيز أقتدارالأمانة كمؤسسة خدمية مسؤولة عن توفير أحتياجات عاصمة البلاد في الظرف العادي والأستثنائي أيضا لتبدو عروس العواصم وهو أستحقاق لبغداد لا تقبله ولا يقبله أهلها العراقيون منة من احد .


وليس دفاعا عن شغيلة الأمانة ولا عن من تحمل المسؤولية في قيادتها قبل فترة قصيرة سبقت سقوط الأمطار بزخم كبير كبديل عن أمينها المتحصن برعاية مجلس الوزراء هربا من لجنة النزاهة البرلمانية التي تطارده بملفات فساد ربما يكشف


بعضها أسباب التقصير الحاصل في عدم المبادرة المبكرة في التصدي للأمطار ومنع تسللها الى الأغلبية الكبيرة من أحياء العاصمة بأستثناء أحياء المترفين الجدد من - ربع طهران والسلطة - الذين تسللوا اليها ( عيني , عينك ) بحماية حراب المحتلين والميليشيات الطائفية ... والله الله شوها الألفة بين الطرفين ؟!!


وآخر ما أختتم به كلمتي أبتهال الى رب السموات والأرض ان يبقي المفسدين على تياههم حتى يغرقوا فيما أسسوه في العراق من خراب ومن جرائم قتل واغتصاب وأفساد ذمم تجرفهم الى حيث ألقت رحلها .
وأجدني مطالبا أن اذكرهم بصيحات المواطنين التي عرضتها الشبكات الفضائية المنافقة للسلطة مع غيرها التي لا تتوسم فيهم خيرا , فالناس تناست محنتها وصارت تتندر بصخب المتوجع , وتردد أدانات بصوت عال هذا ملخصها :-


×× هذا الشعب بالمي يغرك ... وين الحرامية ؟!
×× وين الحكومة وين ... بس بالأنتخابات تجي وروسها ملوية !!
×× وين النواب وين , أنعل أبو اللي ينتخبهم !!!


وغيرها الكثير من الأدانات التي رددها المواطنون والمياه تغرق بيوتهم , فلا يجدون لهم ولأطفالهم مأوى يحتمون به , ولكن من يسمع وهو غاطس في الفساد حتى الأذنين , ومن بينهم من هو الذي يفهم أصلا ؟!

 

 





السبت ١٥ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ضياء حسن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.