شبكة ذي قار
عـاجـل










سنضع جانبا رفضنا المطلق لانتخابات الاحتلال وأعوانه وأيماننا المؤسس على شرائع الأديان وقوانين الأرض بعدم شرعية هكذا انتخابات أجرتها وأشرفت عليها قوات الاحتلال الامريكي – الايراني في العراق .. غير اننا سنتطرق الى اشكالية حصلت وتحصل في العراق بعد الاحتلال ألا وهي الاعلان عن ولادة تجربة ديمقراطية (فتية) في منطقة الشرق الاوسط ستضاف الى التجربة الديمقراطية الوحيدة التي تعيش في المنطقة هي تجربة الكيان الصهيوني (اسرائيل) التي تغتصب ارض فلسطين العربية! طبقا للتبجح الامريكي الاخرق.

 

ولدت التجربة الديمقراطية العراقية بملامح ديمقراطية افتراضية غير ان الاحتلال وأعوانه قد قفزوا فوق الافتراضية وحولها بعملية اقحام غير موضوعية الى تجربة واقعية. فالتجربة اعتمدت تعددية حزبية كشرط معروف من شروط الديمقراطية ويشهده العراق كمنجز احتلالي، كنقيض مفترض لما كان في العراق من دولة ونظام شمولي (طبقا لادعاءات الاحتلال وعملاءه). والمكونات الاساسية لتعددية زمن الاحتلال هي (أحزاب شيعية كانت مظلومة) و(احزاب كردية كانت مظلومة) و(حزب سني عليه مؤشرات انتماء الى زمن الظلم لغرض تكريس الطائفية ليس إلا ) مع العلم ان زمن الظلم والمظلوميات التي تشكل عقائد المظلوميات الكردية والسنية يمتد بعضها الى زمن الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضوان الله عليه بشكل خاص لأنه صادر املاك (بنت رسول الله وكسر ضلعها على مرأى ومسمع من زوجها اشجع شجعان العرب ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم علي ابن ابي طالب عليه السلام), في حين يرجع زمن مظلومية الاكراد الى الحقبة التي تم فيها توزيع جغرافية المنطقة حيث ضاعت (الأمة الكردية) بين تشكيلات دولة العراق وإيران وسوريا وتركيا وروسيا.

 

التجربة الديمقراطية العراقية بعد الاحتلال اذا مركبة على عقد تاريخية ودينية وسياسية لم ولن يتم الاتفاق عليها ابدا ولن تتطابق في سردها صفحتين من صفحات مجلدات التاريخ قط. وعليه فهي تجربة ديمقراطية ملغومة في هيكلها البنائي ويمكن لأي دارس أو باحث أن يضع عليها ما لا نهاية له من علامات الاستفهام في صدق نياتها كتجربة ديمقراطية بقدر ما هي محطة انطلاق لتفتيت العراق وتشظيته.

 

وبافتراض قدرة الباحث على تجاوز أو غض الطرف عن لغم التعددية المصابة بداء نقص المناعة المكتسبة لمنتج الاحتلال الديمقراطي واللجوء الى مجريات الاحداث المسموعة والمرئية لرعاة التجربة ومن ولدوها من خلفياتهم فإننا سنجد:

 

اولا": ان الانتخابات لم تعتمد كوسيلة لاختيار السلطة التنفيذية من جهة وان النظام الانتخابي الذي اعتمد هو الاخر يجعل السلطة التشريعية هي الاخرى غير منتخبة. فالحكومة فرضت فرضا لحزب الدعوة الايرانية الفائز الثاني واغتصبت من ما يسمى بالقائمة العراقية لأن القائمة العراقية ليست مصنفه ضمن ادعياء المظلوميات العتيقة. ومعظم نواب البرلمان لم ينجحوا في الحصول على الاصوات المطلوبة للفوز بل، ان الكثير منهم قد صار مشرعا بنظام تحويل الاصوات من فائز الى خاسر ضمن القائمة الانتخابية الواحدة.  الديمقراطية اذن ليست حقيقية بل، مصممة لأطراف بعينها هي احزاب ايران وأحزاب الاكراد المتعاونة مع الاحتلال وما سواهم هوامش ديمقراطية لهم الذيل حتى لو كان نصيبهم الحقيقي هو الراس.

 

ثانيا": لا توجد تجربة ديمقراطية في العالم سوى تجربة العراق غير قادرة على ادارة الدولة ولا على فرض القانون ولا على منح الناس الأمن والسلام والحياة الطبيعية وهذا معناه ان الشعب يرفضها وإنها تجربة مزورة  وكاذبة.

 

 ثالثا": لا توجد حكومة منتخبة من الشعب تمارس قتل الشعب يوميا بكواتم الصوت والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة بسبب (قناعاتها) ان جزءا" من الشعب يستحق القتل. فالديمقراطيون يؤمنون بكل شئ إلا القتل وعلى هذا فالحكومة ليست ديمقراطية والانتخابات صورية.

 

رابعا": لا توجد حكومة ديمقراطية في العالم تحتفظ بقرابة مليون من شعبها البالغ تعداد نفوسه قرابة ثلاثين مليون في السجون والمعتقلات العلنية والسرية. ويضاف لهم يوميا عشرات أو مئات وحين تضيق الاماكن يتم ذبح بعض المعتقلين ورمي جثثهم في المزابل والإعلان عنها كجثث مجهولة الهوية إلا في التجربة الديمقراطية العراقية الاحتلالية. علما ان الغالبية المطلقة من المعتقلين هم من أبناء الشعب الذين طبع على جباههم عدم الوقوع في تصنيف المظلوميتين الكردية والشيعية ومعهم طبعا الشيعة العرب والأكراد الرافضين للاحتلال ومنتجاته المريضة.

 

خامسا": لم نسمع لا في الاولين ولا في الاخرين عن تجربة ديمقراطية في العالم تنتج حكومة تسرق أموال الشعب وتشيع قيم الفساد الاداري والمالي والسياسي سوى تجربة الديمقراطية في العراق التي تحميها اميركا وإيران. ولا يمكن لأحد في العالم ان  يصدق ان شعبا ينتخب قتلته وسجانيه وسارقيه ومفتتي وطنه في غير الديمقراطية الفتية المقحمة على العراق والتي ستبقى فتية حتى تموت.

 

لعل من المفهوم ان تعتبر اميركا وشركاءها في الغزو والاحتلال ما يجري في العراق أمرا طبيعيا وان تجد لديمقراطيتها (ال.فت.ية) مبررات انحرافها وشذوذها ووحدانيتها التي لا يشبهها بها غيرها قط .. لكن العجب أن نجد من العراقيين والعرب مَن يسمي حكومة تقتل شعبها على الهوية الدينية أو الطائفية وعلى الانتماء السياسي وعلى ضوء اشتراكه في الحرب العراقية الايرانية دفاعا عن وطنه وعلى ضوء رفضه للاحتلال والغزو والخيانة والعمالة وعلى ضوء انتماءه الى مؤسسات الانتاج العلمي والصناعي بالديمقراطية. العجب العجاب أن يرضى البعض ويفمفم ويتفلسف ويكتب ويحاور عن ديمقراطية في بلد محتل ويحكمه أعاجم وأوربي الجنسية وأمريكان وايرانين وصهاينة ومستعرقين ومستعربين في خلطة لن تتجانس حتى لو كتب لها أن تعيش اجيالا.

 

في العراق المحتل لم يتم الاعتداء على سيادة البلد فقط ولا على مؤسسات دولة وطنية فقط ولا على ارواح وممتلكات الشعب فقط ولا على قيم وقواعد وشرع الدين والمذاهب فقط وليس على اخلاق المجتمع برمتها فقط .. بل تم الاعتداء على مفاهيم الديمقراطية وعلى التعددية.

 

 





السبت ٤ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.