شبكة ذي قار
عـاجـل










لكل منصف, يعتمد المنطق والتحليل والاستنتاج العلمي الرصين ويتوخى الموضوعية, فان ايران قد لجمت افواه كل مَن تبنى اتهام العراق نيابة عنها أو مساندة لها، بأن العراق هو مَن بدأ الحرب وأساءت لهم جميعا لأنها برهنت بمشاركتها في الاعداد للغزو وفي مشاركة الاحتلال وفي مشاركة وإسناد العملية السياسية انها لم توقف الحرب عام 1988 بنية انهاءها، بل بنية الدخول في مسالك جديدة لتحقيق أهدافها في تصدير ثورتها واحتلال العراق كموطئ قدم أول وحيوي للبدء بالتمدد في كل أقطار العرب تحت ستار نشر ومناصرة التشييع والشيعة، والعالم كله يعرف ان هدف ايران هو اقامة دولة قومية فارسية لا صلة لها بدين ولا مذهب تقوي دورها الدولي و الاقليمي على حساب جيرانها من العرب. وكان مدخلها الرئيسي لتحقيق ما عجزت عنه في ثمان سنوات حرب وعدوان على العراق هو الاتفاق مع أميركا على غزو العراق والسماح لها ولأعوانها بالسيطرة عليه.

 

العالم يستعيد الآن تدريجيا توازنه وبدأت عجلات اعلام الأمركة تفرمل قليلا تحت وطأت انفضاح العلاقة بين الصهيونية ومسندها العضوي الامبريالي من جهة وبين المنهج الصفوي الفارسي حيث كلاهما يقف على أهداف مشتركة :

اولا : الاستيطان في الارض العربية

ثانيا : الطمع بثروات العرب

ثالثا : تأمين المنهج العرقي والطائفي لكليهما عبر اضعاف العرب واستلابهم

 

والفرملة ليست تراجعا أمريكيا طوعيا عن الباطل، بل لأن مقاومة العراق البطلة قد أرغمت الامريكان على البدء بالانزواء والتراجع والبحث عن بدائل مدنية مخابراتية لإنجاح مشروعهم الصهيوني – الفارسي في العراق ومنه تمددا الى الخليج العربي ومشرق الأمة كلها بعد أن تكبدت أميركا خسائر بشرية ومادية باهضة.

 

العالم المنصف وغير المنصف كله الآن يدرك ان احتلال العراق لم تكن دوافعه النفط كهدف يمكن أن تجتمع حوله كل الافواه والجماجم الجشعة, وليس اسقاط دكتاتورية وإقامة نظام ديمقراطي كما يدّعون زورا وكذبا انكشف بطريقة فضائحية عبر تطبيقهم الدم قراطي العار، بل ان الهدف الأهم هو انهاء دور العراق الوطني والقومي لتأمين تقسيم الوطن العربي بين الصهيونية والفارسية مع قطعة ترضية لتركيا. الهدف هو احتلال العراق  وتسليمه لإيران مكافأة لها على ما خسرته ماديا ومعنويا في حربها القذرة على العراق 1980- 1988 والتي دفعتها اليها الامبريالية والماسونية واللوبيات الصهيونية لتحقيق ذات الاغراض التي حققتها اميركا في العراق قتلا وتدميرا وتمزيقا وانهاءا لعروبة البلد واستقلاله وإضعافه ووضعه على حافات التقسيم.

 

لقد جرى على نطاق واسع تجريم العراق واتهامه بشن الحروب وجر المنطقة الى الدمار بعد انتصاره على ايران مباشرة من قبل اميركا والصهيونية وبريطانيا وكل ذيولهم ليس لأن العراق مجرم وليس لأن العراق عدواني كما صوروا فكلهم يعرفون ان العراق دخل الحرب مضطرا ليحمي امنه وسيادته، بل لتوفير أرضيات احتلال العراق وتسليمه الى ايران وبذلك تكون الدولة الفارسية قد حققت أهدافها التي أعلنتها عام 1979 بعد 24 عام على اعلانها يوم استلم خميني ألسلطة , ليس بقدراتها التي جربت وخسرت عام 1988, ولكن هذه المرة بقدرات اميركا وبريطانيا كقيادة للتحالف الدولي الخانع لإرادة القطب الامريكي الاوحد عام 2003.

 

والمؤكد ان مشكلة الكويت كلها هي الاخرى لا تنفصل بكل تفاصيلها عن الحرب العراقية الايرانية بدءا وانتهاء بل كانت أحدى حلقات الفعل الامريكي للثأر لإيران ولإيجاد الارضيات التي تؤدي الى غزو العراق لتمكين ايران .

 

ان المشاركة الفعلية لإيران وأتباعها والتشكيلات الحزبية والمليشياوية التي خلقتها بعد مجيء خميني الى السلطة في دهاليز قم وطهران ومشهد الفارسية انما تقع ضمن اطار حراك التهيئة والإعداد لغزو العراق وعبر مشاركتها الفعلية في تنفيذ الغزو والمشاركة المشهودة في العملية السياسية المخابراتية الامريكية بعد الاحتلال واستلامها الكامل لزمام الملف الأمني بعد انسحاب الامريكان من الشارع العراقي وانزواءهم في قواعدهم المحصنة البعيدة عن المدن العراقية وتطويرها الميداني للاحتلال الاستيطاني المعبر عنه بنقل ملايين العجم الفرس للاستيطان في محافظات الفرات الاوسط والجنوب لا يمكن التعاطي معها تقييما واستنتاجا وفعلا بمعزل عن اهداف حرب الثمان سنوات وأهدافها المعلنة في تصدير الثورة الخمينية ومن بين ذلك مؤشر قد يبدو سطحيا لكنه ذو دلالات عميقة هو انتشار صور خميني وعلي خامنئي في شوارع بغداد ومحافظات جنوب بغداد وعلى رؤوس العديد من حكام الاحتلال في الدوائر والمؤسسات الرسمية في ظاهرة لا تحصل إلا في دولة محتلة ويحكمها ربيب للاحتلال.

 

دخلت القوات المسلحة العراقية مرتين الى داخل العمق الايراني في عملية اجتياح تاريخية الاولى عام 1980 عندما بدأت معارك رد العدوان , والثانية عام 1988 في معاركة تحرير الفاو والأراضي العراقية التي احتلتها ايران واستقرت فيها سنوات طويلة وهي تحاول تطوير مواطئ قدمها باتجاه المدن العراقية. في كلا الواقعتين انسحبت القطعات العراقية بأوامر من القيادة السياسية في سلوك له دلالة الاقتدار ودلالة عدم وجود نية لاحتلال أرض ايرانية، بل وحتى عدم تحرير الاحواز العربية التي تحتلها ايران احتلالا استيطانيا في ذاك الظرف. لقد قاتل العراق دفاعا عن سيادته واستقلاله في حين كانت ايران منهجا للتوسع وقد برهنت على منهجها بما يخرس كل مَن لا زالوا يتهمون العراق ببدء الحرب.

 

 





الاحد ١٢ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.