شبكة ذي قار
عـاجـل










احتلت جامعة بغداد وهي الجامعة الأم والأكبر في العراق ذيل قائمة أحسن 800 جامعة في العالم بعد أن تراجعت هذا العام 100 مرتبة باتجاه الذيل. وظلت بقية جامعات العراق كلها خارج التسلسل. هذا التراجع يدل بوضوح على حقيقة أن التعليم العالي في العراق قد دخل في خط انحدار متواصل شأنه شأن كل مفاصل التعليم والتربية والبحث العلمي التي ازدهرت ابان حقبة الحكم الوطني 1968 -2003. ومن البديهي القول إن تدهور التعليم في البلد هو أحد أهداف غزو العراق واحتلاله لإعادة عجلة التطور العلمي في العراق إلى أزمنة الانحطاط والتدهور لتوسيع الأمية والجهل وكلاهما شرطان ضروريان لتفشي الطائفية والعرقية والفساد بأنواعه المختلفة.


يمكن إجمال عوامل وأسباب تراجع التعليم العالي في العراق وتدهوره إلى الأسباب الآتية:


1- قتل وفصل وتهجير وهجرة آلاف من أعضاء هيئة التدريس من حملة شهادة الدكتوراه والماجستير والدبلوم العالي والكوادر الفنية بعد الغزو والاحتلال. ان استهداف حياة ومصادر رزق علماء العراق وانعدام الأمن لهم ولعوائلهم بممارسات ميليشيات الحكومات المتعاقبة التي سلطها الاحتلال وأدوات الاحتلال من مخابرات دول العدوان وخاصة الصهيونية والإيرانية وتشكيلات حكومة الاحتلال الأمنية، هي التي أجبرت علماء العراق على ترك وطنهم للبحث عن مصادر عيش والحفاظ على حياتهم وحياة عوائلهم.


2- دخول الأحزاب والمليشيات الاحتلالية إلى الحرم الجامعي وانتهاكه بممارسات وتصرفات لا صلة لها بالعلم ولا بالتعليم. إن دخول هذه القوى إلى الجامعات قد حولها إلى مراكز صراع منظور وغير منظور والى تفشي الفساد الأخلاقي مثل زواج المتعة و العلاقات المنحرفة التي أدخلتها ونشرتها هذه الأطراف، وهي تستخدم الجامعات كمراكز للكسب والتحشيد الطائفي والتنافس الانتخابي غير الشريف.


3- تعيين الفرس الذين دخلوا مع الاحتلال وهم يحملون شهادات مزورة محل الكفاءات العراقية المقتولة أو المطرودة والمهجرة. وتعيين عناصر أخرى فاقدة للكفاءة ولم تمارس العمل التعليمي.


4- تعيين إدارات في رئاسة الجامعات وعمادات الكليات ورئاسات الأقسام العلمية غير كفوءة، وتجهل سبل التطوير وانغمست شأنها شأن مفاصل الحكومة الأخرى بالفساد المالي والإداري ومن بين ذلك بيع المواد والأجهزة في محلات باب المعظم وإعادة شراءها وإعادة بيعها ومن ثم تكرار الشراء وهكذا. وكذلك استثمار عمليات شراء الأجهزة والمواد الجديدة من الخارج في صفقات فساد وعدم استثمارها بالشكل الصحيح. ويجب التنويه هنا وبقوة إن عناصر وكفاءات ما قبل الاحتلال التي أفلتت من الموت والإقصاء هم وحدهم مَن تواصلوا بذات النفس وأنماط العمل الخلاقة السابقة في التعليم والبحث العلمي وهم مَن يديرون البقية المتبقية من التعليم العالي في العراق ولولاهم لأغلقت الجامعات. إن بعض الجامعات العراقية قد صارت اقرب إلى مدارس متوسطة بعد الاحتلال.


5- انعدام الأمن جعل الكثير من الطلاب والكادر التدريسي والعملية التعليمية برمتها تضطرب وتتراجع. انعدام الأمن خلق بيئة تعليمية غير قادرة على التطور مثلما هي قادرة على الثبات على مثاباتها السابقة فبدأ التدحرج إلى السفح كمحصلة حتمية.


6- اتجاه وزارة التعليم العالي التابعة إلى حزب الدعوة العميل إلى تحويل الجامعات إلى مراكز للمارسات الطائفية كممارسات عاشوراء وصفر من مواكب لطم وزناجيل وتطبير وغيرها. إن هذه الممارسات إلى جانب زعزعة المناهج التعليمية لإدخال العقائد الطائفية الفارسية قد أربكت كثيرا سير العملية التعليمية بشقيها النظري والعملي.


7- إلغاء ممارسات وتطبيقات تطوير المناهج النظرية والعملية وتنمية المهارات بالتدريب أو تحجيمها وخفضها كما ونوعا أدى إلى تدهور مخرجات التعليم العالي وسيستمر التدهور ما دام الاحتلال ومنتجات الاحتلال قائمة.


8- الاتجاه الطائفي البغيض في القبول في الدراسات العليا والبعثات إلى خارج العراق.


9- انتشار عمليات تزوير الشهادات الأولية والعليا بشكل لم يشهده أي بلد في العالم تحت سطوة الأمن المفقود وممارسات الأحزاب السياسية المنحرفة والمليشيات المتطرفة وعناصرها المنحطة.


10- بقاء مخرجات التعليم العالي عاطلة عن العمل الأمر الذي جعل التعليم العالي محطة لا يعيرها الإنسان العراقي درجة الاهتمام المطلوب بحكم أنها صارت غير مجدية.


إن التعليم العالي هو نبض حركة الوطن الى الأمام في كل روافد الحياة، وحيث ان كل هذه الروافد قد ضربها الطمى والجفاف بعد الغزو والاحتلال منذ عام 2003 وهو جزء من كل مناحي الحياة التي تدهورت وستستمر بالتدهور ما دام الاحتلال قائما وما دام مَن جاء بهم الاحتلال من أحزاب وقوى وميليشيات قد استلموا العراق ككعكة وليس كوطن.

 

 





الثلاثاء ٣ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.