شبكة ذي قار
عـاجـل










قديماً قيل إن ( حبل الكذب قصير ) ، وقصة المثل أن رجلاً كان يكذب كثيراً لدرجة أنه أصبح محترفاً ومشهوراً بكذبه في مجتمعه. هذا الكذاب كان لديه ابن ذكي، وهذا الابن يحب والده كثيراً؛ وعليه حاول أن يخلص والده من هذا الخُلق الرذيل؛ واتفقا على أن يرافق والده في أي مكان يذهب إليه، وأن يربط الابن" حبلاً قصيراً" في رجل أبيه؛ ويجلس خلفه في المجلس، وحينما يكذب الأب يشد الابن الحبل قليلاً قليلاً؛ حتى يخفف الأب الكذبة الكبيرة.


وفي أول سهرة بعد الاتفاق: قال الأب لأصحابه: " في يوم ما اصطدت أرنباً بحجم الخروف، فشد الولد الحبل، فقال الأب: هو أصغر من الخروف قليلاً، فشد الولد الحبل ثانية، فألتفت له الأب وقال: خلاص، يا ولد ستقطع رجلي، نجعله ثلاث كيلوات، ينفع؟!".


وحينها، ضحك الجميع باستهزاء، ورمى الأب لهم الحبل، ومن يومها تاب الرجل من هذا الخُلق المُهين، وذهبت هذه الحكاية مثلاً.


والأمثال حينما تضرب فإنها نتاج تجارب إنسانية- ربما تكون مريرة- تحمل قدراً كبيراً من الحِكم، التي تختزل حكايات طويلة وعبر عميقة بكلمات قليلة.


ويبدو أن الكذب غزا عالم السياسة بقوة في "العراق الجديد"؛ حيث إن غالبية السياسيين امتطوا صهوة الكذب؛ ظناً منهم أن هذا الأسلوب سينطلي على العراقيين، وتناسوا أن العراقيين اليوم صاروا على دراية تامة بكافة هذه السبل الملتوية، التي تدار بها اللعبة السياسية في بلادهم؛ لأن تجربة العشر سنوات الماضية جعلتهم يميزون بين الغث والسمين، والصادق والكاذب، والواضح والغامض، والوطني وغير وطني.


وتجارب الحياة الإنسانية النقية علمتنا أن الكذب غالباً ما يكون للضحك والتسلية؛ وخصوصاً في الكوميديا الهادفة؛ ولكن العجيب أن يستخدم الكذب في العراق اليوم لقتل عشرات آلاف من المدنيين الأبرياء.


ولإثبات هذه الحقيقة ننقل شهادة عسكري سابق في جيش المالكي، التي أعلنها قبل شهر تقريباً في اتصال مع إحدى القنوات الفضائية، إذ أقسم أنه منتسب بوحدة تفكيك السيارات الملغمة، وأن الفريق المختص، وبعد تفكيك القنابل الموضوعة في داخل السيارة يلتقطون صوراً لرقم محرك السيارة، ويسجلون كافة المعلومات التي تتعلق بها؛ وعلى ضوء هذه المعلومات- التي ترفع للجهات العليا- يحصلون على مليون وربع مليون دينار عراقي، ( تقريباً ألف دولار أمريكي ) ، وبعدها يتم تسليم السيارات المفككة، لدائرة مختصة في وزارة الدفاع.


والغريب أن هذا العسكري اكتشف أنه وجد إحدى السيارات التي يحتفظ بكافة المعلومات المتعلقة بها من رقم المحرك وغيرها، وجدها مرة أخرى، وقد تم تلغيمها من جديد، وحينها- والكلام ما زال لهذا العسكري- ( فاتحت من معي من المراتب الآخرين حول هذا اللغز، فأخبروني أنهم لاحظوا هذا الأمر، ونصحوني بالسكوت؛ خوفاً عليّ من الاغتيال! ) .


وقال الرجل إنه قرر الخروج من العراق، ( والآن أرتب أوراقي للسفر إلى دولة أوروبية، وهذه الحقيقة أردت أن أنقلها للعالم، وهي أن الحكومة لها يد في العديد من التفجيرات التي تقع في العراق ) .


والغريب أن هؤلاء الساسة لم يكتفوا بالقتل بالسيارات المفخخة؛ بل هم جادون في إشاعة الفتنة الطائفية بين المواطنين، وفي يوم 2/2/2014 أعلنت قوات أمن المالكي أنها ضبطت سيارتين مفخختين قادمتين من الفلوجة باتجاه البصرة، والسؤال الذي يطرح هنا كيف خرجت السيارتان المفخختان من الفلوجة المحاصرة منذ أكثر من شهر ووصلت إلى البصرة؟!


هذه الفرية الحكومية المتعلقة بالسيارتين المفخختين تؤكد الرواية المتقدمة، التي شهد بها العسكري السابق بجيش المالكي، وتثبت- أيضاً- أن الحكومة لها يد في غالبية التفجيرات التي تحدث في العراق اليوم!


مما لا شك فيه أن الأيام القادمة ستُظهر حقيقة هؤلاء الساسة، وتؤكد للجميع أنهم جادون في مشروعهم الطائفي التخريبي، وأن سياساتهم الاقصائية هي التي قادت العراق لهذه الفوضى في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.


Dr.jasemj1967@yahoo.com

 

 





الجمعة ١٤ ربيع الثاني ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / شبــاط / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب جاسم الشمري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.