شبكة ذي قار
عـاجـل










بهذه العناوين التي تناولتها بالحلقة الاولى ، الاسلام كنظام دولة انتهى منذ بداية الخلافة الاولى لان  القلق من فعل الشرفية الثالثة ان حصلت  والمقصود هنا  التقيد بما ورد في  خطبة الوداع التي القاها الرسول صلى الله عليه وأله وسلم في غدير خم معلننا" المكانه التي  انيطت بالامام علي عليه السلام  ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه   ...... الخ )  ، وعند الاعلان عن وفاة الرسول  كان انتقال  الخلافه خارج منطوق الشورى لان الذي أسرده المؤرخون والرواة أن المجتمع المدني أنذك كان في حاله من المنازعة فيما بين الانصار والمهاجرين ومن هم الاولى بخلافة الرسول  فكان القرار الفصل بالبيعه الى الخليفه الاول ، أما انتقال الخلافه للخليفه الثاني لم يكن  بالشورى  بل كان التعيين هو مصدرها ، وما صار بعدها وفي ضل الفتوحات الاسلامية واتساع رقعة الامصار  وورود خلفيات فكرية وسلوكية لم تكن سائده في الجزيرة العربيه  يعد هو حكم امبراطوري لا يختلف عن الامبراطوريات الاخرى في التاريخ  ـ  واليات العلاقة بين المركز والاطراف فيها  ـ  والتي كانت هي ايضا بايديولوجيات اخرى - ، وهنا لابد من الوقوف أيضا أمام أمر أخذ موقعه ومكانته في حياة المسلمين  والى اليوم من حيث رزية يوم الخميس  التي توثق وفاة النبي العربي القرشي المضري صلى الله عليه واله  واجتماع سقيفة بني ساعده  وتعيين الخليفة الاول والاعتقاد بانه حصل هناك انقلاب على  بيعة غدير خم التي اعلن فيها الرسول  مكانت ومنزلة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وكما أشرنا أعلاه مما أدى الى ظهورمواقف واتجاهات فكريه وسلوكية من المناصره التي تقابلها  المذاهب الاسلامية الرسمية وغير الرسمية  اليوم هو تعبير صارخ على مدى انفصال الدين الاول اي القرآن والحديث والسيرة عن مسارات الدولة  الامبراطورية ، والتي كان لها شيوعا وتنوعا ، فالحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي والايباضي والزيدي والجعفري ، كانت بمثابة تكييفات للتنفس الايديولوجي الذي اصبح عسيرا كلما ترامت رقعة ألامبراطورية وتنوعت مشكلاتها  ، لان هذه المذاهب لم تكن هي وليدة  الاجتهاد بزمنه بل هي امتداد لحقبه تأريخية سبقت ظهورها  واعتمادها  ، كما أن الاعاجم الذين دخلوا الاسلام  ان كانوا مجبرين بفعل السيف العربي والفتوحات وهدت سلطتهم وسلطانهم وانتهت هيمنتهم ، أو من اقتنع بوجوب التغيير لما هو سائد وكائن

 

الدولة في مجتمعنا العربي :

الدولة في مجتمعنا العربي تتمتع بخصوصيات تتفوق نوعيا على خصوصيات الدين عندنا وعلى تاثيره في التجاذبات والصراعات الاجتماعية وبالتالي على وجهتها ، فتاريخ الدولة في مجتمعنا تاريخ سحيق يمتد الى اكثر من ثلاثة الالف سنة قبل الميلاد اي الى اكثر من ضعف الفترة الزمنية للاسلام وظهوره وهي دول امتازت بمركزيتها الشديدة قامت في الحضارات النهرية القديمة  كحضارتي  وادي الرافدين و النيل  ـ انها المسؤولة عن تنظيم الري وبالتالي عن الحياة والموت لنمط المعيشة السائد ـ بناء السدود لمنع الفيضان  ، رفع مستويات المياه للري والشرب ، اضافة الى وظائفها التقليدية  ، الدولة عندنا مالك شامل للارض ، وكتكوين سياسي عسكري فائق الهيمنة ، انتج في الواقع الاجتماعي وفي وعيه مسألة قد تكون غائبة عن الكثير من علماء وباحثي علم الاجتماع الاكاديميين الممارسين  ، لكننا نجدها حاضرة جدا في البحوث التي قام بها الباحثين العرب  من ذوي الافكاراليسارية وبمتانة عالية لانها محاصرة ولا يتاح لها الانتشار ، بل هي تحارب من قبل الرقابة التي تخشى من سيادة العقل النقدي كي لا يكون محفزا للثورة الاجتماعية والسياسية  ، انها مسالة ملكية الدولة لكل شيء في مجتمعاتنا  ، بعد ظهور الراسمالية في منطقتنا  والظهور هنا ليس  معبرا" عن حقيقة  الواقع بل هو نتاج السلوكيات العثمانية والافرنج الذين ارادوا ايجاد  القوة التي تناصر سلوكياتهم وتؤمن بأجنداتهم  والتي لعبت الدولة الدور الحاسم في حمل مهمة التحديث الراسمالي ( الاقطاع ) والذي ربط ربطا" بالقيادة القبلية ، فأصبح الشيخ هو الملاك وكحد أدنى هو السركال  ، هذه ألرؤية للعلاقات السائدة وعندما استقامت الامور لها على هيئة راسمالية دولة اكتسبت قوة عمودية هائلة جعلتها اكثر قدرة على التمدد والتمادي ، الراسمالية كنظام اجتماعي اقتصادي له وجه سياسي يحكم الدولة ومؤسساتها مثله مثل الانظمة التي سبقته ـ العبودي والاقطاعي ـ لكنه يمتاز عنها بان له مجتمع مدني يوازي مجتمعه السياسي  ـ  الدولة  ـ  ليوازن فيه ايقاع الحركة الاقتصادية الاجتماعية التي تستند على الفكرة الليبرالية  ، لكن في مجتمعاتنا مجتمعات راسمالية الدولة المالكة لكل شيء حتى ارواح البشر فان المجتمع المدني الذي يوازيها كان ضعيفا ومهتكا ومثقل بالعلاقات القبلية والطائفية مع تشابكه ببقايا العلاقات شبه الاقطاعية واستمرار شكل الانتاج الراسمالي البسيط  ـ  فلاحي صغير في الريف وانتاج حرفي في المدينة  ـ  هنا يقول السيد فالح عبد الجبار وهو باحث يساري مجتهد بأفكاره ورؤيته التحليليه للمجتمع العربي : (( التوازن بين المجتمع السياسي - الدولة -  والمجتمع المدني كان يسير في اتجاهين متناقضين  ، فبمقدار ما كان الدور الراسمالي للدولة يمضي قدما  كانت الدولة تزداد قوة وشراسة في عين الوقت مفضية تاليا لبروز انظمة الحزب الواحد ، وفي مكان اخر يقول : ان دور الدين شيء ودور الحركات السياسية الاسلامية شيء اخر وان الخلط بينهما اجراء فاضح منهجيا وعمليا.. لقد قسم اسلافنا العظام بشكل مضمر الفكر الديني الى عناصر عديدة هي :

 

اولا : اعتقادي ـ ايماني، اختص به علم الكلام : الذات الالهية ، مسالة الصفات ، التنزيه التجسيم او التشبيه ، الاتصال بالذات الالهية عن طريق المعرفة ( الاتصال ) ـ الاتصال بالعقل الفعال ـ او عن طريق التصوف ـ الاتحاد ، الحلول

 

ثانيا  : العناصر الاقتصادية الاجتماعية ـ الاخلاقية التي اختص بها الفقه ـ فقه المعاملات

 

ثالثا : عناصر العبادات التي كرست لها كل المذاهب نواظم وشروحات ، نجد هذا التقسيم حتى عند مؤرخي الفرق الاسلامية المعاصرة ـ ابو زهرة مثلا ـ الذي يقسم الفرق الاسلامية الى التي بلغت 73 فرقة حسب البغدادي فرق سياسية واعتقادية

 

الخلاصة هي عدم الخلط بين الدين ككيان ابستمولوجي ومؤسساتي ، في تاريخه المتطور وبين الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة التي هي احزاب سياسية صرفا ، اذا اطلعنا على اغلب الدراسات اليسارية المتعلقة بالتاريخ الاسلامي او الحركات الاسلامية السياسية المعاصرة سنجد تحليلات وافية وبحوث تضع الاصابع على الجروح لكن المشكلة في الذين لا يقرؤون )) فمثلا" البروفيسور حنا بطاطو كتب اروع ما يكون عن الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية في العراق عام 1958  ، وما كتبه العلامه علي الوردي في موضوع وعاض السلاطين تعطيان الرؤية التحليلية للواقع العراقي ومخاطر استخدام الدين للوصول الى الاهداف والغايات  من قبل القوى والسياسيين الذين يتظاهرون بالايمان  واتباع خطى ومنهج الرموز الدينية  في عملهم  اليومي  والحقيقه التي تطفو هي النقيظ المطلق بل  الاتجاه المعاكس المضاد  ولخير دليل على هذا ماحصل ويحصل في العراق منذ عام 2003 والى اليوم  والمتصدين للعمليه السياسيه هم الاحزاب والتيارات والحركات  الاسلامية  التي فعلت فعهلها لتغييب الدور الفاعل لكل القوى  الليبراليه  بالدستور  الذي يدعون انه  يعنون الهوية الوطنية العراقيه  وذلك لانه ارتكز على  تعميق عقلية وفكر المكونات على روح المواطنه والوطنية التي هي  الميدان الرحب  لبناء البلد  ورص صفوف الشعب  ابتعادا" عن مكوناته الدينية  والاقليه التي بالمقابل تحترم  كل تقاليدها  واعرافها  وتدينها على ان لاتخل  بالوحدة الوطنية  والهوية العراقية

 

يتبع  بالحلقه الاخيره

 

 





الخميس ٢٧ ربيع الثاني ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / شبــاط / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة