شبكة ذي قار
عـاجـل










أمريكا .. احتلت العراق من اجل ( الأمن الإسرائيلي ) و ( النفط ) .

بريطانيا .. أرشدت أمريكا وشاركتها في غنائم نفط العراق .

 ( سرائيل ) .. سرقت ( الكنز ) ارشيف العراق التاريخي .

إيران .. سرقت نفط العراق، ومزقت الشعب، وسرقت أرصدة العراق .

 

مقدمة :

كان في مقدمة أهداف الإستراتيجية الأمريكية حيال العراق على وجه التحديد، تدمير عناصر القوة في هذا البلد العظيم .. وعناصر قوته تكمن في : شعب عربي عريق تتآخى بين ظهرانيه قوميات واديان مختلفة منذ الآف السنين .. يعوم العراق على بحيرة من النفط .. ويخترق أرض العراق نهران عظيمان .. وأراضيه متنوعة زراعة خصبة تضم سهول وبحيرات ومستنقعات ( أهوار ) وجبال .. وجيشه الوطني متماسك استطاع أن يحقق توازناً استراتيجياً مع اعدائه ، وعقيدته القتالية الوطنية تمتد منذ عهد ( نوبوخذنصر ) القائد الذي ارعب الصهاينة حتى يومنا هذا .. وحضاراته العريقة علمت البشرية الكتابة والتشريع والقانون والبناء والصناعة والفكر والفلسفة .

 

الهدف إذن .. تدمير عناصر القوة في هذا البلد عن طريق غزوه واحتلاله وفتح حظيرة الضباع والذئاب وزواحف الأرض لتنهشه وتنهبه وتغرقه بالفوضى .. والنتيجة هي أن يبقى ضعيفاً : ومن أهم وسائل تدمير عناصر قوة العراق، هي إشاعة الإقتتال الداخلي ونهب ثرواته النفطية - في ضوء مقولة خبيثة تقول إذا جُرِدَ العراق من ثرواته النفطية فلن يستطيع أن يبني قوته - وتدمير ثقافته وحضارته .

 

أولاً- سرقة ثروة العراق النفطية ( Theft Of Iraq s Oil wealth ) :

 

ما أن احتل العراق، تحت مسوغات وحجج كاذبه ومخادعة، حتى بدأت شركات النفط الأمريكية والبريطانية، على وجه التحديد، باقتسام الغنيمة وتحييد الأمتيازات الروسية والصينية .. ومن أجل أن يجري إقتسام الغنائم بين لصوص الشركات، عمدت الشركات الأمريكية والبريطانية النفطية إلى :

 

1- الطعن في شرعية قرار تأميم نفط العراق العظيم لعام 1972 ، والعمل على الأمتيازات القديمة للشركات التي انتزع التأميم ملكيتها غير الشرعية.

 

2- العمل على خصخصت نفط العراق بنزع ملكيته من الدولة ونقلها إلى القطاع الخاص، سواء كان محلياً أم أجنبياً .. بمعنى تحويل الملكية من الشعب إلى نخب لصوص النفط .

 

3- العمل على بيع الإحتياطي الإستراتيجي من النفط والغاز مقدماً وفرض ضرائب على الإنتاج .. فقد اكدت مؤسسة ( Platform ) البريطانية ( أن الشركات العاملة قبل تأميم نفط العراق لم يكن لها أي دور في خطة التنمية، إنما كان وجودها في العراق يقتصر على تحقيق اقصى معدلات الاستفادة الربحية ) .. إن خطورة التعامل مع شركات النفط التي لا تكمن في إهمال البيئة وخطط التنمية، وخطط صيانة المنشاءات النفطية والغازية لمواصلة وتطوير وتائر الانتاج فحسب، إنما يكمن ايضاً في ( عقود مقاسمة الانتاج ) ، حيث تحصل الشركات على ارباح فاحشة من برميل النفط الواحد بعد اقتطاع كافة المصروفات بتكلفة قد تكون دولاراً واحداً للبرميل الواحد لفترة تمتد إلى 30 سنة، الأمر الذي يؤكد ان متوسط ارباح هذه الشركات خلال ثلاثة عقود 30% من اجمالي الانتاج في العراق، وبمعدل ( 3 ) مليون برميل يومياً بسعر مثلاً ( 20 ) دولار للبرميل، ستصل هذه الأرباح نحو ( 208 ) بليون دولار في 25 سنة وترتفع الى ( 646 ) بليون في حال ارتفع السعر الى ( 60 ) دولاراً للبرميل والواحد.. ويتضح من هذه الارقام البسيطة ان هذه المبالغ الطائلة تقتطع من اموال الشعب العراقي، الذي تعيش قطاعات واسعة منه تحت خط الفقر، فيما تنهب الشركات الأمريكية والبريطانية ولصوص الحكومة الطائفية أموال الشعب العراقي.. والمقال هذا لا يتحمل اتساع الموضوع وهول الأرقام التي تشكل معدلات النهب الإستعماري الأمريكي البريطاني لثروة الشعب العراقي منذ عام 2003 ولحد هذه اللحظة .

 

ملاحظة : احصائيات المعهد الجيولوجي الامريكي تشير الى ان احتياطات النفط المؤكدة للنفط التقليدي ( Conventional Oil ) في العراق هي اكثر من ( 3000 ) بليون برميل، يكفي للإستهلاك العالمي لـ ( 100 ) عام، وقد تزيد هذه الكميات إلى ( 4000 ) بليون برميل عدا الغاز ) .!!

 

ثانياً- إيران تسرق ارصدة العراق النفطية وتودعها لدى حزب الله في جنوب لبنان :

 

1- تفيد المعلومات التي كشفت عنها صحيفة ( نيويورك تايمز ) في عددها الصادر بتاريخ 13/ تشرين أول- اكتوبر 2014 ( ان مشروعاً عرض امام مجلس الكونغرس الأمريكي في اعقاب احتلال العراق عام 2003 يقضي بتقديم مساعدة امريكية ضخمة للحكومة العراقية الجديدة، وهي مليارات الدولارات العراقية المجمدة في المصارف الامريكية لحساب العراق من اموال برنامج النفط مقابل الغذاء .. وإن كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، طلب من مجلس الأمن فتح تحقيق في فضيحة اختلاسات ضخمة تورط فيها موظفو البرنامج من دول كبرى بما فيها روسيا .. وإن الرئيس بوش أمر، حين علم بوجود أموال العراق المجمدة، بشحن مبالغ منها تتراوح نقداً بين ( 12- 14 ) مليار دولار إلى الحكومة العراقية، التي كان يديرها ( بول بريمر ) ، ثم حَوَلَ ايضاً ( 5 ) مليارات دولار كأموال الكترونية سائله ليصل المبلغ المعلن الى ( 19 ) مليار دولار ) .!!

 

2- لقد اكتشفت الادارة الامريكية ان الاموال المحولة لم تنفق على الحكومة العراقية ولم تدفع كرواتب او لسد احتياجات ضرورية طارئة ، إنما اختفت هذه المليارات من الدولارات بعد تشكيل الحكومة العراقية الثانية برئاسة ( ابراهيم الجعفري ) وزير الخارجية الحالي، ثم الحكومة الثالثة برئاسة ( نوري المالكي ) .!!

 

3- قام بوش بتكليف صديقه رجل الأعمال ( ستيوارت باون ) بتقصي حقيقة هذا الأمر وفتح تحقيق لمعرفة أين اختفت هذه المليارات بعد تحويلها ووصولها إلى بغداد .؟!

 

4- ومنذ عشر سنوات و ( باون ) مستمر بالتحقيق .. ولكنه قبل بضعة أسابيع من هذا العام 2014 اعلن ( أن مليارات الدولارات جرى تحويلها بمعرفة الحكومات العراقية المتعاقبة في السنوات العشر الأخيرة إلى لبنان .. وبدلاً من إيداعها في المصارف رسمياً فقد اودعت في مستودع محصن وضخم تحت الأرض في الريف اللبناني ) واضاف ( انه يمتلك الآن مستمسكات ووثائق حصل عليها في التحقيق لنقل ( 1.2 ) مليار إلى ( 1.6 ) مليار دولار فقط إلى لبنان .. إلا أنه لا يملك إثباتات عن المليارات الآخرى التي تم نقلها، وذلك لأسباب خارجة عن إرادته ) .!!

 

5- واضافت الصحيفة ( ان باون ابلغ المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA ) و ( FBI ) ، بنتائج التحقيق وطلب منها مواصلة التحقيق .. وإن باون ذكر ان هذه الأجهزة لم تحرك ساكناً وتذرعت بأن هذه الاموال عراقية ) .. إلا أن الأجهزة الأمريكية تعرف ان نهب الحكومة العراقية لموارد العراق النفطية يفوق كثيراً هذه المليارات المنهوبة .

 

6- وذكرت الصحيفة ان باون نوه ايضاً بأنه ( تحدث إلى نوري المالكي بخصوص المليارات ( 19 ) التي نقلت إلى لبنان .. فلم يقم بأي اجراء لاستعادتها إنما أبدى استياءه من الطريقة العلنية التي نقلت بها امريكا المال الى العراق ) .

 

7- كما اشار ( باون ) ايضاً الى ( ان السفارة الامريكية في بيروت رفضت التعاون مع محققيه لمعرفة مكان المستودع .. ولم تكتف السفارة بالرفض بل حذرت المحققين من مغبة البحث عن هذه الاموال ) ... وهذا يؤكد ان المليارات موجودة في مكان في جنوب لبنان يسيطر عليه ( حزب الله ) ورجال إيران في لبنان .

 

8- المغزى من الرفضن الرسمي الامريكي التعاون مع ( باون ) ، في ظل ولآيتي بوش و أوباما ، يرجع الى ( عدم رغبة الادارة الأمريكية في احراج النظام الصفوي في طهران، وخاصة في ما يتعلق بالملف النووي الايراني من جهة، ووضع النظام الصفوي في بغداد التابع لإيران الذي يمارس عمليات القتل والتهجير الطائفي والأثني تحت مزاعم محاربة ( الإرهاب ) من جهة ثانية ) .

 

9- كما ابدى ( باون ) للصحيفة المذكورة تنويه بأن احد الشخصيات الحكومة اللبنانية قد اعتذر هو الآخر عن التعاون في هذه القضية الفاضحة .

 

ويتضح من كل هذا ما يلي :

أولاً- إن امريكا حَوَلَتْ مبلغ - كاش - مقداره ( 19 ) تسعة عشر ملياراً من الدولارات إلى الحكومة العراقية في بغداد بعد الاحتلال .

 

ثانياً- وبأمر من طهران حَوَلَتْ حكومة بغداد هذه المليارات إلى لبنان .. واستلمها حزب الله في الجنوب اللبناني.

 

ثالثاً- لم يضع حزب الله هذه المليارات في البنوك اللبنانية، إنما خزنها في ( قبو خاص تحت الأرض ) من أجل تمويل نظام دمشق بأموال عراقية، وإبقاءه قابلاً للحياة، بعد أن فقد ما يسمح له بالبقاء كـ ( دفع الرواتب والأجور ونفقات الجيش وإدارة العمليات العسكرية ومتطلبات وانفاقات الحياة العامة في البلاد ) .. وإلا من أين يأتي نظام دمشق برواتب الجيش والموظفين ومصروفات الحرب الباهظة ونفقات الدولة منذ اندلاع الحرب على الشعب السوري ولحد الآن ؟!

 

رابعاً- إذن .. إيران سرقت ثروة الشعب العراقي ومقدارها ( 19 ) مليار دولار بواسطة حزب الدعوة الحاكم في بغداد، لتمويل تدخلها المليشياوي والعسكري والإستخباري الخارجي .!!

 

أمريكا والحكومة العراقية الصفوية والنظام الفارسي و حزب الله في الجنوب اللبناني هم جميعاً لصوص ويمارسون الإرهاب تحت أغطية المذهب الذي باتوا أوصياء عليه لأغراض سياسية لا تمت للدين ولا للمذهب بصله .. فأين قوى العالم الذي يدعي الحرية والديمقراطية .. وأين الشعب العربي من كل هذا .. وأين الشعب العراقي بكل طوائفه الوطنية الشريفة ليقتص من هؤلاء اللصوص القتله ؟!

 

( المعلومات التي وردت في الفقرة الثانية هي ترجمة لصحيفة نيويورك تايمز جاءت على ذمة مقال نشر في صحيفة

الشرق الأوسط ليوم 28/10/2014 )

 





الخميس ٦ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.