شبكة ذي قار
عـاجـل










يمكن ببساطة ووضوح لا لبس فيه أن نقسم أطراف الصراع الاستراتيجي في العراق إلى :

1- الأدوات المحلية المستخدمة من الخارج لأغراضه ومآربه المختلفة والتي تشتغل وتنشط بمختلف الطرق وصولا إلى حمل السلاح وتنفيذ أعمال إجرامية وإرهابية لتضعف الدولة العراقية.

2- الامبريالية وقوى عالمية أخرى تعمل بالتقابل لأجل ضمان موطئ قدم في الجغرافية العراقية الإستراتيجية وتضمن حصصها من ثروات العراق.

3- الصهيونية ولوبياتها وتشكيلاتها المخابراتية النافذة في كل الجهات اللاعبة في العراق.

4- الطائفية الخمينية المعتمدة في برامج استهداف العراق على خطوط من الموالين منتشرة ومتيسرة التشكيل بحكم التداخل الجغرافي بين البلدين وبحكم مكونات التلاقي المذهبي مع جزء من العراقيين وعلى خط القوة الإيرانية المباشرة الذاتية التي استخدمت منذ تولي خميني السلطة عام 1979 ولحد الآن.

وبالمقابل فان جرد الحالة العراقية سياسيا منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية والى سنة غزو العراق تعطي صورة لا ينقصها الوضوح عن طبيعة القوى الوطنية والقومية والدينية التي تصدت للعمل السياسي واستراتيجياتها المحلية والإقليمية والدولية وما تتكئ عليه من قدرات وسعة قواعد وانجازات تجعل من ادوار كل منها موضع اهتمام عام وردود أفعال تتراوح بين القبول وبين الرفض ومناهج تعبيرها عن مواقفها السياسية والاقتصادية المختلفة بما يؤشر حالة اعتدال وقبول واحتواء من قبل القوى الخارجية التي اشرنا إليها أوفي حالات اخرى رفض مقرون بالعنف والمواجهة العسكرية كخيار نهائيكما حصل مع التمرد الكردي والعنف والارهاب لأحزاب طائفية واخرى يسارية وصولا الى الحرب التي شنتها ايران نيابة عن كل اطراف العداء وما تلاها من احداث متداخلة تشبه التفاعل المتسلسل في الفيزياء والكيمياء كل منتج من منتجاته يصير مادة اولية لما يليها. ويبرز لأي باحث فورا ان الدولة والنظام الذي أسسه حزب البعث العربي في العراق عام 1968م يعد نظاما غير مقبول من قبل أطراف الاهتمام بالعراق التي اشرنا اليها اعلاه.

ان غزو العراق عام 2003 يعد رد الفعل الاعظم والنهائي على سياسة وادارة ومنتجات البعث في العراق التي تقاطعت تماما مع الاطراف التي شكلت قوات الغزو ومن ثم تشكيلات الاحتلال العسكري والادارة المدنية وهي :

اولا : اميركا ومَن تحالف مع نهجها من دول العالم الاجنبي والعربي حيث كان العرب المشاركين فاقدي الارادة، وان ارادتهم قد اندمجت عضويا مع ارادة اميركا لان سياسة البعث في العراق تتعارض وتتقاطع مع النزعات القطرية للأنظمة العربية وتبعيتها الذيلية لأمريكا والغرب الامبريالي.

ونحن ننتظر من يتحدانا ويثبت ان أميركا قد غزت العراق لتؤسس لحال أفضل سياسيا واقتصاديا ومؤسساتيا, اي لتأتي بنظام افضل من نظام البعث وليس لمجرد القضاء على هذا النظام لأنه لا يتوافق مع مناهجها ويشكل خطرا حقيقيا على مصالحها. كما نتحدى مَن يبرهن لنا وللعرب وللعالم ان اميركا منصفة ومصالحها متوازنة وتضع في الحسبان الاطراف المقابلة بالتشارك.

ثانيا : ايران وتشكيلاتها العسكرية والمخابراتية والتنظيمات والمليشيات والاحزاب التي تحمل الجنسية او الهوية العراقية غير انها جزء لا يتجزأ من المشروع الفارسي الطائفي الاحتلالي للعراق المتستر بالمذهب لخداع العراقيين وخاصة مَن هم شركاء بالمذهب مع النظام الايراني ودولة الولي الفقيه. ايران ومن معها يقفون على ضفة عداء معلن مع نظام البعث في العراق، واكثرهم موضوعية واعتدالا هو مَن يرى في الحرب التي دامت ثمان سنوات بين البلدين حربا عبثية كان النظام البعثي هو سببها ويلقون بلائمتها وخسائرها الفادحة على كاهله متجاهلين تماما اي دور لإيران الخميني ونهجه القائم على اقامة دولة او امبراطورية طائفية انطلاقا من طهران عبر العراق وصولا الى الخليج واليمن والشام ولبنان. بل ان حقيقة هؤلاء المعتدلين انهم يلعبون لعبة الوسطية ليبيحوا لأنفسهم حق تجريم العراق شعبا ونظاما وجيش ليكون الاحتلال الايراني الراهن بعد الغزو الامريكي امرا مقبولا من باب الثأر او استحقاقات الكرامة الوطنية و الفارسية !!

وهنا ايضا نحن في حال ووضع واضح المعالم من عداء عقائدي كان هو السبب لصراع دموي لا يتجادل فيه اثنين. والاقرار المجرد بوجود هذا التقاطع والعداء العقائدي هو اقرار بوجود مبررات العداء الايراني الذي خرج من حرب السنوات الثمان ليجد لنفسه مسالك اخرى غير تلك التي قبرتها ارادة العراق والعراقيين فلم تجد بدا من الارتماء في احضان الامبريالية الامريكية وتعمل معها بشكل مباشر وغير مباشر وعبر وكلاءها لإنهاء عقدة العراق التي تعيق تنفيذ المشروع الفارسي الصفوي الطائفي.

ثالثا : الضلع الثالث هو الكيان الصهيوني الذي لن نتحدى ولن نحتاج الى كثير جدل لإثبات حقائق عداءه لنظام البعث في العراق وعمله الدؤوب على كل الاصعدة لإنهاء وجوده المهدد للدولة العبرية التي تحتل فلسطين. الصراع هنا ايضا له طابع عقائدي واضح وهذه الطبيعة الايديولوجية تجعل من التقاء العقيدة الفارسية والصفوية في معاداة البعث لقاءا جدليا تحكمه عوامل مباشرة واخرى غير مباشرة ايضا.

الاضلع الثلاث تداخلت في غزو العراق وكان أول ما نتج عن الغزو هو قانون اجتثاث البعث !!!

ألا يبدو غريبا اننا نريد ان نصل الى استنتاج جد متأخر ومن العيب أن يكون غائبا عن السياسة واحزابها في كل العالم؟ أم ان العيب الحقيقي أن تتحد كل ادوات الاعلام والسياسة لتدين البعث وتؤطر عمليات ذبحه ضمن صيغ المنطق والمعقول واجترار جرائم، كان دور البعث فقط انه شاهد عليها لتغييب الحقائق وتقلب الصور وتخلط الاوراق والالوان؟؟

اذن ..
وبالاستناد الى المنظور والمسموع والمقروء من الافعال والوقائع والاحداث, من لحظة غزو العراق عام 2003 على الاقل, ان الاطراف الثلاث التي تحمل عداءا تقليديا للامة العربية وللعروبة وتعمل على السيطرة على أرض وثروات ومقدرات العرب هي التي تصدت لأول دولة عربية قوية ولأول محاولة عربية للارتقاء الى ما هو أعلى من مسارات النهوض المسموح بها والتي حققت لأول مرة في تاريخ العرب الحديث والمعاصر انتصارات نوعية وتاريخية لصالح العرب بعد ان حاصرتهم الهزائم الموجعة واحاطت بهم مسارات الاحباط والتيئيس والتهميش وانعدام الاحترام وتمييع القيمة الانسانية ألا وهي دولة البعث.

اجتثاث البعث هو اجتثاث لإرادة العرب في التحرر والاستقلال الناجز ومن هنا صار واجبا امبرياليا وفارسيا وصهيونيا. واجتثاث البعث ضرورة ايديولوجية ما دام هو العقيدة الوطنية والقومية الوحيدة التي برهنت على قدرة توظيف ثروات وطاقات الامة الظاهرة والكامنة في مواجهة اهداف وغايات العدوان العقائدي لإيران والصهيونية.

ان بقاء البعث يترسخ ويقود ويعبئ وينّور ويقدم النماذج المنتصرة للنهج القومي العروبي الوحدوي خطر داهم اضطرت الإمبريالية الامريكية الى توظيف كل طاقاتها وتأثيراتها لإزالته فغزت العراق لإنهاء دولته العملاقة واصدرت قانون اجتثاث البعث ظنا منها انها ستنهي وجوده كليا. ولكن ..

هم أرادوا, وما حصل ويحصل في ارض العراق والأمة ان البعث عصيّ على الاجتثاث .. لأنه أمة. أمة العرب بقضها وقضيضها لا يستثنى منها الاّ مَن باعوا أنفسهم لأعداء الأمة.

والبعث بجلده ولحمه وعظمه هو مَن يقاتلهم ويلحق بهم وبمشاريعهم أعظم الاذى والاضرار وسيستمر حتى تنتصر الأمة بانتصار البعث وشركاءه.






الجمعة ٣ ربيع الثاني ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.