شبكة ذي قار
عـاجـل










الإنسحاب الروسي المفاجئ من سوريا يطرح الكثير من التساؤلات ، ماهو الهدف الذي إندفع بوتن لتحقيقه من التدخل الروسي ؟ ، وما هي الأسباب التي أدت لإنسحاب الروس قبل أن تنقشع غيوم الحل السياسي في سوريا ؟ ، هل هناك صفقة روسية امريكية أدت لإنسحاب الروس ، وهذه الصفقة أكثر ربحاً للروس من التدخل لصالح بشار ؟ ، وهل هناك صفقة تجارية مع السعودية اشترطت إنسحاب الروس من سوريا، هل النظام السوري لا يستحق كل التضحيات الروسية ، لأنه عجز عن الاحتفاظ بالارض التي حققها القصف الروسي ؟ ، هل هزم الروس بسبب وضعهم الاقتصادي المنهار بعد انهيار أسعار النفط ، فوجدوا أنهم لا يستطيعون تحمل كلفة الحرب العبثية التي قاموا بها في سوريا .

من حق كل المراقبين أن يطرحوا العديد من الأسئلة ، ولكن علينا أن نسأل ماهي الانعكاسات السلبية على نظام بشار بعد الإنسحاب الروسي ، خاصة وأن القصف الروسي جاء لإنقاذ النظام بعدما وصلت قوات التنظيمات المعارضة إلى المربع الطائفي للنظام ؟ ، فكانت اللاذقية على وشك السقوط بشكل كامل قبل التدخل الروسي، إلى جانب أن النظام قد ضاق ذرعاً من تدخلات ملالي الفرس واملاءاتهم عليه ، فلجأ للروس لتخفيف لا بل الخلاص من رعونة السياسة الفارسية .

هل أن الروس قد عقدوا صفقة سياسية في اوكرانيا مع الامريكان والاتحاد الاوروبي، وصفقة اقتصادية في تصدير الغاز للاتحاد الاوروبي ، كلاهما قد فرض الإنسحاب من سوريا ، وترك النظام عارياً يعد أيامه للسقوط ؟ ، وماهي قصة خلاف ملالي الفرس التي أعلنها الملالي أنهم غير راغبين عن السلوك الروسي ، الذي تبدو فيه التخلي عن بشار في ضوء صفقة مع امريكا والاتحاد الاوروبي لتسوية الصراع في سوريا دون بشار ، لأنه هو العقبة التي تعيق الحل السياسي ؟ ، وأن الملالي كانوا يخشون هذه الصفقة ، لأن نفوذهم مرتبط بوجود النظام ، وبفقدانهم للنفوذ في سوريا سيكون مدخلاً لسقوط حزب الله ومطاردة عناصره ، مما يعني إنتهاء الدور الفارسي في التدخل بشؤون المنطقة ، والوصول به للتصادم مع الجماهير الايرانية التي حرمها من الحياة ، وممارسة حقوقها المدنية ، إلى جانب ما سيتلقاه من ضربات المقاومة العراقية الباسلة في العراق ، ليتم تحرير العراق ، وتسجيل هزيمة للفرس إلى جانب هزائمهم التاريخية على أرض العراق .

لا شك أن الروس قد خسروا في الحالتين حالة التدخل غير المبررة لصالح نظام يقف في طريق حرية شعبه من جهة ، وفي الإنسحاب من دعم نظام التجأ إليهم لحماية نفسه فهبوا لنجدته ، ولكنهم قد خذلوه أمام صفقة أكثر جدوى ونفعاً من جهة أخرى.

النظام الروسي لم يعد نظام مبادئ ، وروسيا ليست الاتحاد السوفييتي السابق ، رغم المواقف الإنتهازية للرفاق في موسكو ، خاصة أثناء العدوان الفارسي على العراق ، رغم ما بين العراق والاتحاد السوفييتي من معاهدة صداقة تخلى الرفاق عنها ، فالذين طبلوا للتدخل الروسي في سوريا ، وخاصة من الرفاق قد كانت نظرتهم قصيرة في فهمهم للسياسة الدولية ، فلم يعوا بعد أن روسيا دولة ذات مصالح ، ولا تختلف في سياستها عن الولايات المتحدة ، فهي أقرب إلى النفس الامبريالي منها لدولة المبادئ ، ودولة المصالح تقيس الأمور السياسية في ضوء ما ينسجم ويخدم هذه المصالح ، فليس لديها أي حرج في عقد صفقة مع الامريكان أو الاتحاد الاوروبي على حساب دماء الشعب السوري ، فالنظام السوري الذي باع كرامته ، ودمر سوريا وشتت شعبها لا يستحق تضحية الروس ، والروس ليسوا في وارد التضحية بمصالحهم السياسية والاقتصادية بما يخدم نظام لفظه شعبه .

هل إنتهى دور بشار بعد الإنسحاب الروسي ؟ ، وماذا ستكون لغة المعلم وزير خارجية النظام على أبواب مؤتمر جنيف ، بعد أن رفع الروس الغطاء العسكري والسياسي عن نظام سيده ؟ ، وماذا في مقدور الملالي أن يقدموه للنظام ، بعد أن كانوا يظنون واهمين أن الروس سيقاتلون معهم لآخر قطر دم روسية ، لصالح نظام فقد ثقة جماهير شعبه ، وبات في مهب الريح ؟ .

أغلب الظن أن العد العكسي لإنتهاء النظام قد بدأ عند بوابات جنيف ، التي يتفاوض فيها وفدي النظام والمعارضة ، وأن الإنسحاب الروسي قد سدد ضربة قاضية للنظام ووفد تفاوضه ، فعلى ماذا يستند وفد النظام وهو الذي خسر أكبر حليف له في الصراع ؟ ، فهل سيقدم الامريكان والاتحاد الاوروبي حبل النجاة لنظام بشار؟ ، في دفعه للقبول بصفقة سياسية تنهي دوره مع عدم ملاحقته ، بسبب مسلسل الجرائم التي ارتكبها في حق السوريين ، وأن ينتهي كل دور سياسي للنظام ورموزه من الحالة السورية التي باتت أقرب إلى الحل في غياب النظام ، لأنه لا يعقل التضحية بشعب كامل من أجل رغبة حاكم مهووس للسلطة ، حتى لو كانت هذه السلطة قائمة على جماجم البشر.

لا شك أن الروس هم الخاسرون من عدم مصداقيتهم أمام شعوب العالم الثالث بعد خسارة النظام السوري الذي بات يعد أيام وجوده ، وهوما يستحقه كل من يضع نفسه في حضن الغرباء ، وخاصة إن كانوا من الدول ذات المصالح التي تقيس الأمور بحجم مصالحها ، ولا تقيم وزناً للمبادئ والاخلاق ، فالسياسة بلا أخلاق ، والروس بعد سقوط الاتحاد السوفييتي باتوا يفهمون جيداً الفلسفة البراجماتية الامريكية ، فلسفة المنفعة والمصالح ، فلا مبادئ ولا اخلاق في السياسة ، وليست هناك سياسة ثابتة ، هناك مصالح ثابتة ، فهل تعي دولنا العربية ذلك ، وأن تعتمد على قواها الذاتية ، بدلاً من الارتماء في أحضان الغرب أو الشرق .

dr_fraijat45@yahoo.com





الخميس ٨ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.