شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ أكثر من أربعةَ عشرَ قرناً وتحديداً عندما ظهرت ( يثرب ) وبرز دورها وسميت بالمدينة المنورة التي نورها الله سبحانه وتعالى بنور الحبيب المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) والتي نشأت في قلب الصحراء العربية ونشرت أجنحتها ونورها إلى أقاصي أوربا وأفريقيا غربا لم تكن مدينة السيف أو البندقية والمدفع بل كانت مدينة القلم والقرطاس والكتاب، المدينة العظيمة مدينة العقل والعلم والفكر العميق، المدينة التي هاجر إليها الرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الذي بعثه الله رحمة للعالمين ( ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ) وقال عليه الصلاة والسلام ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وكانت قاعدة الانطلاق لنشر الرسالة الإسلامية الخالدة التي تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة والتي تستند إلى قول الجليل جل جلاله : ( ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) ) النحل125 ولم يتخلف العلماء والمؤرخين والفلاسفة عن البحث في آثار هذه الرسالة العظيمة الذي ظهرت في ربوع تلك الصحراء والتي جاءت بلسان عربي فصيح ) ) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ) على لسان النبي العربي الصادق الأمين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لغة أهل الجنة لغة التي يخاطب الله بها عباده في الآخرة لغة القرآن الكريم وكل ذلك هو الذي شجع الخلفاء والملوك سواء من الغزاة أو المجاهدين وكذلك صحابته الكرام ( رضي الله عنهم ) على نشر حكمة هذه الرسالة وعقيدتها, فهي التي تحث وتدعوا العلماء والمؤرخين والفلاسفة على السير في جميع دروب العلم لينيروا بها الفكر البشري ويهدوهم سواء السبيل فكان هؤلاء يبحثون عن الحكمة وحقيقة هذه العقيدة الذي قال عنها الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) ( الحكمة ضالة المؤمن يأخذها في أي وعاء وجدت ) .

لقد ترجم علماء أوربا وكتابها ومؤرخيها ومستشرقيها آثار العرب وأخبارهم ونشروا أفكارهم ودرسوا وحققوا في الرسالة الخالدة العظيمة لهذه الأمة المعطاء ومجدوا بعلماء الأمة ومؤرخيها وفلاسفتها وهم الذين درَسُوا اللغة العربية وفكروا فيها من خلال تلك المؤلفات والكتب الخالدة التي كانت قد دونت بمعالم حضارة الأمة ورسالتها العظيمة في بغداد ومصر والأندلس والمغرب وغيرها.

لكن ما نراه اليوم هو أن من يدعي العروبة والإسلام هم من أنكروا هؤلاء العظماء من العلماء والمفكرين والمؤرخين والفلاسفة وشككوا في وجود الأمة ورسالتها وفكرها السامي وشوه رسالتها الإنسانية وعقيدتها الإيمانية السمحاء.

أن من تنكّر لوجود الأمة والعربية ودورها الرسالي والحضاري المجيد هم الذين ظهروا في هذا الزمن وتكالبوا على العروبة والإسلام أصحاب ( الفكر السلفي المتطرف ) و ( الفكر الصفوي المتطرف ) فانتهجوا سلوك التخريب والتدمير والتشويه والسرقة وطمس معالم الحضارة العربية والإنسانية وتشويه دينها الرسالي الحنيف، قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في حجة الوداع : ( أيها الناس اسمعوا قولي واعقِلوهْ تَعلَمُنَ أن كل مسلم أخٌ للمسلم وأن المسلمين أخوة فلا يحل لإمرءٍ من أخيه إلا ما أعطاه من طيب نفس فلا تظلمنَ أنفسكم ) ، فأين المراجع الإسلامية بكل اطيافها من قتل الأبرياء ظلماً وعدواناً أين هم من والسلب ونهب أموال وممتلكات الناس وتدمير كل البنى التحتية بدون حق...؟.

ما أحوجنا في هذا المرحلة العصيبة التي تعصف بالأمة العربية من هزائم وانكسارات وجراحات وقتل ودمار وتهجير إلى أن توحد الكلمة ورص الصفوف والرجوع إلى معاني عروبتنا واصالتنا وعراقيتنا وإلى الله، كما كان العراقيون أخوة متحابين في العراق كله من أقصى شماله الى أقصى جنوبه ومن أقصى شرقه الى أقصى غربه موحدين تحت راية الله اكبر، وكلنا ندعو الله الجليل جل جلاله أن يجعل هذه المصائب باباً إلى الخير وربَ محنةٍ في طيها منحة ويتجلى ذلك في قول الله تعالى : ( ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) ) ( البقرة، 216 ) .

ولنا في تاريخ الأمة دروس وعبر كثيرة نستلهم منها ما تعرض له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى ضاقت به مكة المكرمة ومكر أهلها به وبأصحابه ( رضوان الله عليهم أجمعين ) فجعل الله تعالى نصره المبين في المدينة المنورة التي أضحت عاصمة الدولة الإسلامية ، وارتدت قبائل العرب على الخليفة أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) وظنوا أن الإسلام زائل لا محالة فإذا هو قائم في أرجاء الأرض وهاجت الفتن في الأمة بعد الخليفة عثمان ( رضي الله عنه وأرضاه ) حتى قيل لا قرار لها ثم توحدت الأمة العربية والإسلامية، حتى جاء أعداء الله والإنسانية المتمثلة بالتتار الذين أطبقوا على الأمة العربية الإسلامية وأبادوا حاضرتها في بغداد سرة الدنيا ومدينة السلام قلعة الصمود والتحدي... وقتلوا في بغداد وحدها ما يقارب المليون عراقي فكسر الله تعالى أعداءه في ( عين جالوت ) لتعود الأمة إلى سابق عهدها ومجدها وعظمتها، ثم ليبدأ دور الصليبين الذين جيشوا جيوشهم وخاضت خيولهم في دماء أبناء الأمة العربية إلى ركابها، فنهض القائد صلاح الدين الأيوبي ليعيد للأمة مجدها وعزها ويبتسم بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله النبي الأمين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وتحريره من جديد.

وقويت شوكة الفرس حتى سيطر البويهيون على بغداد مرة أخرى وهكذا يعقب الفرج الشدة، ويتبع الهزيمة النصر، وسيؤذن الفجر على أذيال ليل مهزوم… فلا يأس ولا قنوط من رحمة الله، وستهزم أمريكا والصهيونية والفرس الصفوين وأعوانهم و ( ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) ) القمر 45 إن اليأس والقنوط ليس من خلق أبناء الأمة العربية حملة الرسالة الإسلامية الخالدة كيف نيأس ولنا رب كريم أنعم علينا بالقائد المجاهد عزت إبراهيم ( حفظه الله وحماه ) الذي تمكن بإيمانه وإخلاصه من لم شمل الحزب وكل الخيريين والشرفاء تحت ظل القيادة العليا لجبهة التحرير والخلاص الوطني لتحرير العراق من دنس الإمبريالية والصهيونية والصفوية وأذنابهم الأنجاس.

يقول الجليل جل جلاله : ( ( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) ) يوسف 8
 





الثلاثاء ١٤ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب مجدي المحامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.