شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ اللحظات الأولى لإعلان اختطاف السيدة أفراح شوقي، المناضلة المدنية والإعلامية العراقية وبتلك السرعة التي تم بها استهلاك الخبر إعلاميا ونشره وتصعيده باتت الشكوك عن الجهة المنفذة لا تبرأ حكومة حيدر ألعبادي منها .

كما أن توقيت الفترة التي جرى فيها الاختطاف وخلال فترة اختفائها،لأسبوع كامل بضيافة خاطفيها ، ومن ثم طريقة إطلاق سراحها وبهذا الشكل المفاجئ والطريقة " الجنتلمانية" التي انتهى بها الاختطاف من " مكرمة الخاطفين" لها بإيصالها إلى الطريق السريع بسيارتها الخاصة المسروقة من قبلهم و برفقة عدد من سيارات الخاطفين عبر شوارع بغداد حتى حي المنصور أين يسكن شقيقها ، مع إعادة كل ما نهب من بيتها من حلي ومال ومقتنيات شخصية وحاسوب وهواتف شخصية، وحتى الاعتذار لها عن فقدان طابعة حاسوبية لها، ضاعت لديهم في زحمة تنفيذ تلك المهمة القذرة، حيث جرى تعويضها بخمسين ألف دينار عراقي ،حسب روايتها الأولية لعائلتها ، ولا شك ان هناك تفاصيل أخرى ينتظرها الرأي العام العراقي منها؛ إذا ما تمكنت السيدة أفراح شوقي من الإفصاح بشكل واضح وصريح عن ما جرى لها من رعب الحادث وفضاعته وبشاعته وعن الجهة التي خطفتها والمكان الذي أخفوها فيه . رغم هناك ما تسرب من خبر أنها كانت محتجزة بمنطقة قريبة جدا من حي المنصور، ولا تستبعد الاقامات والمحتجزات والمعتقلات الخاصة الموجودة ضمن فضاء مطار المثنى بوسط بغداد التي استولى عليه المالكي وأجهزة امن حزب الدعوة الحاكم.

ولئن النهاية جاءت بالإفراج عنها بهذا الشكل، وعلى خلاف كل التوقعات كونها تعاكس تماما كل الحالات السابقة للاختطافات التي انتهت ببشاعة حالات القتل المسجلة والموثقة لألوف المخطوفين من المواطنين العراقيين الأبرياء من ضحايا القمع السياسي والاجتماعي والطائفي ممن انتهت حياتهم بالتصفية الجسدية والرمي بهم على قارعة الطريق أو في ثلاجات المستشفيات العمومية بعد دفع إتاوات ومساومة مالية على تسليم جثثهم من قبل القائمين على مصلحة الطب العدلي منذ أيام حاكم الزاملي وعامر الخزاعي وغيرهم .

وبعيدا عن كل الظنون السوداء لدى البعض حول هذه المقالة لا بد من تأكيد موقفنا الرافض والواضح بإدانتنا الحازمة لابتزاز أو إيذاء أو خطف أي مواطن عراقي أو مواطنة عراقية من أية جهة كانت، ولأية أسباب، وخصوصا إذا ما دارت الشكوك وثبتت الأدلة القاطعة حول ألاعيب قوات الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية أو أدواتها المنفلتة المتمثلة في أفعال مليشياتها التابعة لأركان التكتل الحكومي الحاكم ببغداد.

التغطية الإعلامية الواسعة حول كيفية الاختطاف من بيتها في محلة السيدية ومسار سيارات الخاطفين ومعهم سيارة الضحية وإعلان كان قد صدر عن الجهات الأمنية يومها أشار إلى ان الجهات الحكومية أفصحت ان لديها خيوط للوصول إلى كشف الخاطفين والعمل على إطلاق سراح الضحية، ثم تم إطلاق سراحها مساء الثلاثاء 03/01/2017 وانتشر الخبر خلال اقل من نصف ساعة إلى العراقيين والعالم ، بما سمعناه وشاهدناه كل ذلك يؤكد بما لا يقبل الشك ان الجهة التي قامت بذلك هي جهة حكومية أو مشتركة مع هذه الحكومة في ذلك العمل الجبان المدان بكل المعايير الأخلاقية والسياسية...

والسؤال الملّح الآن: متى تُطلق العصابات بقيّة المختطفين؟ ومتى يطلق سراح الشعب العراقي المختطف جماعيا منذ 2003 ؟؟ .

والإجابة عن السؤال المهم لماذا اختطفت الإعلامية أفراح شوقي ثم أطلق سراحها في غضون أصعب أسبوع عاصف بالأحداث العسكرية والأمنية والسياسية مرت به حكومة ألعبادي وقواتها الأمنية وتحالفها الحاكم.

لا بد هنا من استعراض سريع لأهم الأحداث المسجلة في العراق خلال هذا الأسبوع وما قبله بأيام، في مقدمة الأحداث الإشارة إلى الهزيمة العسكرية الماحقة خلال هذا الأسبوع لقوات حيدر العبادي في نينوى، تجسد في تصاعد أرقام القتلى والجرحى على جبهة الموصل ومناطق أخرى، بدءا من الانبار وسامراء والحويجة وبيجي وغيرها من المناطق، مما كانت تعتبرها الحكومة أنها باتت " محررة" ويلاحظ عودة تصاعد وتائر وعمليات الإرهاب إليها إلى درجة بدأت تشغل كل أهالي المجندين وقوات الشرطة والأمن وحتى الحشد الشعبي. كما سجل الأسبوع فرار عدد كبير من الضباط وأفراد الحشد والقوى الأمنية وتركهم لمواقعهم العسكرية في تلعفر والموصل وغيرها مما اضطر حيدر العبادي إلى التراجع الكلي عن خطته العسكرية والأمنية وعن وعده في إمكانية استرجاع الموصل مع نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2016 واضطراره بإعلانه موعدا آخرا منتظرا لعدة أشهر قادمة.

وفي خلال هذا الأسبوع كذلك بدأ استياء شعبي واسع تحرك بوضوح في جنوب ووسط العراق خاصة، بعودة الحركة المطلبية واستنكار صفقات الفساد في المواد الغذائية وفضائح البطالة وسرقة أموال النازحين وتفاقم حالتهم مع حلول فصل الشتاء، كلها أحداث عبرت عن حالة فشل وعجز تام لكل أطراف التحالف الحاكم وللحكومة معا في النجاح، ولو بعمل سياسي واحد، يمكن به إشغال الرأي العام، كما ضاعفت الحالة أيضا حادثة طرد المجرم نوري المالكي ومنعه من تنظيم ملتقيات لحزب الدعوة في الناصرية والعمارة والبصرة ، أين طرد شر طرده، في حين تخبط رئيس التحالف الوطني الحاكم عمار الحكيم في التسويق لمشروعه في ما سمي "التسوية السياسية" ، وتم طرده في النجف حتى من اقرب المؤيدين له ، وبعدم تمكنه من مقابلة المرجعية السيستاني، كما فشلت إدارة خامنئي من طهران التي حج إليها كل أركان التحالف الوطني الشيعي عن رأب الصدع في صفوفه وانشطار التحالف الوطني وتفككه بشكل كامل إلى مجموعات وتكتلات مليشياوية سائبة ومنفلته تهاجم بعضها البعض الآخر، ومنها خروج مقتدة الصدر عن التحالف الوطني الحاكم علنا وبطريقته الديماغوجية المعروفة في آفاق اشتعال مواجهة شيعية شيعية بين المليشيات للسيطرة على الجنوب وبغداد خاصة ومحيطها تهيئة لأجواء ومخططات تقسيم العراق أو الفدرلة الطائفية المنشودة .

ثم بدأ مسلسل الإرهاب الأعمى يضرب بقوة بعودة التفجيرات والمفخخات وبشدة في بغداد وكربلاء وبابل والمشخاب والنجف ومدن أخرى، كما شملت التفجيرات اغلب الأحياء الشعبية ببغداد خاصة في أيام دموية انتقامية بشعة، وفي مقدمتها مدينة الثورة " الصدر حاليا".

كما لم تغط محاولات الاحتفالات المفبركة ليلة رأس السنة ببغداد من تغطية ما يجري فعلا في العاصمة وكواليس الحكومة وحالة " اللا دولة" والمناورات الجارية في السر والعلن، فكانت أيام السبت والأحد والثلاثاء من هذا الأسبوع تشهد مجازر دموية بشعة عقابا للمناطق الشعبية التي بدأت تتململ وتتحرك من جديد ضد الفساد وفشل الجبهة الأمنية والعسكرية عن انجاز أي شيء ملموس في الضفة اليسرى من الموصل، وتفاقمت حالة النازحين والمهجرين واستمرار إجازة البرلمان وغيابه وافتقاد البلاد إلى قيادة سياسية واضحة باختفاء رئيس الجمهورية وعزلته عن كل الأحداث بما فيه الظهور البروتوكولي العادي.

هذه كلها خلفية أسبوع اختفاء واختطاف الإعلامية أفراح شوقي؟ وبإطلاق سراحها فالحدث مهما بالغ الإعلام الحكومي ان يستغله لا يخفي أبدا انه جزء من سيناريو ثبت فشله بمحاولة إشغال الناس بأمور جانبية يفتعل لها الإعلام ضجة، كمثل فقاعات نوري المالكي التي سرعان ما تنفجر في وجهه وفي وجه تحالفه الطائفي الفاشل، وتصبح ضمن السجل المخزي لحكومة المحاصصة التي لم تجد وسيلة أتعس وأخس من خطف مواطنة عراقية بريئة من بيتها الآمن لكي تصبح موضوعا لإشغال الناس، ولو لفترة تحتاجها حكومة حيدر العبادي.

كل الدلائل تشير وستكشف الأيام قريبا ان حادثة اختطاف أفراح شوقي وانتهائها لا تتجاوز حالة مزحة ثقيلة يائسة تعبر عن إفلاس تام لحكومة حيدر العبادي وتحالفه السياسي المليشياوي الحاكم .

وان غدا لناظره قريب.
 





الخميس ٧ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.