شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس للزمان دوام ولا للحياة أمان فهي متقلبه وساعاتها دائرة وفصولها مختلفة وغيومها ملبّده وحالها متضاربة بين عسر ويسر وما على الأنسان الا ان يعيش فيها بما هي ترضى قانعا متفائلا صابرا محتسبا لمجريات احداثها مؤمنا بدوران أفلاكها فعندما يكون فرحا متنعما بنِعمها عليه ان يكون متحسبا لهمها وغمها وكدرها فنهار حياتنا ليس كليلها وشتائها ليس كصيفها والحكيم من يتبصر لبلائها ويؤمن بقضائها شاكرا لأنعمها واستقرارها فحتى البلاء قد يكون فضل وأمتحان وصبر ورخاء وان المصائب التي تصيب المرء وتعرض حياته للخطر والعوز والمرض قد يكون فيها خيرا له فربما كانت المصائب كفارة للذنوب ودفعا للكروب وتمحيصا للخطوات والدروب فأن نجح في مواجهتها فقد صلح وفاز ورشد وأن جزع وسخط أنهار وزَلْ وقد سمع حكيم رجلا يقول للآخر لا اراك الله مكروها فقال : كأنك دعوت عليه بالموت فأن صاحب الدنيا لابد ان يرى مكروها ولو يرى الناس ثواب الله لأهل البلاء لزالت همومهم وهانت عليهم دنياهم فهنيئا لنا قلة الراحة وعدم الأستقرار وشظف العيش فهي امتحان لصبرنا ولأيماننا وقوة تحملنا عسى ان ننال بسببها مكانة راضية مرضية عند العرض على الله . مر موسى عليه السلام برجل يعرفه مطيعا لله عزوجل قد مزقت السباع لحمه واضلاعه وكبده ملقاة على الأرض فوقف متعجبا فقال : ( اي ربي عبدك ابتليته بما ارى . فقال الله تعالى اليه أنه سألني درجة لم يبلغها بعمله .فأحببت أن ابتليه لأبلغه تلك الدرجة ).

ان الصبر على البلاء والتحسب للولاء ثواب يدخره الله لعباده يوم الحساب ليطهر به ذنوبهم حتى يلاقوه وقد غفر لهم واحسن اليهم ورضا عنهم ففرحوا بما آتاهم الله من فضله وأعد لهم من خير وبركات وفضل وحسنات . أنشد اسحاق الموصلي عندما حبس :

هي المقادير تجري في أعنتها فاصبر فليس لها صبر على حالي
يوما تريك خسيس الأصل ترفعه الى العلاء ويوما تخفض العالي

هكذا هي الحياة بصورها المختلفة ووقائعها تؤكد ان لا يدوم الا وجه خالقها صور عديدة ودروس مديدة وعبر جديدة لا حدود لها فمن كان بالأمس ذا جاه وسلطان وتاثيربدا اليوم ليس له أثر ولا قدر ولا تقدير ومن كان بالأمس القريب حافيا لا يقوى على عيش يومه اصبح اليوم يعانق الآفاق ويقطع الأعناق ويتحكم بالنفوس والأرزاق وما علينا الا ان نتعض لكل ما جرى من حقائق الكون والحياة وتوالي الدهور فالكل زائل الا وجهه الكريم سبحانه وتعالى فهو الباقي وصاحبه مبرور وذكره ريحان وعطور ولا عار ان زالت عن الكريم نعمه وفضائله ولكن العار في ان يزول خلقه وصبره وجلده وحسن شمائله في حالة الشِدة وتعثّر الأزمنة فقد تقضي علينا الحوادث ان لم نتحل بالصبر وسعة الصدر في صناعة الحياة ونسعى للقبول بروح مطمئنة آمنة بقدر الله وقدرته لنتجاوز محن الحياة وقساوة العيش في ازمنتها المتعاقبه لا تجرفنا الهموم ولا يمس ايماننا الجزع لأن نوائب الدهر لا تدفع الا بالرضا والأيمان والصبر والقبول .

يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام ( ثلاثة من رزقهن فقد رزق خير الدنيا والأخرة الرضا والصبر على البلاء والدعاء في الرخاء ويقول زهير بن ابي سلمى :

ثلاث يعزالصبر عند حلولها ويذهل عنها عقل كل لبيب
خروج اضطرار من بلاد يحبها وفرقة اخوان وفقد حبيب

وحالنا اليوم ما بين هجرة وتردي حال وعزل وأقصاء وقطع للأرزاق وفقدان للأحبة وشظف عيش لا امل لنا الا بالتقرب الى الله ولزوم اوامره والصبر على شدائده حتى يأتي فرجه ورحمته ولسان حالنا يقول :

أذا ما أتاك الدهر يوما بنكبة فأفرغ لها صبرا ووسع لها صدرا
فأن مصاريف الزمان عجيبة فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا





الاحد ٧ جمادي الثانية ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / أذار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.