شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

- هل للنظام الأيراني دورًا إقليميًا في بناء نظام الأمن الأقليمي؟

- هل سقط مبدأ كارتر ( Carter Doctrine ) بشأن الخليج العربي؟

أولاً- الدور الأيراني الأقليمي :

1- تبنى أنظمة الأمن عادة على أساس التجانس بين أطراف النظام، الذي يشترط أن يقوم على قاعدة عمل تحكمها جملة من المبادئ تتأسس هي الأخرى على جملة من الأهداف، التي تتسم بالأنسجام وعدم التعارض أو التناقض لتصب في عمل مشترك يحقق الأمن والأستقرار والتنمية ، كما يحقق التوازن الأقليمي.

2- أنظمة الأمن الأقليمي تستند على هذه المعايير وفي مقدمتها، ليس التوافق المؤقت المشروط بمرحلة زمنية تقتضيها، إنما تتأسس على معايير عدم الأعتداء على أي من أعضائها من جهة، وصد العدوان الخارجي على أعضاء النظام من جهة ثانية.

3- وإذا إريد إفتراضًا أن تكون أي قوة إقليمية لآعبًا في هذا النظام كغيرها، فيتوجب أن تنطبق عليها شروط النظام ومعاييره وقيوده .. وفي مقدمة هذه الشروط أن تمتنع عن ممارسة أي فعل من شأنه الأضرار بمصالح وكيانات أركان النظام، وأن تدافع عن النظام ، وأن تتقيد ببنوده التي تفصح، أن أي عدوان خارجي على أحد أعضاء النظام الأقليمي يعد عدوأنًا على الجميع ، وأن ترضخ لرأي أغلبية أعضاء النظام وتمتثل لأرادة الأجماع .. كما هو وضع حلف شمال الأطلسي الـ ( ناتو ) .. فهل تنطبق هذه الشروط الأفتراضية على النظام الأيراني الذي يتطلع ليلعب دورًا في نظام الأمن الأقليمي؟ وهل أن تاريخ هذا النظام، القديم والحديث، خالٍ من التدخلات العسكرية لدول المنطقة، ولم يحتل الأراضي والمدن والجزر في الخليج العربي، ولم يكن له وجود عسكري- مليشياوي إستخباري إستيطاني مسلح في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وبالتالي ألم يعمل هذا النظام على زعزعة أمن وإستقرار المنطقة.؟

وعلى أساس هذه الحقائق هل يحق له أن يتبوأ مكانة في نظام الأمن الأقليمي للمنطقة كما يتطلع ؟!

4- والجواب على إفتراض الدور الذي يطمح إليه النظام الأيراني، هو أنه لا يصلح لأن يكون له أي دور يذكر ، لسبب من كونه نظام معتدي وسلوكه عدواني فضلاً عن كونه يرعى الأرهاب في المنطقة والعالم .. هذا في جانب الأفتراض الذي يتحدث عن نظام الأمن الأقليمي .. أما الجانب الموضوعي فيتمثل بوجود نظام الأمن القومي العربي، الذي يُعَدُ العمود الفقري لنظام الأمن في المنطقة، والذي يستوجب إستنكار أي دعوة لما يسمى بـ ( نظام الأمن الأقليمي ) المشبوه، الذي يستهدف ( أمن النظم العربية ) كما يستهدف ( الأمن القومي العربي ) بإعتباره الحاضنة لأمن النظم العربية .. الأمثلة :

- حين تعرضت دمشق لتهديد الكيان الصهيوني الجدي، تدخل العراق عسكريًا وأنقذ العاصمة السورية من الأحتلال الأسرائيلي .

- وحين تعرضت البحرين لخطر التدخل الأيراني ، تدخلت السعودية عسكريًا وأنقذت المنامة من مخاطر التدخل الفارسي.

- وحين حرك النظام الأيراني ذراعه ( الحوثي ) في اليمن و ذراعه ( حزب الله ) لزعزعة الأمن في اليمن والسيطرة على مضيق ( باب المندب ) ، تحركت السعودية لتقود جيوشًا عربية لوقف زحف النظام الأيراني لأغلاق مدخل البحر الأحمر ، وإنقاذ اليمن وأقطار الخليج العربي من سياسة الأِطْباق الأستراتيجي الأيرانية، التي باركتها أمريكا بإستحياء وبصورة غير مباشرة دعمًا لنظام طهران الأرهابي.

5- أمثالة بارزة وعملية، تعكس طبيعة العلاقة الكائنة بين ( الأمن القومي العربي ) وبين ( أمن النظم العربية ) ، التي يجب أن تكون جزءًا منه في متلازمة إستراتيجية قائمة على أسس دفاعية جيو- سياسية تشمل كل الدول العربية بدون إستثناء.

ثانيًا- مبادئ الرؤساء في السياسة الخارجية الأمريكية :

- مبدأ نيكسون كان قد أعطى إيران مهمة الدفاع عن المصالح الغربية في الخليج العربي، وأغدق عليها بالأسلحة والمعدات والذخيرة ورادارات التنصت.

- بيد أن دخول الجيش السوفياتي لأفغانستان جعل المخططين الأستراتيجيين الأمريكيين على وجه التحديد، يعتقدون جازمين بأن الدبابات الروسية يمكن أن تنحدر بسهولة من أفغانستان لتلتحم في خط جغرافية ( البلوش ) وعلى إمتدادها النازل نحو السواحل الشرقية للخليج العربي .. عندها أُسْقِطَ شاه إيران وجيئ بخميني على رأس السلطة في طهران عام 1979 .. هذا الواقع قد أبرز الحاجة القصوى لتغييرات في الأستراتيجية الأمريكية، فظهر مبدأ كارتر ( Carter Doctrine ) ، يصاحبه إتخاذ عدد من التدابير، من شأنها عرقلة إستباقية بصيغة ( الردع ) لتوغل النفوذ العسكري للأتحاد السوفياتي نحو الخليج العربي حيث أبار النفط.

مبدأ كارتر هذا ربط بين أمن الخليج العربي والمصالح الحيوية الأمريكية .. إذ جاء منطوق المبدأ ليشير إلى ( إن أي عدوان خارجي تتعرض له المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الخليج العربي سيجابه بكل الوسائل الممكنة والمتاحة بما فيها القوة العسكرية ) ، وقد اتخذ المبدأ صيغة ( دفاعية ) ، والمقصود بالمصالح الحيوية الأمريكية ( منابع النفط ) و ( طرق إمداداته ) و ( أمن إسرائيل ) .!!

إذن .. الدفاع عن المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الخليج العربي هو جوهر مبدأ كارتر، وليس حماية الخليج العربي أو أقطاره .. والخوف الأمريكي كان مرده التهديد السوفياتي من خلال النقلة العسكرية الجيو- سياسية نحو أفغانستان ، وتصاعد الحركة الوطنية الأيرانية العارمة ضد الشاه بزعامة ( حزب تودة ) الذي يرتبط بالكرملين.!!

- التيار الأسلاموي قد طرد الجيش السوفياتي من أفغانستان كأداة من أدوات إستراتيجية الحرب الأمريكية .. ثم أخذت تداعيات الموقف تنسحب على كيان الأتحاد السوفياتي فأسقطته وفككت حلف ( وارسو ) وهدمت جدار برلين وصيرته دويلات مفككة . والتساؤل هنا ، هل سقط مبدأ كارتر؟ ، لقد حاول ( أوباما ) أن لا يعير للمبدأ إهتمامًا لسببين ، الأول : عدم وجود تهديد سوفياتي لمنابع النفط في الخليج العربي، والثاني : تمتين علاقات أمريكا بالنظام الأيراني من خلال التوافق الأستراتيجي بينهما في العراق ، فضلاً عن الأتفاق النووي . حتى بات ( مبدأ كارتر ) حبرًا على ورق .

- ولكن الآن، تظهر موسكو على سطح الأحداث لآعبًا دوليًا يمارس إستراتيجية القوة العسكرية بمهارة فائقة ، ويرتبط مع إيران بـ ( توافق سياسي ) مصلحي ، حتى أن النظام الأيراني قد عرض على موسكو جملة من إغراءات ذات طابع إقتصادي وإستراتيجي منها : إنشاء قاعدة عسكرية روسية على الساحل الشرقي لمياه الخليج العربي، وتقديم تسهيلات للقوات البحرية الروسية في ميناء ( بندر عباس ) ، وعقد إتفاق إستثمارات غاز ونفط، ثم الدفع بعلاقات العاصمتين طهران وموسكو، نحو عقد ( معاهدة إستراتيجية ) مقابل حماية موسكو لطهران .!!

- هذا الواقع المحتمل، ألم يشكل مقتربًا خطرًا يداهم المصالح الحيوية الأمريكية ومصالح باقي الفرقاء المعنيون في الخليج العربي وبمنطقة الشرق الأوسط؟ ، ألم يهدد هذا واقع المصالح الحيوية الأمريكية التي بني عليها مبدأ كارتر ؟ ثم ، أين مبدأ كارتر من الأقتراب الروسي من مياه الخليج العربي عبر الدولة الفارسية راعية الأرهاب في العالم ؟!

- العودة إلى سياسة الأحتواء ( Containment Policy ) .

يتبــــــــــــــــع ..





الخميس ١١ جمادي الثانية ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أذار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.