شبكة ذي قار
عـاجـل










غالبية المصطلحات تعرضت إلى تجارب تطبيقية سلبية ومسيئة للفكر العربي بتنوعاته

عمان - يصدر قريبا لعبد الستار الراوي، أستاذ الفلسفة ومباحثها في جامعة بغداد سفير العراق الأسبق في إيران، الجزءان الرابع والخامس من “معجم العقل السياسي الأميركي – مصطلحات حرب العراق”، الذي صدرت أجزاؤه الثلاثة في العام 2015.

لاحق الراوي، في معجمه، العبارات والكلمات والمفردات والمصطلحات التي ظهرت بعد احتلال العراق في واشنطن ولندن وبقية دول الغزو، وفي بغداد اقتحم المنطقة الخضراء المحصّنة واقتنص حكاياتها وصعد إلى الطائرة التي كانت تحوم في أجواء العراق لتبث برامج إذاعية وتلفزيونية موجهة إلى العراقيين.

ويقول الراوي عن “معجم العقل السياسي الأميركي – مصطلحات حرب العراق” “علينا البحث فيما وراء العبارة واللفظة والكلمة للتعرف على الأصل والغاية وكشف ما يختبئ وراءها وتحتها من رموز ومعان ودلالات، بعد أن أصبح قلب الحقائق والتلاعب بالعقول وتزوير الوقائع منهجا لتغيير الاتجاهات، وسلاحا معرفيا من أسلحة الحروب النفسية والإعلامية والثقافية، وقد تكون هذه الحرب في بعض حلقاتها ومراحلها أشد أذى وأكثر ضررا من المواجهة العسكرية نفسها، فالتوافق على فهم مشترك لمعنى أي مصطلح فكري هو المدخل الصحيح لأي حوار فكري متميّز”.

ويشير إلى أن غالبية المصطلحات تعرضت إلى تجارب تطبيقية سلبية ومسيئة للفكر العربي بتنوعاته القومي، الإسلامي، والعلماني، كما على صعيد شعارات الحرية، الديمقراطية، الإصلاح، الوطنية، المجتمع المدني، والتداول السلمي للسلطة.

ويبلغ العدد الإجمالي للمصطلحات الواردة في الأجزاء الثلاثة للمعجم، الذي تصدّره بأجزائه الخمسة نص من ملحمة كلكامش هو “من أجلك يا بلادي يستمر الوجود ويتواصل الغناء”، 873 بواقع 319 مصطلحا في الجزء الأول و246 في الجزء الثاني و308 في الجزء الثالث، بينما بلغ عدد صفحات الأجزاء الثلاثة نحو 2150 صفحة، وعدد المصادر والأدبيات الأجنبية والعربية نحو 320 مرجعا ما بين كتاب ومقال ودراسة، ووصل عدد المصادر الأجنبية باللغة الإنكليزية لوحدها إلى نحو 50 مقالا وكتابا ومثلها الأدبيات المترجمة للغة العربية. أما عدد الكتب والدراسات باللغة العربية فقد تجاوز الـ200 مصدر.

والتزم المعجم بالمنهج العلمي النقدي في العرض والتحليل واستخلاص النتائج، والتقيّد قدر الإمكان بالوقائع الموضوعية، والتجرد عن الهوى والنوازع الذاتية والمواقف المسبقة، مع الاحتفاظ في المقابل بحق إبداء الرأي في النقد والتقويم، وفي توضيح المعاني وتحليل الدلالات وبيان الغايات والمقاصد.

نقطة الشروع في إعداد المعجم كانت الأدبيات السياسية الأميركية : الوثائق، المذكرات، الاعترافات، الدوريات، الكتب، الصحف، والمدونات الأجنبية والعربية، فيما تشكل الوقائع الميدانية في داخل العراق الأساس الموضوعي في تصميم الكثير من المواد والفقرات والموضوعات وبنائها، لذلك حرص المؤلف على التحقق من الألفاظ والدعاوى عبر متابعة حركة الأحداث واستقصاء الأسباب وما أسفرت عنه من معطيات ونتائج، وما يفرضه ذلك من تقديم الإيضاحات، وبالمستوى نفسه شكلت الوقائع الميدانية للاحتلال الأميركي وجرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الغزو الفاشية ركنا أساسا في اختبار أدبياته النظرية من الألفاظ والمفاهيم والشعارات والرؤى.

ويذكر الراوي أن الرئيس السابق باراك أوباما دعا بلاده في خطاب الهزيمة والانسحاب إلى أخذ العبرة من حرب العراق، وهي العبرة التي شكلت أساسا لطرح الاستراتيجية العسكرية البديلة، وهي نفسها الدروس الناشئة عن الحرب المفعمة بالخيبة والانكسار التي أثبتت ليس فشل الاستراتيجية المعمول بها فقط، وإنما فشل العقل السياسي الأميركي الذي غابت عنه حكمة الواقع‏ مثلما غابت عن بصيرته دلالة دحر إمبراطورية الفوسفور الأبيض هناك في ميدان معركة الحرية بمدينة الفلوجة، كان على الرئيس أوباما أن يتأمل مقدمات خيبته الكبرى، ويعيد قراءة أبجدية المقاومة، كانت الحروف كلها تدوّن وترسم كلمة النصر ما بين شهيد وشهيد، امرأة ورجل، العروس وفتاها، شيخ وحفيد كانوا معا صفا صفا، كانوا عقلا واحدا.

المدينة ذات الإرادة الخالقة سجلت فوزها المؤكد على إمبراطورية المارينز، لكن أوباما كما سلفه بوش، كان مكابرا ولم يتطرق في هذه العبرة التي حصرها بالانقسامات الدولية والداخلية التي سببتها الحرب إلى الحقيقة الصلبة التي فرضها الواقع وهي أن الجيش الأميركي خسر الحرب في العراق وهو في طريقه إلى خسارة الحرب في أفغانستان لأن قادته السياسيين والعسكريين لم يتعلموا من تجارب الحرب أن المقاومة الشعبية طرف ضد أي جيش نظامي، وتثبت أن هذا الجيش مهما بلغ من القوة حجما وتجهيزا سينتهي قطعا إلى الهزيمة لأن الحرب هنا لم تعد تقليدية بين جيوش نظامية بل أصبحت بين جيش مكشوف وقوة خفية لا يعرف متى تتحرك وأين ستضربه.‏

بقي أن نقول إن مواد المعجم رتبت بحسب تسلسل الحروف الهجائية من دون اعتبار لـ”ألـ” التعريف، ويبقى هذا المعجم بكل ما له وما عليه تجربة نسبية تحتمل الصواب والخطأ، اجتهد الكاتب أن يقول فيه شيئا ينفع الناس ويمكث في الأرض.





الاربعاء ١ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / أذار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.