لليوم الخامس والعشرين على التوالي يخوض آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وباستيلاته إضرابهم الكامل عن الطعام ,مستخدمين أمعائهم الخاوية إلا من الماء والملح سلاحاً بتاراً في مواجهة ومقارعة سياسات القمع والتنكيل الممنهج التي تمارسها إدارة مصلحة السجون الفاشية العنصرية بحق ما يزيد على السبعة آلاف أسير فلسطيني لا زالوا يقبعون في أقبية وزنازين الجلاد الصهيوني ,بينهم المئات من الأطفال القاصرين والأسرى المرضى بسبب الإهمال الطبي المتعمد ,وعشرات النساء الأسيرات اللواتي يتعرضن يومياً للقهر والتعذيب والحرمان على يدي الوحش النازي .
خمس وعشرون يوما من الإضراب المتواصل عن الطعام حتى بات أسرانا يتقيأون دماً ويدخلون مرحلة الخطر الشديد على حياتهم في الوقت الذي لا زالت فيه منظمات العمل الإنساني والدولي تغط في نوم عميق غير آبهة لمصير الآلاف من الأسرى الذين يتضورون جوعا جراء السياسات التميزية والعنصرية الممارسة بحقهم جهاراً نهاراً من قبل السجان الصهيوني ,مما يضعنا أمام سؤال كبير برسم الإجابة حول الدور المنوط بتلك المنظمات إزاء الأسرى زمن الحروب والنزاعات وحقيقة تمسكها والتزامها المواثيق والمعايير الدولية, ومعاهدات جنيف الأربعة ذات الصلة بشأن الأسرى والمعتقلين ,وكذلك حقيقة انحيازها التام للجانب الصهيوني والقطب الامبريالي الاستعماري .
وفي السياق ذاته لا يخلو الأمر من جلد الذات حيث التقصير الواضح للمستوى الرسمي الفلسطيني في متابعة قضية إضراب الأسرى ومسألة طرحه بقوة على الأجندات الإقليمية والدولية ,إضافة لضعف الأداء الشعبي وانحسار المشاركة الفاعلة في البرامج المساندة للأسرى على النخب السياسية والطليعة المجتمعية ,والتردد في مواجهة العدو على نقاط الاحتكاك وتكليفه ثمنا باهظاً بهدف إجباره على الانصياع لمطالب أسرانا العادلة.
وأخيرا لا يسعنا إلا القول أن معركة الحرية والكرامة هذه التي يخوض غمارها ببسالة قل نظيرها أسرانا البواسل في سجون الاحتلال الصهيوني إنما تستهدف الارتقاء بحرية وكرامة شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية ,حيث تأتي هذه المعركة في الوقت الذي تنزلق فيه قضية شعبنا نحو المجهول ,وكذلك تغوص أمتنا في أوحال الظلام والشقاق والفتن لتصل أسوء مراحل انحطاطها ,مما يدفعنا للقول مرةً أخرى أن معركة الأمعاء هذه تعطي إشارات فارقة في زماننا المتخبط والرديء ,وتحمل معها مشاعل مضيئة تنير لشعبنا وأمتنا دروب الحرية والكرامة على طريق استرداد كامل حقوقنا المغتصبة في الوحدة والتحرير وكنس الاحتلال والاستعمار والاستغلال والرجعية والدكتاتوريات.
