شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما رفض الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، قرار الولايات المتحدة غزو العراق في العام 2003، لقي خطاب وزير الخارجية الفرنسي آنذاك، دومينيك دوفيلبان، في مجلس الأمن، وإعلانه موقف بلاده، أصداء عالمية واسعة، جعلت من صورة فرنسا الأبهى عالميا، وليس فقط في منطقة الشرق الأوسط. ليس هذا الموقف فقط محطة في سياق الخط الفرنسي الديغولي السياسي تجاه الشرق الأوسط، بل إنه يتجاوز ذلك إلى شخصية الرئيس شيراك وتاريخه السياسي، وإصراره خلال سنوات حكمه ومسيرته السياسية على النهج المستقل لفرنسا، ورفض التبعية والهيمنة الأطلسية، فبالإضافة إلى موقفه التاريخي ذاك، والذي ترك آثارا إيجابية عالمية، فإنه الرئيس الذي رفض، مرات، أن يكون الجيش الفرنسي تحت القيادة الأميركية – الأطلسية، مثلما رفضها قبله الجنرال ديغول.

وربما تكون قطيعة الرئيس الفرنسي اللاحق، نيكولاي ساركوزي، مع هذه السياسة، ووضعه بلاده وسياستها وجيشها بالكامل في حلف شمال الأطلسي أحد الأسباب المهمة في عدم انتخابه لولاية ثانية. وعلى الرغم من أن الرئيس الجديد، إيمانويل ماكرون، لم يتطرّق، في حملته الرئاسية، كثيرا إلى السياسة الخارجية، لكنه أعطى مقابلاتٍ إذاعية، تم فيها سؤاله عن هذه السياسة، مجيبا أنها ستكون على النهج الديغولي -الميتراني، تكلم فيها عن فلسطين وحملة المقاطعة الدولية وقطر والسعودية وروسيا. ولا شك في أن طرح مثل هذا الشعار في الحملة الأنتخابية لم يكن اعتباطا، لما سيكون له من أصداء إيجابية في الداخل، كما في العالم، لم يغفلها أركان حملة المرشح للرئاسة.

لكن، ربما يكون هذا الكلام شعاراً انتخابيا جذّابا فحسب، فالرئيس ماكرون، وأركان حملته الانتخابية، يدركون أن إطلاق تصريحات لهذه الشريحة أو تلك من الفرنسيين خلال الحملة الانتخابية أمر مفيد أكثر لجذب أكبر عددٍ من الأصوات، خصوصا وأن المرشح لا ينتمي لأي حزبٍ، ولم يعرفه الفرنسيون إلا قبل بضعه أعوام، عندما عيّنه الرئيس فرانسوا هولاند وزيرا للاقتصاد فترة قصيرة جدا، فمن ضمن هذه التصريحات مثلا الاعتذار من الجزائر على فترة الاستعمار، وهو تصريحٌ رحّب به أكثر من خمسة ملايين ناخب فرنسي من أصول جزائرية، ناهيك عن اعتبار تصريحٍ مثل هذا نوعا من قيم التسامح والتعايش والتصالح مع الآخر وقبوله، في مقابل خطاب مرشّحة الجبهة الوطنية العنصري، مارين لوبان، أو ما نشر بشكل واسع في الإعلام، وفي شبكات التواصل الاجتماعي، فيديو للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، يدعم فيها مرشح "فرنسا إلى أمام"، من دون أن يعتبر ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية لفرنسا، هدفه دعائي كبير يمس الفرنسيين من أصول أفريقية، وداعمي الحزب الديمقراطي الذين تكوّنوا عبر سنوات، إثر حملاتٍ دعائيةٍ واسعة، لصالح مرشحي الحزب من أوباما وهيلاري كلينتون.

لكن، لا يمكن بأي حال أن يكون خطاب الرئيس ماكرون بشأن القضية الفلسطينية وسورية وقطر والسعودية وغزو العراق وما يحدث فيه منسجما مع النهج الديغولي -الميتراني المستقل وغير المنحاز وغير الخاضع لدول أخرى، ففي حديث له في "راديو جي" للجالية اليهودية في فرنسا في 9 أبريل / نيسان الماضي، يبدو ماكرون متناقضا مع الخط الديغولي والميتراني الذي يقول إنه سيكون نهجا لسياسة حكومته، فمن ناحيةٍ يعترف، في هذه المقابلة، بخطأ ما حصل في العراق وليبيا، مثل كثيرين غيره من الساسة الغربيين اليوم، ويتساءل فيها عن النتائج الكارثية. ومن ناحية أخرى يتمسك بالتحالف مع الولايات المتحدة وحروبها، لأن فرنسا تتقاسم معها قيما كثيرة منذ الحرب العالمية الثانية. يؤكد ماكرون، في حديثه للإذاعة، "أن عدو فرنسا الأول هو تنظيم داعش وكل أنواع التنظيمات على شاكلته، وأن فرنسا اليوم مع التحالف في حرب ضد هذا التنظيم والعصابات التي حاربتنا في بلدنا"، وهذا الكلام هو ما تردّده الولايات المتحدة والدول التي تحارب معها منذ احتلال العراق.

وبخصوص سورية، يعتبر إيمانويل ماكرون أن الولايات المتحدة لم تتبع مقترح فرنسا خلال الضربة الكيميائية الأولى عام 2013. ولذلك، يدعوها إلى التعاون مع الدول الأوروبية بعد حادث خان شيخون. ويقول إن على بشار الأسد أن يجيب عن جرائمه، وإنه لم يكن يوما متسامحا معه، وكان ضد زيارة الوفد الفرنسي له. ويقول إنه ضد القيام بعمل عدائي ضد بشار، "لأن ما حدث في ليبيا والعراق كان خطأ، نحن نعمل لمصلحتنا على المستوى الدبلوماسي والسياسي، وعلى الجميع اليوم أن يجلس على الطاولة ليتفق على ما بعد بشار". ويقول إن "وجود إيران وروسيا في هذا البلد هو هزيمة لأوروبا"، في حين أن فرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يدينوا تدخل النظام الإيراني وجرائمه، لا في العراق ولا في سورية، بل عادت العلاقات التجارية لإيران مع فرنسا إلى مجاريها بشكل طبيعي.

وبشأن فلسطين، يعقب على سؤال الصحافي الذي يقول له إن هناك من يرى أن القضية الفلسطينية هي بين أشرار وطيبين، بأنه ليس مع هذا التقسيم، "فهناك موضوع الأمن الإسرائيلي، نحن أصدقاء إسرائيل ومع حماية الشعب الإسرائيلي وأمنه، وفرنسا ستكون دوما
مع إسرائيل. كانت فرنسا مع الاعتراف بدولة فلسطينية صديقة لإسرائيل، لكن الاعتراف الآن بدولة فلسطينية غير مفيد، ولا يخدم الاستقرار والتهدئة، ستضيف فرنسا عاملا آخر، لعدم الاستقرار ومشكلة أخرى. وللمرة الأولى، يصرح مرشح للرئاسة الفرنسية بأن معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية، ويصف حملة مقاطعة إسرائيل ( BDS ) بأنها غير قانونية، بقوله إنه يشارك رئيس الوزراء الفرنسي السابق، إيمانويل فالس، قوله إن المعادي للصهيونية هو معادٍ للسامية، وذلك علما بأن القانون الفرنسي لا يمنع المقاطعة، وهناك عشرات الجمعيات الفرنسية تنادي بأنواع شتّى من أشكال المقاطعة ضد دولٍ أو منتجاتٍ أو شركاتٍ. وعلى الرغم من أن الرؤساء الفرنسيين رفضوا دائما التصريح بمواقفهم بشأن هجرة اليهود الفرنسيين باعتبارهم مواطنيين، لكن الرئيس الجديد يتفهم، كما يقول، موقف من يريد الهجرة منهم إلى إسرائيل لتعلقهم بالقدس.

ويسأل الصحافي الإسرائيلي الفرنسي الذي يقوم منبره ( راديو جي ) منذ سنوات بحملة منظمة ومستمرة ضد قطر والسعودية المرشح الرئاسي عن إمكانية رفع الامتيازات الضريبية عنهما في فرنسا، ومن الغريب أن يجيب ماكرون: "سأعيد النظر بهذه الامتيازات وستُعاد مراجعتها مستقبلا" إزاء دولٍ لها علاقات دبلوماسية وتجارية واسعة ومهمة جدا مع بلده. هذا الموقف للرئيس الجديد هو أحد الأسباب التي دفعت الفرنسيين من أصول عربية إلى أن يصوّتوا له في الانتخابات بنسبة 24% فقط.





الثلاثاء ٢٠ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أيــار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.