شبكة ذي قار
عـاجـل










اللقاء والاتفاق على الجريمة والباطل والفساد والكفر والرذيلة عادة ما يتم بين العصابات واللصوص وتجار السحت والانتهازيين والنفعيين وعديمي العهد والإيمان. ولأنه اتفاق مصالح بعيد عن المبادئ والقيم والأخلاق فإنه عادة ما يكون مؤقت ولا يعيش زمناً طويلاً وتتخلل فترة حياته مطبات واهتزازات وسقطات وعثرات وتكلل نهاياته الفشل المحتم. هذا هو قانون الله سبحانه في الأرض وهو أيضاً عرف اجتماعي ومسار قانوني لا جدال فيه فالمجرم وراكب الباطل والقاتل لا يمكن أن يديم ويوفي عهد صلة أو اتفاق أو دين أو كفالة والنهايات محكومة سلفا بالفشل والانحلال والتهتك والسقوط.

التقت فرق الظلال والخيانة بعد غزو العراق واحتلاله على الباطل ودخلت كلها في قدر الضغط الأجنبي الذي فتحت غطاءه أميركا لإيران وأعوانها. وفور انفتاح فرصة للسلطة (ولو سلطة مهمشة يحكمها الغزاة) تكالبت فرق فارسية بهوية عراقية مزورة وأخرى عراقية باعت العراق لتوالي إيران لأسباب تتعلق أيضاً بمنافع شخصية وعائلية وفئوية لم تر سبيلاً لتحقيقها غير السلطة وكانت إيران الشاه ثم إيران الخمينية مستعدة لشراء هؤلاء وتجنيدهم تحت أغطية مختلفة لتخترق بهم البنية الاجتماعية العراقية ونسيجها الأزلي وتشكل منهم خلايا تخريب وتجهيل وغلو وتطرف وتهتك أرواح وبؤر عمالة تكالبت على السلطة ومارست كل أنواع الإجرام والرذيلة ليحقق كل منها أكبر قدر من المكاسب الدنيئة في بلد فقد سيادته وأمنه وكرامته وصار شعبه هدفاً لكل أنواع التنكيل والطغيان والإرهاب والإبادة.

برزت أول وقائع الصراع بين هذه الضباع الضالة في الاقتتال بعد أسابيع من الغزو على إدارة المراقد والاستحواذ على مواردها الضخمة حيث اقتتل مقتدى الصدر وأعوانه مع السيستاني وأعوانه في كربلاء والنجف ومواقع أخرى في بابل والقادسية واستمرت معارك الشوارع بينهم عدة أسابيع سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى قبل أن يتوصلوا إلى نوع من الاتفاق على توزيع هذه الكعكة المغمسة بسم المذهب وحنظل الدين .. دين ومذهب المكاسب المادية لا غير.

وتكرر مشهد الاقتتال بين هؤلاء في ما سماه نوري المالكي ب ( صولة الفرسان ) التي تصارعت فيها قطعان حزب الدعوة مع ميليشيات جيش المهدي في البصرة.

وحصلت الكثير من المواجهات في الديوانية وذي قار وميسان وواسط والبصرة بين مجندي عمار الحكيم ومقتدى والدعوة والعصائب وحزب الله وجماعات توالي منظمة محمد تقي وهادي مدرسي وغيرها الكثير.

وتمكنت إيران من توحيد الفعل الإجرامي لمعظم فرقها وميليشياتها ومجرميها في حروبها الطائفية ضد شعب العراق عام ٢٠٠٦ بعد أن مهدت لها بتفجير مراقد الأئمة الأطهار في سامراء وتواصلت الحرب الطائفية التي تديرها إيران وتسفك فيها دماء هذه الفرق المجوسية وهي تقتل شعبنا وصولاً إلى تدبير بدعة داعش فدفع كل هؤلاء القتلة قدراتهم وما مكنتهم عليه قوات الاحتلال الأمريكي والإيراني لتقع جرائم إبادة العراقيين في محافظات الثورة العراقية المباركة وتسيل دماء أبناء المغفلين في مارثون إثبات الذات والقدرات التي ليس لها سوى هدف واحد لقيادات هذه الفرق القذرة هو : البروز عبر أنهار الدم لتأكيد استحقاقات السلطة. ويتصدر هادي العامري وفيلقه الفارسي بدر والسيستاني ومقتدى والخزعلي والمهندس جوقة تجارة الدم هذه.

وإذا تركنا لوهلة مشهد المتاجرة والمزايدة والاقتتال البيني أو الجمعي انطلاقاً من (قدر الضغط) عندما تحضر أهداف تدمير طيف من شعب العراق الأبي تحت همجية ووحشية المذهبية الفارسية وصنيعتها داعش وانتقلنا إلى المشهد الإداري فإننا سنحصل فوراً على شواهد عجيبة لانحطاط هؤلاء المجرمين. فالفشل والفساد والرداءة والوضاعة قد غطت العراق طولاً وعرضاً نتيجة طبيعية لفقدانهم التام لمقومات إدارة الدولة بل حتى لمقومات إدارة أحزابهم وميليشياتهم ونتيجة للصراعات والاقتتال المعلن وغير المعلن والحروب العبثية على شعب العراق.

إن شواهد فشلهم الأعظم والأقوى تأتي من أفواههم هم ومن أفواه عشرات المعممين حيث صارت إدانة ما يسمى بالائتلاف الوطني ترد على كل لسان على منابر المعممين مشرقهم ومغربهم وعلى الفضائيات والصحافة. ومع اختلافنا في صيغ وأهداف الفضح هذه والتي يتباكى بعضها على فشل ( الشيعة السياسية ) وتحاول مستميتة بعث الروح في هذا الجسد المتعفن غير أننا نرى فيها إدانة صريحة وإقرار سافر بالفشل ومنتجاته من فساد ودمار وخراب وإجرام.

إن على شعبنا وقواه الخيرة التقاط فرصة التناحر القائم الآن والذي يحاول أسياد العملية السياسية الدفع بالخروج من عنقه الخانق إلى مزيد من الهلاك والخنق والفشل للعملية السياسية وضباعها وبنات آوى وعقارب وأفاعي أقبيتها المظلمة وتفجير ثورة الشعب المنتظرة و للخلاص النهائي .. وإن الله سبحانه دوما ينصر إرادة الإنسان الحق والوطن الذي يبقى خيمة الجميع حين يقبر الزبد الذي أغرق الخيمة. 





الاحد ٢٥ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أيــار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.