شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يخفى على مُطَلع مدى ما وصل اليه الفساد في العراق, هذا التوسع الرهيب المصاحب لإفلاس خزينة الدولة وزيادة تعاسة المدنيين بإستمرار واقعهم المشؤوم على حاله.
 
 وما هذا الموضوع بجديد فرغم يقيننا بأن أموال خزينة الدولة مخصصة لجيوب أعضائها إلا إن عدم وجود أي إثبات ملموس يقف عائقاً أمام إمكانية إقامة أي دعوى قضائية أو شكوى ضد أي كراسي المنطقة الخضراء, حيث لم يوجد حتى الأن أي بحث أو إحصاء شامل عن ما وصل اليه حال الفساد بعد الغزو الأمريكي, فليس هناك أرقام دقيقة تشير لهذا الأمر الخطير كما تم إغلاق مواقع ألكترونية وصحف محلية وإبتزاز عدد من الإعلاميين قبيل نشرهم لوثائق مهمة تثبت تورط وجوه معروفة سياسياً ودينياً بعمليات الفساد والإختلاس.
 
 كل ذلك لم يمنع من تسريب أوراق مختصرة وهوامش بسيطة عن كميات المبالغ المسروقة, ففي عام 2011 أعلنت منظمة الشفافية الدولية وهي المؤسسة المعنية بمكافحة الفساد بالإبلاغ عن 12,520 حالة فساد خلال تلك السنة فقط, مشيرة في تقريرها المنشور الى أن 60% من موظفي الدوائر الخدمية يتعاطون بالرشاوي, مؤكدة أن هذه الأرقام غير دقيقة لصعوبة التأكد من مصادرها.
 
 وأشارت تقارير أخرى الى إختفاء أكثر من 1000 مليار دولار من ميزانية الدولة المخصصة للجانب الخدمي منذ سنة 2003 كرقم تخميني, وحوالي 600 مليار دولار لم يتم تأكيدها بوصولات إثباتية,وتهريب ما يزيد عن 500 الف برميل نفط يومياً مسببا خسائر تقدر بـ7,2 مليار دولار سنوياً, إضافة لما يقدر بـ250 مليار دولار صرفت على صفقات سرية لم يعلن الغرض منها, ومبالغ أُخرى شابتها عقود وهمية ومشاريع متلكئة لا تزال مجرد تواقيع على الورق, كحال عقود الكهرباء مع الشركتين الألمانية والكندية التي فضحتها قوى المعارضة العراقية, حيث تبين أن الشركتين وهميتين لا وجود لهما, ورغم إقرار الحكومة إلغاء هذه العقود إلا أن الأموال المصروفة عليها لم تجد طريق عودة لخزينة الدولة حتى اليوم, إضافة الى نثر30 مليار دولار سنوياً على قطاع الكهرباء لإنتاج 11000 ميغا واط هو تبديد حقيقي لأموال الدولة حيث يحتاج العراق الى 21000 ميغا واط فقط, يمكن إنتاج هذه الطاقة بكلفة لا تتجاوز ربع هذا المبلغ إذا أخذ بنظر الإعتبار تكلفة شراء وتجهيز مولدات التزويد والإعتماد على الإحتياطي النفطي في تشغيلها.
 
 إضافة الى الصفقات المشبوهة لشراء قطع سلاح معطوبة بكلفة 833 مليون دولار من دول أوربا الشرقية, وما يزيد عن 18 مليون دولار رواتب ومخصصات و5 مليون دولار كنثريات سنوية كنثريات لنواب رئيس الجمهورية الثلاث لم يكن لها داعي إعتباراً لدور ما يسمى برئيس الجمهورية الخفي فما الحال بنوابه.
 
 ولم يكن الفساد ببعيد عن الأجهزة الأمنية, فالأتاوات التي تفرضها الحواجز العسكرية على حدود البلاد ومداخل المدن وبالأخص العاصمة بغداد كان لها الأثر الكبير في إستياء أصحاب المصالح التجارية والعاملين فيها, كما إن سلطة الميليشيات تفرض على هؤلاء العناصر التقيُّد بالصمت بإستخدام التهديد أو منح الرشاوي لإدخال عجلات محملة بالعبوات الناسفة أو المواد المحظورة بدون تفتيش, كما وصل الأمر لدس أعضاء الميليشيات وأحزابها المتسلطة بين الأجهزة الأمنية بمسميات مختلفة وتزوير الهويات العسكرية لأغراض إجرامية.
 
 كل ذلك تم حفاظاً على ( قانونية ) نشاطات هذه العصابات, وبالنتيجة أدت لإرتفاع معدلات الإرهاب والجريمة المنظمة وبطش الأجهزة الأمنية على المدنيين بمعزل عن وجود أي رادع يمنع عن العزل أذاهم.
 
 وكذلك الحال بالنسبة للجهاز القضائي, حيث قدرت التقارير إرتفاع حالات الفساد في المحاكم العراقية ما بعد 2003 لتصل الى أكثر من 80%, تعمل دوائره وفق مقتضيات مصلحة الأحزاب وتعبئة الجيوب, هاملة كل معاني العدالة والحيادية مستبدلة إياها بالإنحياز لما تمليه عليها رؤوس الفساد حالها كحال كل المرافق الإدارية في الدولة.
 
 كما إن تزايد أملاك وعقارات السادة الوزراء وعدد من أعضاء مجلس النواب وتكاثر كمية الأموال المتداولة في حساباتهم يدفعنا للتسائل عن مصدر هذه الأموال, ولنبعد الشك عن ما لا غبار عليه فإن قصة خالد العطية وعمليته الجراحية وعقارات بهاء الأعرجي ورحلات سليم الجبوري أبسط مثال على ( خفايا ) السرقات العلنية, كان أخرها تخصيص أكثر من 6 مليار دينارعراقي أي ما يزيد عن الـ( 5 مليون دولار ) كنفقات حج لعدد من حاشية ونواب المنطقة الخضراء, كل هذا التبذير الغير معقول يدرج تحت تسمية ( إختلاس أموال الدولة  ).
 
 في حين لا تزال حالات الفقر في إرتفاع مستمر, وصلت نسبتها في العام الماضي الى ما يزيد على 30% أي ما يقارب العشرة ملايين عراقي يعيشون تحت خط مستوى الفقر حسب التصريح الحكومي, أضف الى ذلك سرقة أكثر من 100 مليار دولار من المعونات الدولية المخصصة للنازحين القابعين في خيامهم, وإنتشار البطالة بين فئات الشباب في حين يوجد أكثر من 50 ألف وظيفة وهمية تكلف الخزينة أكثر من 6 مليار دولار سنوياً.
 
 ولا تزال عمليات النهب مستمرة من قبل من يفترض بأنهم حماة الدولة, ولا نزال مستمرين بفضحهم أمام الرأي العام ليأخذ دوره الفعال في محاكمة رعاة الفساد في المنطقة الخضراء.




الخميس ٢٤ ذو القعــدة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أب / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب مهند الدوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.