شبكة ذي قار
عـاجـل










كثر الحديث في الآونة الأخيرة على مخططات تقسيم الأقطار العربية المنبثقة أصلا عن التقسيمات التي حدثت في بداية القرن الماضي في إطار مشروع سايس بيكو الذي قسم الوطن العربي إلى دويلات للهيمنة على ثرواته وخاصة في منطقة الخليج . وعلى هذا بادرت مجموعة من أخيار الأمة وطلائعها الثورية لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947 لمواجهة التحديات الخطيرة التي واجهت الأمة في ذلك الزمن من بينها وجود الاستعمار على أجزاء كثيرة من الوطن العربي ،أضف إلى ذلك حالة التخلف المتفشية في المجتمع نتيجة سياسة التجهيل والتجويع الذي مارسته القوى الاستعمارية في حق الشعب العربي ، وأكبر تحدي يهدد كيان الأمة هي التجزئة كحالة غير طبيعة الناتجة عن مشاريع التقسيم التي فرضتها القوى الغربية الاستعمارية وعلى هذه المعطيات طرح البعث المبادئ الثلاثة الوحدة العربية والحرية والاشتراكية كأهداف لتحقيق النهضة العربية واسترجاع الأرض المحتلة وإتاحة الفرصة للمواطن العربي من استغلال ثرواته من أجل التنمية والتطور والخروج من التبعية للأجنبي . فالبعث قاوم مشاريع التقسيم وقدم تضحيات كبيرة ومتواصلة إلى حد الساعة، متمسكا بمبدأ الدفاع عن القضايا القومية والمبادرة إلى تحقيق بعض المشاريع الوحدوية وخير مثال على ذلك المساهمة في الوحدة بين مصر وسوريا عام 1956. وفي عام 1989 بادر الشهيد صدام حسين إلى العمل على إنشاء مجلس التعاون العربي يضم العراق ومصر والأردن واليمن ويعتبر هذا المجلس كيانا اقتصاديا يدفع باتجاه دعم الجهود الوحدوية الاقتصادية العربية نحو تحقيق الحلم العربي ( السوق العربية المشتركة ) ،

كما يهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي التدريجي بين الدول الأعضاء وخاصة الميادين الاقتصادية والمالية والصناعية والزراعية والنقل والمواصلات والاتصالات والثقافة والتعليم والإعلام والبحث العلمي والشؤون الاجتماعية والصحية والسياحية ، سعيا نحو إقامة سوق مشتركة بين الدول الأعضاء وصولا إلى السوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية ) هذا الموقف التاريخي الذي اتخذته القيادة العراقية بقيادة الشهيد صدام حسين جعلت أمريكا والكيان الصهيوني ومعهم الخونة من عرب الجنسية أن يحيكوا المؤامرات تلو الأخرى للوقوف ضد أي مشروع وحدوي يخدم مصالح العرب إلى أن جاء العدوان عام 2003 لاحتلال العراق واغتيال قادته ورموز البعث . فاحتلال العراق ليس كما يروج له الأعداء وعرب الجنسية والخونة لتحرير العراق من الديكتاتورية وإنما احتلال العراق وسن قانون اجتثاث البعث هو تمهيدا لتقسيم الأقطار العربية بدءا بالعراق وهو في طريقه إلى سوريا واليمن وليبيا والبقية فهي ضمن المشروع دون استثناء . واليوم عندما بدأت عملية التقسيم والتفكيك استفاق الكل وأصبحوا يتحدثون عنه كواقع وليس كوهم أو كما يحلو للبعض عن نفي قضية المؤامرة على الأمة ، فالمؤامرة موجودة والتقسيم سار المفعول . ولكن ينبغي أن نضع النقاط على الحروف فالمؤامرة على الأمة العربية ما كانت لتتمكن لولا تواطأ ذوي القربى من أنظمة وأحزاب قطرية سواء ليبرالية أو ملكية أو دينية أو لائكيه . كيف لا يتمكن العدو من فرض هيمنته وتنفيذ مشاريعه الجهنمية في الوقت الذي يحاصر ويلاحق ويغتال البعثيون حاملي راية الوحدة والحرية والاشتراكية . كيف لا يتمكن الأعداء من إشعال نار الفتنة حتى أصبح المسلم يقتل أخاه وتحتل الأراضي وتغتصب الثروة تهجر الملايين من العائلات من أوطانهم في الوقت الذي تمنح لهؤلاء الأعداء كل فرص النجاح من مال وأراضي ودعاية وترويج .

فالنظام العربي الرسمي يتحمل مسؤولية تاريخية على ما آلت إليه الأمة العربية . من دفع الأكراد للانفصال عن العراق ؟ أليس النظام العميل في المنطقة الخضراء هو من دفعهم نتيجة ما اقترفته العصابة المجرمة الحاكمة التي لبست عباءة الطائفية الدينية من جرائم في حق الشعب العراقي وسرقة أمواله ومصادرة حرياته بدعم من النظام الإيراني الفارسي العنصري وبتوجيه وتخطيط أسيادهم الأمريكان والصهاينة . فحتى كلمة التقسيم هذه هي في الواقع استهانة يما هو معد للأمة العربية فالبعث لا يقف عند هذه التسمية بل يعتبر ما يحدث في الأمة هي عملية تفكيك أكثر خطورة من التقسيم فالتفكيك يطال الأسرة والمجتمع ويصيب القيم في الصميم ، وما نشهده من اقتتال داخل العديد من الأقطار العربية ما هي إلى دليل على ذلك . فعملية التهجير المستمرة وبوتيرة متصاعدة هي بداية تفكيك المجتمع وانتهاء دور الدولة ويحل محلها سلطة المليشيات .

فالسياسة القطرية التي حكمت البلاد العربية لعقود من الزمن خلقت فجوة كبيرة بين الحاكم الذي سخر كل إمكانات الوطن المادية والأمنية واستعمل كل الأساليب الخسيسة للحفاظ عل منافع الكرسي ، مما جعل الشعب لا يثق في هؤلاء الحكام ، ففي هذا الجو تولدت الكراهية والحقد وأصبحت هذه الوضعية منفذا للمشاريع الهدامة لتحل محل مشاريع البناء والتطور .





الاربعاء ١٩ صفر ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / تشرين الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب س .ع / الجزائر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.