شبكة ذي قار
عـاجـل










الامن والسلم المجتمعي هو حق من حقوق المواطن على الدولة، لا بل ان هنالك العديد من المجتمعات والدول ممن تتباهي بأمنها المجتمعي وانخفاض نسب الجريمة في مجتمعاتها، بفضل الجهود الشرطية والاستخبارية، وكذلك بسبب انخفاض نسب البطالة والسياسات الرشيدة للحكومات، التي تحد وتخفض من نسب الجرائم واسبابها ودوافعها، وهذا هو حال العراق قبل نيسان 2003.

الجهد الشرطي والاستخباري هو عمل استباقي في كل دول العالم النامي او المتقدم، لا تختلف ثقافة العمل الشرطي ولا الاستخباري بين دولة واخرى، بل جميعها تتحد في فكرة فرض الامن وتأمين المجتمع الداخلي للوطن والحفاظ على سلامته وامانه، من خلال الجهد الاستخباري والمعلوماتي لجمع المعلومات واستباق وقوع الحوادث، والقضاء على اسباب ودوافع ارتكاب الجنح والجرائم، وضرب منابع الجريمة وجذورها، ونشر الوعي بين فئات المجتمع، وايضا كان هذا هو حال العراق قبل نيسان 2003.

اما بعد هذا التاريخ فسمة الفلتان الامني هي عنوان الامن في العراق، فلا شرطة نظامية ولا امن داخلي ولا عمل استخباري، والنتيجة عشرات الاف المختطفين، ومئات الاف العبوات الناسفة، والاف القتلى من مجهولي الهوية، وسرقات ونصب وتزوير ودعارة وتهديد وسطو ومخدرات، وارهاب واحتلال لمدن وشوارع، واستيلاء على اراض ودور ومنشأة بسطوة السلاح، وانشار للسلاح ولسوق السلاح، وانتشار ظاهرة خطف الاطفال وبيعهم، او بيع اعضائهم، وغيرها العديد والعديد من الجرائم، اما وزارة الداخلية التي استحدثت بعد الاحتلال بكل تشكيلاتها فهي مجرد عناوين ورتب وهمية، وبنايات ومنشأت تم وضع اليد عليها بسطوة الاحتلال لا اكثر، الا انها جميعها لا تعمل، او لا تريد ان تعمل، ويكفي ان اكثر من نصف منتسبيها هم من الموظفين والمنتسبين الوهميين غير الموجدين الا على قوائم الرواتب، او من المفصولين السابقين من السلك لأسباب اخلاقية، او لارتكابهم جرائم او جنح وهم ضمن الخدمة، او كانوا ممن اتى مع المحتل الامريكي وتسلم المناصب والرتب والامتيازات كمكافأة للخدمات التي اداها للمحتل في حينها، أما الباقين فهم من المنتمين للاحزاب التي تحكم العراق بعد احتلاله، وولائهم لأحزابهم وليس لبلدهم ولا لأرضهم.

والدليل واضح لكل العراقيين، فالوضع الامني من سيء الى اسوأ منذ تاريخ نيسان 2003 ولغاية ايامنا هذه، فلا الخطف توقف، ولا السرقات ولا التزوير، ولا السطو المسلح، بل زاد عليه انتشار المخدرات وخطف الاطفال والمتجارة بأعضائهم، وافتعال المشاكل في الطرق وطلب الفصل العشائري بشكل فوري، والارهاب وكل انواع الجرائم الاخرى تحت انظار وعلم وزارة الداخلية العراقية الحالية، وبعلم اكبر واصغر المراتب فيها، وكل العراقيين يتذكرون حادثة السطو المسلح التي حدثت قبل اشهر قليلة، والتي كان يقودها منتسب في شرطة (مكافحة الارهاب) والتي راح ضحيتها شابان من عائلة، كادت ان تفقد كل افرادها لولا لطف الباري، واعضاء العصابة ( الشرطية ) ما زالوا هاربين او احرار حتى اللحظة.

اما اخر فعاليات وزارة الداخلية العراقية وتشكيلاتها ( الساهرة على خدمة الاحزاب الحاكمة والتنكيل بالمواطن )، فهو خبر نشرته الفضائيات العراقية قبل يومين يتحدث عن صولة بطولية للشرطة العراقية في احدى مناطق بغداد، نتجت عن القاء القبض على ( 246 ) مجرما ومطلوبا، بينهم مزورين ومتهمين بجرائم خطف وارهابيين!! هذا ما ورد نصا في الخبر، بشكل متطابق وحسب ما نقل عن وزارة الداخلية العراقية الحالية والمتحدث بأسمها، وفي الخبر الكثير من المبالغة كما انه له ولتوقيته العديد من الاسباب.

فإذا كانت الشرطة العراقية الحالية بهذا الوعي والجاهزية، لماذا تركت البلد يغرق في فوضى عارمة امتدت لاربعة عشر سنة، واذا كانت القيادات الشرطية بهذا المستوى من الوعي والقدرة على القيادة، لماذا سمحوا للارهاب والمجرمين بالدخول الى المدن ووصل العراق إلى ما وصل اليه اليوم، واذا كان الجهاز الاستخباري العراقي بهذه الدقة فهل من المعقول انه لم يكشف كل التفجيرات التي ضربت المدن العراقية لغاية اللحظة، واخرها تفجير محافظة الناصرية التي راح ضحيتها المئات، وتفجيرات بغداد – منطقة الكرادة والتي راح ضحيتها المئات ايضا، وكل التفجيرات التي سبقتها، والتي راح ضحيتها مئات الالوف من ابناء العراق؟! ولماذا لم يكشفوا عن المزورين والفاسدين والخاطفين والقتلة والسارقين سابقاً، اذا كانوا بهذه اليقظة العالية، بل على العكس فإنّ قانون العفو اعفى عن جميع هؤلاء واكثر منهم.

كما ان الخبر بحد ذاته ادانة للشرطة العراقية والمنظومة الامنية والحكومة العراقية بشكل عام، لأن العدد كبير جدا لحكومة تدعي انها تفرض القانون على كل شبر من ارض العراق، وانها مسيطرة على كل شيء فيه، فإذا كانت منطقة واحدة من العاصمة بغداد تحوي على ( 246 ) مجرما ومطلوبا وبينهم ارهابيين، فكم ستحوي باقي المناطق، وكم هو المجموع في عموم العراق، علما بأن المنطقة المذكورة قريبة من مقار الحكم المسمى ( بالمنطقة الخضراء ) وقريب جدا من مديرية الشرطة ووزارة الداخلية وعمليات بغداد، والعديد من المقار الامنية، كما ان الطريق يسلكه يوميا مسؤولي الحكومة العراقية، فيا ترى ما حال باقي المناطق البعيدة.

فقط للتذكير فإنّ هذه الحملة، وإن صح حدوثها والارقام الواردة بها، هي جزء بسيط من الحملة الانتخابية غير التقليدية لسرّاق العراق الذين ينوون تجديد مدة بقائهم في مناصبهم لسنوات اخرى بمناسبة قرب الانتخابات، وبما ان شعار المرحلة الانتخابية الحالية هو الحرب ضد الفساد، فإنّنا نرى اليوم الفاسدين انفسهم يحاربون الفساد الذي أتوا به بلاءً على العراق والعراقيين، بفسادٍ آخر!!

لجنة الثقافة والإعلام
هيئة طلبة وشباب العراق / تنظيمات الخارج





الاثنين ٣٠ ربيع الاول ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / كانون الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب أحفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.