شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة : ( اللي يعيش بالحيله ، يموت بالفقر ) - مثل شعبي عراقي
عمدت إيران منذ تنصيب ( خميني ) على رأس السلطة في طهران إلى تكريس اتجاهين أساسيين في سياستها الخارجية ذات المسحة الـ( تقية ) الفاضحة :

الأول :
التوسع عن طريق الميليشيات من مواطني مختلف الشعوب على أساس المذهب الطائفي مثل ( العرب والأفغانيين والباكستانيين والبلوش والأفارقة ) تحت قيادة ما يسمى جيش ( القدس ) والحرس الإيراني بقيادة قاسم سليماني وجنرالات آخرين تقول عنهم أنهم خبراء وليسوا جيشاً رسمياً مقاتلاً .. بهذا فإن طهران تتحاشى إرسال جيشها النظامي بصورة رسمية خوفاً من الإثارة الدولية والعقاب الجمعي .. بهذا الأسلوب غزت العراق تحت المظلة الأمريكية ، وغزت سوريا تحت المظلة الروسية والأمريكية ، وغزت اليمن تحت المظلة الأمريكية .. وتمادت في نهجها هذا على أساس التوافق مع الخط الإسلاموي الذي تتعامل معه أمريكا منذ الغزو السوفياتي لأفغانستان ولحد سقوط محمـد مرسي في مصر ، وهو السقوط الذي يمثل نهاية الحقبة الإسلاموية إستخباراتياً في عرف الاستراتيجية الأمريكية الراهنة .

الثاني :
الاستحواذ على موارد وثروات الشعوب عند التوسع والتمدد لتمويل فعالياتها العسكرية ، إضافة إلى ما يرصده " علي خامنئي" لهذا التوسع الخارجي ، وخاصة ثروات ( النفط وأرصدة البنوك والمصارف ومصادر التمويل المذهبية مثل ( الخُمسْ ) متحصلات تبرعات المراقد الدينية والحسينيات في العراق وغيره ، وهي أموال وثروات يفترض توزيعها على الفقراء والمحتاجين والمتعففين والنازحين من قراهم المهدمة والمحروقة ، إلا أن هذه الأموال الضخمة تذهب إلى طهران ) !! .
وأمام الاختناقات الاقتصادية وانهيارات سعر الصرف وتفاقم الوضع المزري للبازار الإيراني ، تفتش حكومة الملالي عن وسائل خداع للالتفاف على العقوبات الاقتصادية الصارمة التي ترمي إلى تشذيب سلوك إيران الخارجي وإعادتها إلى ما وراء حدودها الإقليمية ومنعها من زعزعة أمن واستقرار المنطقة وتهديها لدول العالم.. ومن هذه الوسائل :

1. تهريب نفط كركوك بالتانكرات إلى مدينة ( كرمنشاه ) الإيرانية .

2. تهريب نفط حقول مجنون إلى عبادان .. وسرقته بالأنابيب المائلة .

3. سرقة نفط العراق من حقول عراقية تدعي إيران بأنها حقول ( مشتركة ) !! .

4. الهيمنة بالوصاية على صندوق الاحتياط العراقي من النقد الأجنبي .. وهو يحتوي على واردات نفط العراق .. ووضعه تحت تصرف ( علي خامنئي ) المرشد الأعلى الإيراني ، الذي قدرت ملكيته بـ(190) مليار دولار - حسب المصادر الإيرانية - .

5. الهيمنة على صندوق الـ( خُمسْ ) ، وهو الصندوق الذي تسيطر عليه مراجع دينية - طائفية في النجف وكربلاء – وقد تم مؤخراً إرسال طائرة خاصة تحمل ( مليار ) دولار بصورة عاجلة إلى طهران ، تبرع به ( هادي العامري ) زعيم منظمة ( بدر ) الإرهابية وقائد ميليشيات ( الحشد الشعبي ) ، كما تم مؤخراً إرسال وفد يمثل مراجع النجف وكربلاء إلى طهران يحملون مبالغ طائلة أموال الـ( خُمسْ ) دعماً وإسناداً لاقتصاد إيران ، وهي عبارة عن تبرعات العراقيين ، ويفترض توزيعها – حسب التفسير الفقهي - على فقراء العراق ومحتاجيه والمتعففين وهم كثر في بلد النفط !! .

6. تصدير الدولار المزيف إلى الأسواق العراقية وتحويله إلى عملات الدولار واليورو غير المزيف ، وبالتالي إعادة إرساله إلى طهران ، والغرض تدمير الاقتصاد العراقي المدمر أصلاً ، ودعم اقتصاد إيران .

7. شراء الدولار من مزاد البنك العراقي عن طريق التجار الطائفيين في العراق ورؤساء الأحزاب والميليشيات على أساس شراء بضائع من الخارج ، ومن ثم تحويل هذه الدولارات إلى إيران .

8. تصدير بضائع إيرانية ( غذائية ) فاسدة ومسرطنة بهدفين : امتصاص العملة الصعبة أولاً وتدمير الشعب العراقي كهدف سوقي ثانياً .

9. استثمار الشركات الإيرانية المفلسة في مشاريع وهمية في العراق واستلام ثمنها بالعملة الصعبة نقداً .

10. الضغط على تجار الخليج الذين يتعاطون التجارة والصيرفة ، وخاصة التجار من أصول فارسية .. هؤلاء لا يفكرون بالبلد الذي يعيشون وينعمون فيه بل عقولهم في بلاد فارس ينفذون أوامر حاكمها المطلق ( علي خامنئي ) ويعاكسون تطلعات شعبهم .. فسياسات بلدانهم الإعلامية شيء وعلاقاتهم التجارية المسكوت عنها شيء آخر .. فلهم علاقات مصرفية وتجارية وسياحية ، إلخ ، فيما تغازل حكوماتهم سراً طهران وبعضها يتبنى الوساطة وعقد المؤتمرات السرية ، اعتقاداً منها بأنها ستكون في مأمن من التوسع الفارسي الخبيث ؟ .. المراجع الطائفية تضغط على هؤلاء التجار من أجل الاستثمار في إيران والتبرع لدعم الاقتصاد الإيراني المنهار عن طرق إنشاء صندوق تبرعات .. وفي الوقت ذاته تهدد إيران دول الخليج بحرس سواحلها وبصواريخها واجتياح سواحلها ومدنها .. وهؤلاء التجار لا أحد يمنعهم ويردعهم من الحكام ، يتاجرون مع دولة العدوان ويستثمرون فيها ويستوردون زبالتها من الأغذية الرخيصة وصناعات أخرى وهدفهم الربح حتى لو دخل الفرس وحرسهم إلى مخادعهم !! .

11. التحايل على الصين وروسيا بشحن النفط الإيراني أو تهريبه مقابل بضائع لسد حاجة السوق المحلية الإيرانية .. ولكن هذا الأسلوب لا ينفع لأن الحاجة ماسة للعملة الصعبة من أجل تدوير العملية التجارية والمصرفية الداخلية والخارجية .. كما أن الصين لا تجازف أو تتورط في علاقات تجارية مع دولة عليها عقوبات مرصودة دولياً ، كما هي روسيا ، ولا ترغب أياً منهما في أن تلعب دور المنقذ لإيران تحاشياً للعقوبات الاقتصادية الصارمة .. كل هذه الأساليب ، وهي مكشوفة ومرصودة ، تفكر فيها الطغمة الشريرة الحاكمة في طهران لن تجدي نفعاً .. ( ما ياكله العنز يحصله الدباغ ) !! .

إن زيادة أسعار النفط حسب قرار منظمة الدول المصدرة للنفط ( أوبك ) كان ضربة موجعة لإيران خلال الأسبوع الماضي ، وهي الخطوة التي أيدتها موسكو حليفة إيران البراغماتية ( لأن السياسة لا تعرف صديقاً ولا عدواً دائماً ، إنما تعرف المصالح فقط ) .. كما أن إيران لا تستطيع زيادة إنتاجها من النفط بسبب ضعف بنيتها التحتية النفطية وبسبب العقوبات الاقتصادية الصارمة .. ويؤشر كل هذا إلى أن خيارات إيران تكاد أن تكون معدومة : فقد أغلقت بوجهها العملة الصعبة عن طريق ما يسمى بـ( الولاية القضائية خارج الإقليم ) ، التي تفرض شروطها وعقوباتها القاسية على أي شركة أو دولة تتعامل بالدولار الأمريكي في إطار العقوبات الاقتصادية أولاً ، ورفعت إنتاج النفط رسمياً ليتوافق أو يتزامن ذلك مع انخفاض قيمة العملة الإيرانية نحو (90) ألف تومان مقابل دولار أمريكي واحد .. الأمر الذي لا يعطي مردوداً له قيمة للاقتصاد الإيراني بل خسارة فادحة يتكبدها ، سواء تعلق الأمر بالدولار أو بالذهب أو المعادن الأخرى حتى مجال صناعات السيارات والطيران والتبادلات التجارية بالعملة المحلية .. فقد تراجع إنتاج النفط الإيراني من (4) ملايين برميل يومياً عام 2010 إلى (2.62) برميل يومياً هذا العام 2018 ، وهو الأمر الذي سيجعل مبيعات إيران من النفط تتقلص وتتراجع احتياطاتها من العملة الصعبة ، وبالتالي لا تستطيع طهران الإيفاء بتعهداتها الداخلية والخارجية .

ماذا ستفعل ولاية الفقيه ، وماذا سيفعل الدجال المرشد الأعلى إزاء 33% من الإيرانيين ، أي ما يقرب من (29) مليون إيراني يعانون من الفقر الموجع، وأكثر من 10% من مجموع سكان إيران يعيشون تحت خط الفقر ؟! .

تنفق إيران أكثر من (6) مليار دولار لدعم نظام دمشق الدموي ، فيما استنزف نظام طهران صندوق احتياطه بسحب أكثر من (32) مليار دولار لمعالجة حالة انهيار العملة الإيرانية ولمنع اتساع حالة الغضب .. فيما يعلن أبو مسيلمة الكذاب علي خامنئي ، ( إن كل شيء على ما يرام داعياً عدم إخراج العملة الأجنبية من إيران ) .. فإذا كان نظام الشاه فقد كل شيء لأنه لم يستمع لصوت الشعوب الإيرانية ، فما بال العالم الذي يرى نظام طهران يقمع هذه الشعوب بالحديد والنار ، ويتطاول على أمنه واستقراره .. فماذا سيكون عليه مصيره ؟! .





الاربعاء ٢٠ شــوال ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.