شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما كنا نلتقيه في لبنان أو في الخارج،لم يكن يفته قبل الاجتماع الحزبي ،ان يسأل كلاً منا عن وضع المنطقة المتواجد فيها وأهلها،فضلاً عن السؤال عن أوضاع الرفاق الحياتية بمختلف مستوياتهم التنظيمية،إذ أنه رغم مسؤولياته القومية المتعددة كعضو في القيادة القومية ونائباً للأمين العام للحزب وغير ذلك من مهام على الصعيدين القطري والقومي،لم ينس الأصدقاء والرفاق سواء من غادر منهم إلى دار البقاء شهيداً أو فقيداً أو من بقي منهم مناضلاً في الإطار الحزبي أو من انسحب من ساحة النضال ، فالكل عنده بمقدار .

كان عبد المجيد الرافعي في السبعين والثمانين والتسعين وكأنه ما زال في بداية الطريق،

في طرابلس والشمال في أعماقه ولبنان الذي يعاني في خضم مصير الأمة من المحيط إلى الخليج الحاضر الدائم في أمسه وحاضره ومستقبله،وفلسطين وشعبها كانا الهاجس الدائم الذي لم يفارقه يوماً.

وعبد المجيد الرافعي أو الحكيم كما يحلو لمحبيه أن ينادوه لم يكن فقط طبيب الفقراء بل كان طبيب الإنسان لأنه جسد السياسية بمعناها السامي النبيل كعمل نضالي في خدمة البشر حيث لازم دائماً بين الفكر والعمل : فكر حزب الثورة العربية حزب البعث العربي الاشتراكي والعمل المتواصل البناء بمشاركة رفاقه في الحزب وسائر المناضلين الأحرار في سبيل حرية الانسان وتقدم الوطن ورفاه شعبه.

ولم يكن عبد المجيد الرافعي عابراً أو طارئاً في عالم السياسة والشأن العام،فهو بقيمه النبيلة وأخلاقه الحميدة وثبات التزامه بمبادىء حزبه وقضايا شعبه كان الحاضر الدائم في وجدان أهل طرابلس والشمال خاصة وسائر اللبنانيين عامة،رغم غيابه الجسدي – أحياناً – عن لبنان بسبب قساوة الظروف التي كان يمر بها الحزب ومحاربته في الداخل والخارج ، وما نيله في الانتخابات النيابية للعام 1972 على أكبر عدد من أصوات الناخبين متقدماً على المرشح الأبرز المنافس دولة الرئيس الشهيد رشيد كرامي وكذلك أيضاً حصوله في العام 2005 بعد تغييبه الطويل عن لبنان على أكبر عدد من أصوات منتخبي اللائحة التي خاض من خلالها الانتخابات ،ليس إلا دليلاً ساطعاً على هذا الحضور في وجدان أبناء منطقته وعارفيه .

لم يغب عبد المجيد عن الساحة النضالية يوماً،فكان له في كل حدث رأي وموقف،وخاصة في ظل الظروف الصعبة،حيث كان الصوت المدوي والرجل المقدام إلى جانب المعوزين والمضطهدين وأصحاب الحقوق المطالبة برفع الظلم والاضطهاد المعيشي والسياسي متقدماً بالتظاهرات والاضرابات ومختلف الاحتجاجات السلمية على مظالم أهل السلطة وأصحاب نفوذ المال والاحتكار كما كان دائماً إلى جانب المناضلين من أجل الاستقلال والوحدة والتخلّص من الاحتلال في كل أرض عربية وفلسطين في الطليعة .

ورغم وضعه الصحي الذي أخذ بالتدهور في سنواته الأخيرة وهو على فراش المرض وحتى الرمق الأخير من حياته ظلّ على تواصل دائم ومتابعة دؤوبة لقضايت الوطن والأمة ،حيث كان منزله مقصد الفعاليات السياسية والشعبية على اختلاف فئاتها وانتماءاتها حتى غادرنا وكله عطاء للوطن والأمة .

وفي ذكرى مرور عام على رحيل الرفيق الدكتور عبد المجيد الرافعي الذي التحق بركب من سبقوه من كبار مناضلي هذه الأمة ،يبقى التحدي قائماً أمام الرفاق الذين يتابعون المسيرة في المحافظة على ارثه النضالي وتطويره وتزخيمه،بغية تحقيق الأهداف التي أرادها دائماً في وحدة الوطن وتقدمه واسترجاع الحقوق وسيادة العدالة بين جميع أبناء الأمة .

محمد حلاوي
عضو قيادة قطرية سابقاً
في  ٤ / تمــوز / ٢٠١٨





الجمعة ٢٢ شــوال ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب محمد حلاوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.