شبكة ذي قار
عـاجـل










ملاحظة : أود أن أنبه القارئ الكريم إلى عدم التسرع في الحكم على غاية المقال من خلال عنوانه! فللأنظمة الأخرى من غير الرأسمالية أهدافها ووسائلها الخاصة كذلك.

من الصعب لا بل والخطورة الحديث بتشكيك عن جدوى التعليم كيفما كان، لأن الحياة دون تعليم وتعلم تحول البشر إلى أشباه من البهائم!.

وللدخول في موضوعنا لا بد من تساؤلات أساسية مثل: ماذا نتعلم، ولماذا؟ من هو المعلم ومن هو المتعلم؟ من يدعم ويرعى التعليم، ولماذا؟. أسئلة أجدها أساسية وضرورية في الإجابة عنها سياسياً وتربوياً وتعليمياً.

تتطور المجتمعات بتطور علومها وخبراتها العملية وتبقى في حالة تفاعل دائم مع اكتشافاتها واختراعاتها وإبداعاتها وتطبيقاتها ونتاجاتها الفكرية والعلمية بصورة عامة. وبهذا الخصوص تلعب المدارس والجامعات ومجالات العمل ومراكز البحوث والدراسات والعصف الذهني دورها التفاعلي في تطوير المجتمعات وفق أنظمتها السياسية والاقتصادية التي تحكمها. من هنا تنوعت، واقعياً على الأقل، أهداف التعليم ومخرجاته.

إن الإجابة التلقائية والبسيطة على سؤال : لماذا نتعلم ! ستكون بلا شك : لأننا نريد أن نحصل على شهادة تأهيل تعبر عن حصولنا على مستوى من المعارف والمهارات والقيم، وتساعدنا على الحصول على عمل أو وظيفة ما.

هذه المعارف والمهارات والقيم تتضمنها الخطط والبرامج والمناهج التربوية والتعليمية، عامة أو خاصة، وفق رؤية وسياسة الجهات المسئولة مع اختلاف درجات تأثيرها، ووفق متطلبات أسواق العمل وتطوراتها وعوامل التأثير فيها.

لقد قامت الأنظمة الرأسمالية بصورة عامة، على مبدأ الملكية الفردية لوسائل الإنتاج التي تطورت أشكالها مع تطور المجتمعات ذاتها، وبنسبة كبيرة، على قوانين وضوابط السوق الحر التي تراعي مصالح أطرافه حسب درجة هيمنتها وفعاليتها بالنسبة للدولة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية.

في ألمانيا، مثلاً وهي الدولة الرأسمالية التي لا تزال تحرص على إتباع منهج سوق الاقتصاد الاجتماعي، تقوم مناهجها وفرصها التعليمية والتأهيلية على جملة أهداف يتقدمها هدف تلبية حاجات سوق العمل وتطوراته. وبمجرد إلقاء نظرة على المؤسسات الاقتصادية الفاعلة في ملكيتها وإداراتها وحاجاتها ومتطلباتها ومقومات ديمومتها من العمالة سنقف على مدى تناغم البرامج التعليمية والتأهيلية مع تلك الحاجات والمتطلبات. وهنا قد يجري طرح تساؤلات كثيرة في الاقتصاد السياسي حول من يخلق الثروة، وكيف يجري توزيعها، ومن يملك قرار إدارتها وغيرها من الأسئلة ذات العلاقة، لا يتسع المجال لمناقشتها تفصيلاً.

الأطفال، لا بل أولياء أمورهم، ملزمون بتعلم الأطفال عشر سنوات في المدرسة، ومناهجهم التعليمية تتزاحم في تهيئتهم لتلبية متطلبات العمل ومؤسساتها المتنافسة محلياً وعالمياً.

وحيث أنه من الطبيعي والبديهي أن يتوجب على العامل إنتاج ما تزيد قيمته عن تكلفته، ومنها أجوره، فأن ما يتحقق من ربح ويذهب للملاك والمدراء والضرائب هو الآلية التي يحرص على تأمينها وديمومتها النظام السياسي برمته ومنه التعليمي والتربوي. فالتعليم إذن هو الغاية والوسيلة التي تؤمن سريان تلك الآلية، وبدوره ضمان دوران العجلة الرأسمالية.

وتعليقاً على ما ذهبت إليه من تحليل، يرد التساؤل، وبحق ومنطق: ولكن كيف يمكن للحياة دون تعلم، وما فائدة التعليم الذي لا ينعكس فعله في مجال الإنتاج، وهل هناك من إنتاج لا ترجع عوائده هالى مستثمر ومدير وعمال ودولة تهيأ ظروف العمل والإنتاج وقوانينه وأمنه وسبل تسويقه؟ أقول: بالطبع لا يوجد ذلك إنتاج. لكن السؤال هو: من هو صاحب المال الحقيقي، وكيف يدار الإنتاج وتوزع عوائده على أطرافه، وكيف هو شكل الدولة؟!

وددت القول، اختصارا، أن التعلم في النظام الرأسمالي هو تعلم يهدف إلى الحصول على عمل في ظل تنافس في القدرة يقررها صاحب العمل، ولا يرضى بما لا تحقق له من قدرات قوة تنافسية وعائداً مالي. تلك القدرات يعمل التعليم على خلقها وتنميتها لكي تمكن صاحبها من حصوله على عمل في ماكنة التطاحن الرأسمالي التي لا تقوم ولا تستمر إلا على قوة عمالتها وابتكاراتها.

اختتم فأقول : هذا ما عنيته بعنوان مقالي!!.





الجمعة ٢٩ ربيع الاول ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. نزار محمود نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.