شبكة ذي قار
عـاجـل










كلما أوغلت معاول الهدم والتدمير في جسد الأمة ، وتفشت ظاهرة التفسخ في كيانات مجتمعاتها بفعل مراحل المشروع الأمريكي وصفحاته ، التي طالت العراق وتونس وليبيا واليمن ومصر ، التي توقفت عند حدود الجيش ، وسوريا ولبنان .. ومن ثم اشتعلت صفحتها الثانية في السودان والجزائر والمرشح على الطريق الأردن ، كلما انتهز " ترمب " الفرصة لإنتاج قرارات في الكونغرس تستهدف القضية الفلسطينية ، مثل قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وقرار أمريكا الاعتراف للكيان الصهيوني بضم هضبة الجولان السورية المحتلة ، وخطوة ثالثة قد تأتي بما يسمى الوطن البديل .

ماذا يريد " ترمب " أن يقوله صراحة للعرب ، خاصة وهم يصارعون في الظرف الراهن عدوهم التاريخي النظام الصفوي ، الذي تمدد وطغى وتجبر ، في هذه المرحلة العصيبة من تاريخهم ؟ ، وما الذي تريده إدارته من العرب مقابل حزم عقوباته الاقتصادية والنفطية التي قطعت بعض الشوط على طريق تقليم مخالب نظام الملالي وإرغامه على التقهقر والاعتراف بالواقع ( السيادي ) للعراق ولدول المنطقة ؟

صحيح إن " ترمب " ما كان بمقدوره أن يترأس البيت الأبيض لولا كونه رجل أعمال باذخ الثراء ومسرحي من الطراز الشعبي ، غايته القصوى هي الربح والشهرة ، كما هي أمريكا غايتها العليا الحصول على أعلى نسبة من مردودات مالية لتكديسها في الخزائن الامبريالية ، وخاصة حاجة أمريكا العاجلة لترميم اقتصادها وماليتها وسد نقص خزينها الاحتياط من الأموال الصعبة لموازنة حجم الميزان التجاري الذي يميل لصالح الصين أولاً وبعض دول العالم ثانيًا ، والمعروف أن الإنهاك الاقتصادي مرده الفعل المقاوم الباسل في العراق ضد الوجود العسكري الأمريكي منذ الاحتلال عام 2003 وحتى نهاية عام 2011 حين انسحبت القوات الأمريكية من العراق وتركت بقاياها في قواعد عسكرية أربع .

تخطيط الإدارة الأمريكية متمثلة بالرئيس " ترمب " وبعض المحيطين به من الصهاينة الذين يستعجلون تكريس ما يسمى الأمن الإسرائيلي بانتزاع العديد من الاستحقاقات الفلسطينية والعربية ، يقع انتهاز فرص في إثر تدمير العراق والوهن العربي الراهن ، لوضع القضية الفلسطينية في خانة الاستلاب وإفراغها من معطيات نضالاتها ، بعد أن كان لنظام الملالي دوره في شق وحدة القوى الفلسطينية وخروج حماس عن قاعدة النضال التي ترفض شق وحدة العمل المقاوم وشرذمته ، ولنظام الملالي إملاءاتهم السياسية والأيديولوجيا وإغراءاتهم المالية مقابل تنفيذ سياسات اللعبة الإيرانية الإسرائيلية الفاضحة .

فالقرار الأمريكي الأخير المنفرد هو قرار يلغي قرارات مجلس الأمن بشأن الجولان السورية المحتلة ، ويكرس سابقة دولية تنتهي بالفوضى وعدم الاكتراث لجهوية حل المشكلات الدولية الأممية ، فالقرار الأمريكي والذي سبقه ، يعد تحديًا للإرادة الدولية ولإرادة المجتمع الدولي ولإرادة الشعب الفلسطيني الذي يتطلع منذ عام الاحتلال 1948 إلى الحرية وتقرير المصير من احتلال عنصري غاشم .

قرارات الكونغرس الأمريكي تريد أمريكا تطبيقها على العالم بحق وبدون حق ، فمن حق أمريكا أن تشرع قرارات الضغط بعقوبات اقتصادية ونفطية بالضد من الدولة المارقة التي ترعى الإرهاب في العالم وتتجاوز على الدول الأخرى بعدوان التمدد والتوسع وهي إيران ، ولكن ليس من حقها أن تشرع قوانين من شأنها أن تستلب حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الشعب السوري على وجه التحديد لتقدمها هدية للمحتل الإسرائيلي للجولان ولتقدم قبلها هدية الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لهذا الكيان ، وهي عاصمة فلسطينية خالصة .

تشريعات الكونغرس الأمريكي لا تعني شيئاً أمام إرادة الشعب الفلسطيني وإرادة الشعب العربي ولا تغير من الحقائق التي كرسها نضال الشعب أولاً، وأكدتها ووثقتها منظمة الأمم المتحدة التي تريد أمريكا إلغائها بالضد من القانون الدولي وبالضد من إرادة الشعب العربي والإرادة الدولية !! .





الخميس ٢٩ رجــب ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / نيســان / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.