شبكة ذي قار
عـاجـل










حقيقتنا حقيقة ربانية سواء في كينونتنا القومية أو في ما رسمناه لهذه الكينونة من أهداف ومبادئ مقدسة وفكر قومي، وأول هذه الأهداف المباركة هي الوحدة وهي أكثر أهدافنا سموا وأعظمها عزا واعتزاز ولها الأولوية والأرجحية.

لماذا نقول ربانية؟ هل نغالي أو نبالغ أو نتطرف؟
الجواب كلا ورب الكعبة.

نحن نتبجح بانتمائنا إلى الله جل في علاه وهذا تبجح يشرف ولا ينكره إلا من يرى في ذاته وكينونته بعدا وانعزالا وانفصالا عن رب العرش العظيم: نحن ربانيون لأن الله سبحانه قد خاطبنا في الذكر الحكيم قائلا:
وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون.

وفي قوله المجيد جل في علاه:
وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.

لم نكن وحدويين لأسباب مادية تضفي على الوحدة أبعادا سياسية عظيمة من بينها أن الوحدة هي أصل القوة ومنبع المنعة والرفعة والاقتدار للأمة بل إن هذا البعد المادي لا قيمة له إن لم يكن نابعا من فهم ثورة الإسلام العربية العظيمه التي أعادت تشكيل البشرية كلها. أي أن البعد المادي الدنيوي السياسي لم يفترق عند البعث عن البعد الروحي المقدس بل تعاضد وتفاعل معه جدليا وعضويا، تاريخيا وآنيا ولأفق الغد القادم المعبر عنه بالرسالة الخالدة.
هذا ما نفهمه ونعانق معانيه الجليلة في خطاب الرفيق القائد المجاهد عزة إبراهيم في الذكرى الثانية والسبعين لميلاد بعث الأمة في جزئه الذي تناول فيه هدف الوحدة العربية.

إن من لم يفهم الترابط بين وحدة الأمة كهدف بعثي وبين رسالة الإسلام الحنيف عليه أن يعيد قراءة خطاب ( في ذكرى الرسول العربي ) للقائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق عام ١٩٤٦ م إبان مرحلة الإعداد لإعلان ميلاد البعث وعندها سيكتشف الإرث الأدبي المشرق للبعث ويربطه بعبقرية التواصل المتجدد التي طرحها الرفيق الأمين العام اليوم في خطتبه التاريخي.

الوحدة حق عربي مقدس وسامي ونبيل مثلما هي حق لكل الأمم والشعوب. وهنا نحن لا نبحث لنفسنا كعرب عن سمة غريبة ولا بعيدة عن التوق الإنساني المعبر عنه بالآمال والرجاءات لمن لم تتحقق وحدتهم بعد، بل أيضا بما هو قائم ومتحقق للأمم في شرق الأرض ومغربها وبه تتطور وتقوى وتحمي نفسها وتبني وتنتج وتتعاون مع غيرها بثقة وجدارة واحترام.

وفي لفتة موضوعية لا تنقصها الفطنة ولا تنأى عنها الغايات المعبرة عن حقيقة البعث يؤكد الرفيق القائد الأمين المجاهد على أن البعث حزب قومي وقوميته إنسانية. والإنسانية نقيض الفوقية والتكبر والشوفينية والشعوبية وهي الغالبة للتعالي والعقد وتدني الروح.

الإنسانية التي تتمثلها قوميتنا العربية هي الإيمان المطلق بأن لا فرق بين عربي وأعجمي كما قرر الله جل في علاه في محكم كتابه الحكيم العربي الشريف، إلا بمقدار ما ننفع به البشرية من علم ومعرفة ونتاج حضاري ومساهمات إيجابية في السلم والأمان والمشاركة في العطاء والأخذ بعيدا عن الاتكالية والكسل وانعدام الدور والوزن.

تمييزت أمتنا بعطائها الثر الغني العميق الواسع للإنسانية، وتمييز حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي أيضا بإنسانيته وتفاعله المؤمن مع الإنسانية والتسامح والعدل والمساواة وحقوق الأمم والشعوب.

وهنا يثبت الرفيق القائد أن البعث حزب إنساني وجوهر إنسايته هو إيمانه بما خطه الله سبحانه لهذه الأمة في ألواح خالدة محفوظة من الذكر الحكيم. ونكرر التأكيد هنا مرة أخرى أن استلهام قيم الدين ومٌثٌله لا تعني أن حزبنا قد صار حزبا دينيا، فهو لم ولن يكون إلا حزبا مدنيا يقدم للعرب وللإنسانية فكرة عميقة وأصيلة مفادها أن الإيمان هو مغذي المبادئ وهو حارسها الأخلاقي.

وليس في سفر البعث المجيد كله ما يؤشر تورطه في استخدام الدين كمفتاح سياسي بل إن البعث يعطي للسياسة شرفها وقدسيتها عبر مسلك الصلة العضوية الملهمة لهذه السياسية بقيم السماء.

ولمن توهم فغرق بالرذيلة والإثم والجريمة فأقدم على ابتكار بدعة الاجتثاث والحظر والإقصاء وقطع الأعناق والأرزاق، كما فعلت أمريكا الامبريالية الصهيونية وشريكتها إيران الصفوية الاحتلالية التوسعية الاستيطانية كما الصهيونية، ولمن تعاقد مع هذا الحلف الشرير المعادي لله ولرسوله وللإسلام وللأمة العربية من خلال العداء والحقد الأسود البغيض على البعث، لهؤلاء وللحكام الطغاة يقول الرفيق القائد الثابت الصابر المحتسب ما معناه: إن البعث محفوظ لأنه الأمة العربية والأمة العربية العريية محفوظة ما دام الذكر وهو القرآن والدين القيم والإيمان بالله ورسالاته محفوظا.

( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
وهذا هو المنطلق الذي سيسقط عنده الاجتثاث. فالبعث أمة والامة لا تجتث، وخاصة أمتنا العربية المحفوظة كما يحفظ الله الذكر
 





الثلاثاء ٤ شعبــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / نيســان / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.