شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما انتمينا لحزب البعث الاشتراكي كان ولايزال وسيبقى انتماء للمبادئ الأصيلة التي جائت نتيجة لدراسية علمية دقيقة للواقع العربي الذي عانى طويلا من الفقر والجهل والمرض وهيمنة القوى الاستعمارية المتوالية على مقدراته بالاعتماد على عملاء صغار تابعين للمستعمر.

ان اهم ماجاء به حزب البعث العربي الاشتراكي هو استلهام تراث الأمة المجيد وبعثه من جديد على ان يكون هذا الاستلهام بمثابة دروس نأخذ منها ماهو مفيد في حاضرنا ومستقبلنا وكان هذا جليا واضحا وضوح الشمس في شعار الحزب ( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) وما صاحب هذا الشعار من سمات ( الاخلاقية والعلمية والثورية والشعبية والانقلابية ).

لقد زاوج البعث بين الاستلهام وبين الواقع العربي المعاش في مرحلة التأسيس ولايزال فانبثقت الأهداف الاستراتيجية في ( الوحدة والحريّة والاشتراكية ).

ماتقدم هو تفسير وتعبير مبسط لنظرية البعث الفكرية في مجال الأيدولوجي والاستراتيجي ، وهذه المعرفة هي ماجعلتنا نقول بأننا انتمينا للحزب انتماء مبدئي واستنادا الى ذلك فان الواجب يفرض علينا ان ندافع عن المبادئ والقيم التي امنا بها والدفاع لايعني التحجر وعدم فتح النوافذ لماهو جديد وكما قال المهاتما غاندي ( افتح نوافذي لكل رياح العالم لكن دون ان تقتلعني من جذوري ).

ولو عدنا الى التراث العربي المجيد لوجدنا ان البعض من المواقف كانت تتعارض مع المبادئ او لنخفف ذلك ونقول تساير الواقع المعاش من اجل تحقيق أهداف مبدئية ، والسؤال. هل خان المبادئ السلف من الذين قاموا بتلك الأفعال ، وهل كانوا على حق باتخاذهم تلك المواقف التي تبدو متقاطعة مع المبادئ ؟

خير من ندرس سيرته ونستلهما هو سيد الكائنات المصطفى صلوات الله عليه في قبلوله بشروط صُلح الحديبية وهي من أهم الأحداث التي حصلت في التاريخ الإسلاميّ وتجلّت فيها حكمة الله سبحانه وتعالى، وقدرته في تدبير الأمور وتسيير الأحداث وفق إرادته وحده، فقد كان هذا الصلح الذي تمَّ بين المسلمين وقريش في شهر ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة النبويّة نقطة تحوُّل وانطلاق في تاريخ المسلمين ، لِما كان في ظاهر البنود التي احتوى عليها الصلح من إجحافٍ وظلمٍ ظاهرٍ في حقّ المسلمين، بل إنّ البعض من الصحابة رأى في صلح الحديبية مهانةً واستخفافاً بالإسلام وأهله، لكنّ الحقيقة كانت غير ذلك.

والملاحظة المهمة التي نثبتها هنا ان قريش في ذلك الزمان هم المشركين الذين وصفهم الله جلت قدرته بال ( النجس ).

والموقف الثاني هو عندما استثمر النبي الكريم التركيبة الشخصية لأبي سفيان عندما دخل المسلمين مكة وهو يقول ( من دخل دار ابو سفيان فهو امن ) ،فقد قرر رسولنا الكريم في لحظة تاريخك الاستفادة من هذا القول في تجنب معركة، لابد أن دماءً كثيرة ستُراق فيها ، فلم لا يحقق الهدف بأقل الخسائر؟ وكان ما كان من أمر أبي سفيان وخرج المسلمون بنصرعظيم دون خسائر تُذكر.. وهكذا هم القادة العظام في المواقف العصيبة.. وليس هناك من هو أعظم من قائدنا إلى يوم الدين، حياً وميتاً.. عليه وعلى آله وصحبه خير الصلاة والسلام.

وهناك من الأمثلة الكثيرة في التراث العربي والاسلامي والعالمي مايؤكد على توجهاتنا واجتهاداتنا من ان السياسة لاتتقاطع مع المباديئ فهذا هو البطل الفيتنامي ( هوشي منه ) يفاوض الأعداء في باريس عام ١٩٧٥ والمقاومة الفيتنامية في الميدان تقاتل وهذه هي قيادة قطر العراق تتفق مع النايف والداود قبل ثورة ١٧ تموز عام ١٩٦٨، علينا ان نتعامل مع الأحداث بهدوء وبدون تشنج او تحجر وان نتحلى بالمسؤولية ازاء اَي موقف يتخذ في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها عراقنا وامتنا العربية المجيدة وازاء حالة البؤس التي يمر بها شعبنا الذي نقله زوارق الموت الى الغرب وياكل من النفايات ويعيش في بيوت الصفيح علينا ان نعمل بالممكن ولاننسى الطموح شعار رفعه الحزب للتذكير بالعمل السياسي و التكتيكي ، وهذا ماحصل في مؤتمر ميشيغن او واشنطن ووكذلك الموقف من الكويت والسعودية وباقي دول الخليج العربي مثلما عبر عنها الرفيق القائد المجاهد عزة ابراهيم ( حفظه الله ) في خطابه الاخير في ذكرى تاسيس الحزب وكذلك موقف الحزب من الحرب التي ستحصل وهي حتمية بين الاحتلالين الامريكية الإيرانية لارضنا العربية وفِي المقدمة منها العراق فنتائج ماسيحصل في صالحنا ان كان حزبنا بغض النظر عن المنتصر ، وان كانت مفاوضات فهي قطعا ستكون تقليم اضافر المحتل الفارسي.

ان حرية الاجتهاد استنادا الى المعطيات المتجددة تعطينا الحق في الدراسة و التحليل في حدود السياسة والتكتيك ومن يجتهد في هذا المجال لايعني انه يتنكر للمبادئ التي أمن بها كما يعتقد البعض ، والمعطيات الجديدة التي يفرزها الواقع الحالي ليست هي نفس معطيات الواقع في الستينات والسبعينات وهذا القول يذكرني في أصول البحث العلمي في الجامعات الاوربية الرصينة التي تشترط على البحاث ان يستند الى دراسات وبحوث حديثة ومعاصرة حتى يصل الى نتائج وتوصيات مفيدة .





الاحد ٢٢ رمضــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / أيــار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. فالح حسن شمخي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.