شبكة ذي قار
عـاجـل










في كل مرة نقف فيها على منصة من نحي ذكراه،نجد أنفسنا أكثر انشداداً لصاحب الذكرى،وأكثر التصاقاً بتلك الشخصية التي جبلت عجينتها بعرق الكادحين منذ تفتحت براعم الحياة لديها،فلم تجد نفسها إلا حيث يجب أن تكون .مناضل طلابي وحرم الجامعة الوطنية يشهد على ذلك ،ومكافح عمالي وتظاهرت عمال غندور خير دليل،وفلاح يتصدر نضالات مزارعي التبغ في الجنوب،وفدائي مع المقاومين يعيش ويعايش كل ظروف حياتهم في المتاريس والخنادق وعلى كل الجبهات .

أبو زياد الذي نحي ذكرى استشهاده التاسعة والثلاثون ،لم يكن يعرف ويعرّف ببطاقة هويته الشخصية،فهو وإن كان ابن الشرقية من حواضر جبل عامل وولد عام الاستقلال إلا أنه كان يعرف ويعرّف بهويته النضالية ،بعنوانيها الوطني والقومي التي اختصرت بهوية واحدة ،هي هوية البعث .هذه الهوية التي أحبها حب الهوى اشبعت ذاته وفاضت على حزبه وشعبه وأمته عطاء ينبض بالحياة ويبث الروح لبعث الحيوية النضالية في صفوف الجماهير.

إن "أبا زياد" وبما كان يمثل وما انطوت عليه شخصيته من معطيات إنما انطوى على اختصار مكثف لكل المنظومة القيمية التي تنطوي عليها الشخصية الاعتبارية للأمة .

كان كريماً ووفياً ومقداماً،لأن الكرم والوفاء والاقدام هي من السمات العربية الأصيلة،وكان خلوقاً،لأنه كان مؤمناً بأن الأمم اخلاق ما بقيت وكان محباً لأنه كان مشبعاً بفكرة أن القومية هي حب قبل كل شيء.

لم يكن يظن يوماً أنه سيغدر به ولماذا يغدر به؟وهو صوت الطلاب والعمال والفلاحين وكل الكادحين،وهو الثائر مع ثوار فلسطين والمناضل لأجل وحدة الأمة وتحقيق أهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية . لكن غدر به واستهدف كعنوان نضالي قومي وكقائد لمن يحمل لواء مطالبهم ورفع معاناتهم وانهاء استلابهم الاجتماعي والوطني والقومي .

أبو زياد الشهيد ذهب باكراً،لكن كما كان في حياته يشكل حالة امتلاء نفسي،وتعبوي لنا،بقي
بما تركه من إرث نضالي بالسلوك النضالي اليومي،والشعر الثوري الملتزم ،يشكل حالة امتلاء نضالي نعب من معينها ولا نرتوي ولا ننسى .

وهل ننسى غزل الكادحين،وهيفاء تنتظر الباص على مفرق تل الزغتر وإبل القمح ( كفار يوفال ) واسرج خيولك،وقتلوني وقالوا أنت قاتل إلى كل أيقوناته الشعرية التي باتت على كل شفة ولسان.

أبو زياد ، إن عائلته الصغرى التي لم يشبعها حباً وحناناً ،ترك لها إرثاُ لا يقدر بثمن،ترك لها إرث الاعتزاز بالأب الذي قبض على جمر الموقف حتى الاستشهاد وهذه سمة من سمات الكبار،وأما العائلة الكبرى فترك لها الارث الأهم،إنه الارث النضالي الذي شكل إضافة نوعية للتراكمية النضالية التي ينهل من معينها مناضلو الحزب على مساحة الوطن العربي الكبير.

أبو زياد،يا أيها الرفيق والأخ العزيز ،كثيرون لم يعرفوك ولم يتعرفوا عليك قبل استشهادك،لكن من خلال ما تركت من إرث،أصبح الكل يعرفك ،فأنت بت عنواناً ورمزاً،وأنت دائماً في وجدان رفاقك على المستوى الفردي والجمعي،فأنت وإن قضيت شهيداً وفارقت جسداً،فأنت الحي دائماً،وهل ينسى رفاقك وهل تنسى الأمة أبطالها وشهداءها.إن نسينا الشهيد صدام حسين ننسى الشهيد موسى شعيب،وإن نسينا الشهداء تحسين الاطرش وأبو علي حلاوي وعلي حذيفة وكل الشهداء الذي لا يتسع المجال لذكرهم في لبنان وفلسطين والعراق وعلى مساحة الوطن العربي ننسى الشهيد الذي أحببناه حبين ، حب هوى الرفاقية وحب لأنه أهل لذاك.

إن أبا زياد ،كان كبيراً في حياته كما بعد استشهاده،لأنه كان رفيقاً للقائد المؤسس ميشال عفلق ولرفاقه الحكيم وأبو فادي وظافر وكان رفيقاً لكل المناضلين الذين ساروا وما يزالون على طريق الجلجلة النضالية إلى أن يدحر الأعداء الذين يهددون الأمة بأمنها الاجتماعي والقومي،إلى أن تنتصر على أعدائها المتعددي المشارب والمواقع.

تحية لمن نحي ذكراه والمجد والخلود للشهداء الأبرار .

الرفيق حسن بيان
رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
النبطية في  ٢٨ / تمــوز / ٢٠١٩





الاثنين ٢٧ ذو القعــدة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تمــوز / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الرفيق حسن بيان رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.