شبكة ذي قار
عـاجـل










على غرار ما يفعله اللصوص المحترفون في تشبيك حبال خداعهم للناس الأبرياء بهدف الانقضاض عليهم على حين غفلة،
وعلى طريقة حرامية البيوت أو ما يطلق عليهم في مصر الشقيقة "الهجامة" الذين يستغلون غياب أصحاب البيوت فيدخلونها بدون استئذان،
هكذا دأبت أطراف نافذة في السلطة الحاكمة في التعامل مع "تسليك" أزمة النفايات عبر إيجاد حلول سريعة لها بواسطة المطامر على طول وعرض الأراضي اللبنانية بدءاً من الناعمة إلى الكوستا برافا فالشمال اللبناني الحزين،

هذا الشمال، وتحديداً البقعة الجغرافية الكبيرة الممتدة من قضاء الكورة في بلدة بكفتين المحاذية إلى طرابلس، إلى عكار ومطمر بلدة سرار، فزغرتا وقضاءي الضنية – المنية حيث سجلت الأيام الماضية سلسلة من عمليات الاحتيال التي قام بها "الهجامة" الصغار وهم يحاولون تدشين مطمراً جديداً في بلدة الفوار كانوا قد اشتروا الأرض التي سيقام عليها مسبقاً،

وكانوا سينجحوا في الإقلاع بمشروعهم "المطامري" لولا وعي الأهالي ومساندة أهل طرابلس والضنية والمنية وزغرتا وغيرهم، الأمر الذي أدى إلى التراجع خوفاً من نقمة الشارع،

ولامتصاص ما أصاب "الهجامة" الكبار من حالة الاعتراض الصاخبة هذه، نزلوا بأنفسهم يستنكروا مع المستنكرين دون أن يخالجهم أي ذرة من خجل أو تأنيب ضمير على طريقة من يقتل القتيل ثم يهرع للسير في جنازته ويحرص أن يكون في مقدمة المعزين.

لم يكتف هؤلاء، بأن مدينة طرابلس التي تحولت إلى مدينة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى على أيدي ممثليها الأثرياء الذين جعلوا منها أفقر مدينة على شاطئ المتوسط، باعتراف أحد ممثلي الطبقة السياسية التي ينتمون إليها، هؤلاء أنفسهم،وبدلاً من وضع الحلول الجذرية لمكب النفايات القديم القائم على شاطئ المدينة والممتد طولاً وعرضاً لعشرات الأمتار.

عادوا وأنشأوا مكباً آخر ملاصقاً له وبلغ منهم التآمر أن يقيموا مطمراً آخر في بلدة الفوار شرق المدينة ولا يبعد عنها سوى كيلو مترين أو أكثر، كأنهم يريدون قتل كل حياة في طرابلس وتطويقها بالسم الزعاف والغازات المنبعثة عن هذه المطامر،وللقارئ أن يقدر كم ستكون نسبة المصابين بأمراض السرطان جراء التلوث الغازي الذي سيصيب المناطق المأهولة بالسكان القريبة من المطامر وكم ستدفع هؤلاء إلى ترك أملاكهم وبيعها بأبخس الأثمان جراء صفقات تجارية واستراتيجيات بيئية معدومة ومشبوهة.

لم ولن يهنأ للهجامة الكبار وأذنابهم الصغار، بالاً حتى الآن وهم يشهدون تراجعهم في بكفتين –الكورة، وسرار عكار، واليوم الفوار – مجدليا، ولهذا يقول العارفون أن الأنظار تتجه الآن ناحية بلدة دير عمار وخراجها الأميري الكبير بغية حط رحال المطمر الجديد فيها وهذا يعني أن الجهات الرسمية المعنية بايجاد حلول علمية وجذرية لأزمة النفايات، قد أفلست ولم يعد أمامها من حلول سوى العودة إلى فكرة المطامر، وكل ما تواجهه هذه السياسة الفاشلة من اعتراض، سيقابلها هؤلاء بالمزيد من المراهنة على الوقت وامتصاص نقمة أبناء المناطق ليس إلا،

إزاء ما تقدم، وحيث أننا لا تدعي امتلاك العصا السحرية التي تنهي أزمة النفايات بين ليلة وضحاها،

غير أن ذلك يجب أن لا يمنعنا من دق ناقوس الخطر ورفع الصرخة عالية مطالبين أهل الاختصاص البيئي وأصحاب وجهات النظر المتباينة والمتناقضة حول أهمية المطمر والتسبيخ والفرز من المصدر ثم التفكيك الحراري والمحارق، إلى مسؤوليات البلديات، كي يوحدوا جهودهم جميعاً والخروج من حال التنظير إلى حيثيات الحلول العملانية العلمية الجذرية الجاهزة للتطبيق الميداني على الأرض

فبعض ما يجري اليوم من مناظرات ونظريات يكاد يقارب الجدل البيزنطي الذي جعل زعماء بيزنطية يختلفون على جنس الملائكة، فيما روما كانت تداهمهم على الأبواب.

وكل الخوف اليوم أن لا ينتهي هذا الجدل الصاخب القائم حول معالجة أزمة النفايات، وأن يطول بنا الوقت ولا نجد أنفسنا سوى شعباً مخدوعاً ينام في سبات عميق، فإذا استيقظ سيجد أنه يغط في مطمر كبير من النفايات يمتد على طول وعرض عذا البلد المنكوب، دون تمييز بين لبناني وآخر،
فهل من يسمع ونواجه الكوارث المقبلة علينا قبل الأوان أم أننا شعب لا يستحق العيش إلا وسط المطامر، ومقابر - المطامر أيضاً!





الاربعاء ٦ ذو الحجــة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أب / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.