شبكة ذي قار
عـاجـل










كنت تقريبا في العاشرة من عمري عندما انتقلنا للسكن في مؤتة في بداية السبعينات من القرن الماضي .. ومؤتة هي الأرض الطاهرة التي احتضنت المعركة والتي سميت باسمها في فجر الإسلام ، فكانت هي ارض الشهادة منذ أصبحت الشهادة فريضة على كل مسلم ، كان بيتنا الأقرب ( للمشهد ) وهو الاسم الذي يطلق على المسجد الذي بني على أرض مؤتة المعركة وعلى ثراها الطاهر.

كان المشهد المسجد تحت الإنشاء في ذلك الوقت .. وهو المقابل الان لبوابة جامعة مؤتة الجناح العسكري والتي بنيت في نهاية سبعينات القرن الماضي وكان للعراق الوطن وقيادته بصماته في انشاء ذلك الصرح العلمي حينها.

ولا زلت اتذكر ما علق باذهاننا وما سمعنا عن ظهور الصحابة بين الفترة والاخرى .. والصحابة هم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والذين يحتضنهم ثرى الارض هناك ، في المزار والتي سميت نسبة لمزارات الصحابة حيث يرقدون عليهم رضوان الله على تلك الارض الطاهرة ..

و لم أكن أميز الواقع من الخيال ولا حقيقة معنى ظهورهم بعد الف وثلاثمائة وبضع سنين ..
وكنت لا زلت ما بين مصدق ومكذب لما كان يقال هنا وهناك ..
حتى جاء ذلك اليوم ولا زلت أذكره وكأنه اليوم ، كان يوم الجمعة ..
ولا زلت اذكر لهفة امي رحمها الله عندما ايقظتنا وهي تقول لنا ..
لقد ظهروا .. لقد ظهروا .. وتقصد الصحابة ..
كما كان يطلق أهل مؤتة على تلك الظاهرة في ذلك الوقت ..

التي كانت تحدث في ذلك الزمان .. وقبل ان يدنس الارض ما دنسها .. حيث كانت المعركة تتمثل أمامنا وكأنها تحدث الان وكنا نخرج من بيوتنا لنرى ذلك المشهد الذي شاهده معظم أهل مؤتة في ذلك الزمان.

أفقنا مع بداية بزوغ الفجر ..

لنرى خيالات .. بين الواقع والحقيقة .. عدد من الرجال او خيالاتهم ، يركبون الأحصنة .. وفي أيديهم سيوف .. وخيالات لبيوت شعر أو خيم .. تظهر في أفق مؤتة .. فوق أرض المعركة التي عهدناها .. وعلى امتداد الأفق ما بين المشهد المسجد باتجاه المزار حيث يرقدون هناك.

الرجال أو خيالاتهم يروحون ويجيئون بسم الله ..
ولم نكن نسمع اصواتا .. ولكن شيئا ما كان يتوارد لاذاننا ..
الله اكبر .. بسم الله ..

لا تغدروا .. ولا تغلوا .. ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة .. ولا كبيراً فانياً .. ولا منعزلاً بصومعة .. ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة .. ولا تهدموا بناء .. كلمات وعبارات كنا قد قرأناها في الكتب المدرسية .. وتعلمناها وكانت لا تزال عالقة في اذهاننا ..

ولم اعد اتذكر هل شاهدت في تلك اللحظة الراية وهي تتنقل من يد صحابي الى يد اخر ( ولم اميز زيدا من عبدالله او جعفر ) ولكن الصورة التي ترسخت في ذهني من الكتب المدرسية كانت ماثلة امامي .. وكأنني أمام مشاهد حقيقية ..

حين اخذ جعفر الراية .. وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير .. حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه الشقراء فعقرها .. ثم قاتل حتى قطعت يمينه .. فأخذ الراية بشماله .. ولم يزل بها حتى قطعت شماله .. فاحتضنها بعضديه .. فلم يزل رافعاً إياها حتى قتل ..

ويقال إن رومياً ضربه ضربةً قطعته نصفين .. وأثابه الله بجناحيه جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء , , ,
انها من قصص الطفولة في مؤتة .. وراية الحق التي احتضنتها تلك الأرض الطاهرة , , ,

فسلام على مؤتة ..
وسلام على شهدائها الأطهار ..
وسلام على بغداد
وسلام على شهدائها الأطهار
وسلام على الراحلين هنا او هناك .. وسلام على الباقين ..
رحم الله الشهداء على طول الارض العربية وعرضها
رحم الله صدام الشهيد وكل الشهداء
رحم الله والدتي .. ورحم الله والدي ..
ورحم الله الأموات





السبت ٦ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب المهندس صهيب الصرايرة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.