شبكة ذي قار
عـاجـل










هكذا كانت العلاقة فيما حسن البنا والقمي والذين ضمن دائرة أدائه المرجعي والفقهي وتعتبر جماعات الإسـلام السـياسي أو ما يحب البعض تسـميتها بالحركة الإســلامية في العراق والتي هي من التيارات التي تحتاج إلى دراسـة بعمق وفي مقدمتها حزب الدعوة ، نهاية عشرينيات القرن الماضي بدأ حسن البنا تأسـيس جماعته من أجل الخلافة الإسـلامية وبعد ذلك بسـنوات عديدة بدأ مجموعة من رجال الدين المتأثرين بالحركة الإســلامية في العراق تأسـيس تنظيم مماثل لأفكار وتنظيم حسـن البنا ولكن بشــقه (( الامامي أي اتباع منهج ال البيت )) عبر تأسيس حزب مر بعدت تسميات منها الفاطمي والتحرير وانتهى بالدعوة ليشكل تنظيما دوليًا وله فروعه في الأقطار العربية والإسلامية وكانت الانطلاقة الأولى في النَّجف الأشرف التي تعد المركز والثقل الديني (( لشيعة العالم بشكل وشيعة العراق بشكل عام )) ، عبر تأسيس جماعة العلماء التي يشرف عليها الحكيم في نهاية الخمسينيات ثم حركة المبلغين بكربلاء ، لكن وجود الأحزاب العلمانية بعد ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ وبشكل أكبر بعد صعود حزب البعث العربي الاشتراكي إلى سدة الحكم بثورة ٨ شباط ١٩٦٣ اجبر نظام الشاه في ايران ان يوجه اتباعه بإيجاد موطئ قدم فكري لهم على الساحة العراقية ، ومن غير البعيد أن تكون فكرة تأسيس حزب إسلامي (( شيعي )) خطرت في بال واحد أو أكثر وربما تداولتها جماعة من الناس كما سنأتي على ذكره لاحقا ، ولكن هذا الأمر لا يغير من حقيقة أن التاريخ العراقي المعاصر لم يعرف في الحركة السياسية حزبا بهذا الاسم إلا بعد المتغير المعد مخابراتيا في ايران ووصول خميني الى السلطة لان الشاه فقد بريقه ودوره كعصا غليظة في الخليج واخذ يطرح نفسه خارج الاجندة الامريكية البريطانية ، رغم أن الروايات تذهب إلى تأسيسه بشكل سري منذ عام ١٩٥٧ أي في العهد الملكي وقبيل ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ عندما طرح الطلبة الدارسين في حوزة النجف على اقدمهم الخوئي موضوع تأسيس لجنة ثقافية لتقف امام الأفكار الشيوعية في الجامعات والمعاهد وقد حصلوا على موافقة المرجع الديني في حينه المرحوم السيد محسن الحكيم ، ويوثق الشيخ علي الكوراني العاملي في مذكراته التي نشرت في شبكة هجر الثقافية في جمادى الأولى١٤٣٥ هجري تأثر الدعوة ومؤسسها بأفكار الاخوان المسلمين فيقول {{ نشأنا في حركة الدعوة على عشق الإخوان المسلمين مع الأسف ، فقد كان أساتذتنا معجبين بهم وكانت كتبهم تملأ مكتبات النجف ، فقد فسح عبد الكريم قاسم بدخولها الى العراق ، لأن الإخوان كانوا ضد عبد الناصر وكان عبد الكريم ضده كان الكتاب الإخواني يطبع في مصر وقد يشحن كله الى بغداد ، وكان المستورد قاسم الرجب صاحب مكتبة المثنى ، ربما شحن أكثر الكتاب الى النجف ، ليكون غذاء طلبة الحوزة ( الواعين ) في مقابل غير الواعين ، الذين يسميهم السيد الصدر الجامدين ويسمي أساتذتهم بالخط المجمد !كانت سياسة عبد الكريم قاسم تقوية الخط المناهض لجمال عبد الناصر ، حتى لا يفرض عليه الدخول في الوحدة العربية ، ويتحول من زعيم العراق الأوحد الى رقم شكلي كالرئيس السوري القوتلي الذي قبل بالوحدة !ولم تنجح خطة عبد الكريم إلا فينا فجاء لنا بكتب الإخوان وأمعنا فيها أكلاً وشرباً ، وفي أولها كتب حسن البنا كلها ، وكتب سيد قطب وأخيه محمد !فلو قيل لك إن السيد الصدر أو أبا عصام ، أو فلان من البارزين في ذلك الوقت ، لم يقرؤوا كتب الإخوان ولم يتأثروا بها ، فلا تصدقه !قال لي أبو عصام ذات مرة وهو يبدي إعجابه بحسن البنا - لقد سافر بالطائرة ست ساعات ، وبقي مستيقظاً ولم ينم ، فانظر كم كانت أعصابه قوية !- فقلت له أنت معجب بحسن البنا وتغالي فيه كثيراً ، وأنت أقوى منه ، وأعصابك أقوى من أعصابه !وأسوأ ما ورثنا من كتب الإخوان : التغني الأعمى بأمجاد الخلافة ، وأمجاد الأمة ووجوب العمل لإعادة الخلافة والإغماض عن مظالمها لأئمتنا ولأجيالنا الشيعية المضطهدة طول العصور !فكان مثلنا كالمسيحيين الذين سامحوا اليهود بدم المسيح ، وأعلنوا العمل مع اليهود لإقامة دولة إسرائيل !}}

يتبع بالحلقة الرابعة





الثلاثاء ١٥ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.