شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس مستغرباً أن ندافع عن العراق وعن البعث وعن الشهيد القائد صدام حسين، وعن الحرب التي خاضها العراق ضد إيران المجوسية، التي بدأت عدوانها على العراق في الرابع من أيلول - سبتمبر ١٩٨٠، هذه الحرب التي لم تنته إلا صيف العام ١٩٨٨ بعد خسائر ضخمة لكلا الطرفين، واضطر في ختامها الخميني إلى تجرع كأس السم.!!

بعد واحد وأربعين سنة على اندلاع تلك الحرب، التي كشفت إلى أي حدّ كان نظامنا الوطني وبعثنا العظيم والقائد صدّام حسين مُحِقُّون وعلى صواب في قراءتهم لأطماع الخميني، وعلى معرفة عميقة بشؤون المنطقة وشجونها، وأن ليس ما يشير إلى أن شيئاً قد تغير داخل إيران نفسها، ولا يبدو أن إيران مستعدة لأن تتعلم على الرغم من الهزائم التي لحقت بها، والانتصار الذي حقّقه العراق.

تواصلت التحرشات الإيرانية بالعراق بعد وصول الخميني للسلطة ، الذي رفع منذ البداية شعار "تصدير الثورة" من منطلق أن ( العراق الشيعي ) يعتبر الحلقة الضعيفة بين الدول القريبة من إيران.فلم يكن مستغرباً أيضاً على النظام الإيراني الجديد أن تصل هذه التحرّشات إلى محاولة اغتيال الرفيق طارق عزيز كونه مواطناً مسيحياً وصل إلى موقع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في العراق.كان الهدف من محاولة الاغتيال هذه في الجامعة المستنصرية التي سبقت الحرب الشاملة بين البلدين إظهار امتلاك إيران لعناصر موالية لها داخل العراق، عناصر قادرة على تنفيذ محاولات اغتيال تستهدف مسؤولاً ينتمي إلى الديانة المسيحية، وأحد أهم قيادات البعث والدولة، وذلك كي تُظْهِر النظام في العراق في مظهر النظام الكافر.

سمحت الحرب للنظام الجديد في إيران بإثارة الروح الوطنية الفارسية، كما سمحت للخميني بإرسال الجيش الذي كان يشك بولائه "للثورة" إلى الجبهات بعيداً عن ثكناته في محيط المدن الكبرى.

لقد سعت إيران إلى إضعاف النظام الوطني العراقي من خلال إطالة أمد الحرب، ومن خلال الإيعاز لعملائها في حزب الدعوة بزعزعة الاستقرار في الداخل، ولكن كل هذه المخططات فشلت في إضعافه، بل ساعدت في تقويته وفي تمكين المخلصين من أبناء العراق من زمام النصر.
وفي المقلب الآخر فقد عمد الخميني من استبعاد كل من ينادي بجمهورية على النهج الحديث، تعتمد دستوراً مدنياً متطوراً في ظل تعددية حزبية تسمح بالتداول السلمي للسلطة.

باختصار، سمحت الحرب لأنصار الخميني بارتكاب كل المجازر التي أرادوا ارتكابها في حق معارضيهم، من يساريين وعلمانيين وليبيراليين، يؤمنون بقيام دولة حضارية.

لكن بعد ثماني سنوات من الحرب كان العراق على ثقة من النصر، لأنه يواجه مشروعاً حاقداً مجوسياً كريهاً، ولم تعترف إيران بأنها هزمت في هذه الحرب، لكن ما أعلنه ( مرشدهم الخميني ) حين اعترف بتجرعه كأس السم كان الاعتراف الصريح بالهزيمة، وأن إطالتها للحرب صبت في إضعافها وإنهاكها، فضلاً عن استنزاف ثروات دول المنطقة.

الأمر الوحيد الذي كان يتغاضى عنه العراق ولا يريد تصديقه، ولم يستوعبه أن المستفيد الأول من الحرب كان نظام حافظ الأسد، الذي عرف كيف يعمق من تحالفه مع إيران، ويزيد من قدراته على ابتزاز بعض الدول في الوقت ذاته، وزيادة نفوذه في لبنان.

لم تدرك إيران أن الولايات المتحدة كانت سبباً رئيساً في الحؤول دون إلحاق الهزيمة الكاملة بها - إنْ في عهد كارتر، الذي كان في نهايته لدى اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية، أو في عهد ريغان الذي لم يتخذ في أي لحظة موقفاً حازماً من إيران - بل وصل الأمر بريغان إلى التغاضي عن تفجير مقر ( المارينز ) قرب مطار بيروت في تشرين الأوّل - أكتوبر ١٩٨٣، رغم معرفة إدارته بتفاصيل عملية التفجير تلك والدور الإيراني في التخطيط لها.فوق ذلك كله، تغاضت الولايات المتحدة عن تزويد الكيان الصهيوني لإيران بأسلحة وقطع غيار كانت ضرورية جداً خلال سنوات الحرب.

ويمكننا إعطاء عشرات الأدلة على إصرار الولايات المتحدة على دعم إيران في مرحلة ما بعد سقوط الشاه، ففي كتاب الجاسوس الطيب لكاي بيرد عن حياة بوب ايمز الذي قتل في تفجير السفارة الأميركية في بيروت في نيسان - أبريل ١٩٨٣ والذي لم تكن إيران بعيدة عنه أيضاً، كان بوب إيمز المسؤول عن الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ( سي آي إيه ) أول من حذّر الإيرانيين في العام ١٩٨٠ من أن صدام حسين ينوي مهاجمة إيران.

لم يتبدل السلوك الإيراني بعد هزيمتها وانتهاء الحرب مع العراق، على العكس من ذلك، لقد زاد هذا السلوك سوءاً ووحشية خصوصاً بعد الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من أجل التخلص من صدام حسين ونظامه الوطني في سنة ٢٠٠٣.

من يشك في ذلك يمكنه متابعة الكلام الصادر عن حسن روحاني، والذي حذر فيه الولايات المتحدة من مصير العراق ومصير صدام حسين، جاء كلام روحاني في اليوم الذي كانت إيران تتذكر فيه بداية حربها مع العراق في ١٩٨٠، وفي وقت كان هناك من يطلق النار على عرض عسكري في الأحواز أدى إلى مقتل عشرات من ( الحرس الثوري ).

من الواضح أن إيران لا تريد أن تتعلّم شيئاً بعد واحد وأربعين سنة من حربها على العراق، لا تريد أن تستوعب أن من أسقط نظام البعث وقائده صدام حسين كان الولايات المتحدة وليس ( إيران ) ، وأن إيران بعد اثنين وأربعين سنة على سقوط الشاه ما زالت عاجزة عن التصالح مع نفسها، لا تزال إيران في حال هروب مستمرة إلى الأمام، رافضة الاعتراف بأن ليس من حقها الاعتداء على الآخرين.

لم تتعلم إيران أنه لا مستقبل لبلد يحتقر مواطنيه ويبحث عن قوى خارجية يلقي عليها مسؤولية ما يجري داخلها.
لماذا لا يوجد في طهران من يريد استيعاب أن هناك الكثير مما يمكن تعلمه من حرب الثمان سنوات ..
أن الولايات المتحدة والغرب - ولا أحد سواهم - كانوا وراء الحؤول دون القضاء الكامل على إيران ونظامها الفاشي في تلك الحرب!!!




الاثنين ٢٩ محرم ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيلول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب أبو شام نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.