شبكة ذي قار
عـاجـل










إنّ الواقع الأليم المزري الراهن، الذي يفرض نفسه بكل ما جرى ويجري في العراق والمنطقة منذ الأيام الأولى للعدوان والغزو والاحتلال الأمريكي، والنفوذ والاستبداد والتسلط الإيراني البغيض وحتى الآن، لا يستطع كتاب العالم وأدباءه ومثقفوه ومبدعوه كلهم، أن يكتبوا ويوثقوا ويغطوا تلك الأحداث والمجربات والحقائق والوقائع في العراق، وما وقع على رؤوس العراقيين الصابرين والعرب المخلصين، وما تخللته من تفاصيل أكثر وحشية تذهل العقل الراجح، وتفوق صور الخيال والكلام، أحداث ومجربات يشيب لها الولدان، ربما تصل أحياناً إلى حد المعجزات من ظلم الأقوياء وشدائد وعناء وطغيان وحرمان وإقصاء واعتقال وتهجير وبث السموم، يقابله الثبات والتحدي والإصرار والتضحية والصبر الذي يضاهي صبر أيوب لدى العراقيين، وقد توزع عليهم الموت الجماعي المجاني بعدالة على الجميع، وانتشرت المحن والمآسي والفتن والتخلف بأنواعه، وشحت الضمائر الحية والعقول النيرة وفقدت القيم الإنسانية والمبادئ النبيلة والثوابت الوطنية والقومية الأصيلة والأخلاق الحميدة، وروجت ثقافة الثأر والانتقام والمظلومية، وقد رفضت كل تلك المحاولات من قبل العراقيين، ولم يستوعبه عقل ولا يمثله حال بعد أن أدنى لها جبين الإنسانية.

لقد برهنت ثورة الأحرار الفولاذية خلال السنتين الأخيرتين، أنها عاصفة منبثقة من إرادة شعبية كبيرة وواسعة محملة بكل معاناة الظلم والعدوان الذي وصل إلى العراقيين جميعاً من دون استثناء، الثورة التي أطاحت وغيرت مجرى الأحداث والموازين، والتي ستخلد بالتاريخ، بعد أن أصبح الشعب العراقي الأصيل مسلوب الإرادة والقرار، مجهول الهوية والمصير والمستقبل، مهدور العزة والكرامة، قامت الثورة الشعبية ونجح الرهان لإقامة الحق والإيمان والعدالة ونيل الحرية، وتحقيق الأهداف المرجوة التي من أجلها خرجوا من دون مساومة ولا مهادنة ومماطلة، ما دامت الأحزاب الفاسدة باقية والقوى الإرهابية موجودة متعددة من المجموعات والعصابات الرسمية والميليشيات الوبائية الولائية المجرمة والفصائل الإيرانية المسلحة الفاعلة، وهي من تمثل وجهة الإرادة السياسية والعسكرية والأمنية لأعداء العراق والعراقيين، ومستمرة بالعبث الأمني والاقتصادي والاجتماعي من اغتيالات وتفجيرات وممارسات إجرامية خطيرة على المجتمع العراقي، وما يرافقه من هزائم وضعف للقوات النظامية الرسمية والأمنية التي وصلت أعدادها إلى الملايين، وليس لها أي تأثير واضح ووجود ملموس.

تبقى الثورة الشعبية العراقية السلمية ضد الطغاة المجرمين الذين أثخنوا العراقيين بكل أنواع الإجرام والدمار والانتقام، هؤلاء الحثالات الدخلاء الشراذم الذين نصبوا بالاتفاق بين أعداء العراق والعراقيين ( أمريكا وإيران ) ، والتنسيق بينهما وتبادل الأدوار الحقيرة بين المتحالفين سراً والمتخاصمين علناً، فالثورة والثوار الأحرار على موعد قريب من الحسم والنصر والتحرير والاستحقاق وتحقيق الأهداف ونيل الحرية وتحقيق العدالة والخلاص من الظلم والعدوان وسقوط المشروع الإيراني بالعراق والمنطقة العربية المحيطة والذي يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن فضحت الادعاءات الكاذبة والإنجازات الطائفية والمذهبية والمناطقية، ليكون القول الفصل بين الكرامة والذل وبين الحق والباطل والصمود والانكسار والخلاص النهائي ولا رجعة عنه، ليظل العراق الأسطورة بالعطاء والتضحية والفداء وقبلة ومحراب الحرية والاستقلال والاستقرار والسلام وأبعاد أي ظلم وعدوان، وانعتاق من التبعية والعنصرية في ظلال ثورة الأحرار الفولاذية التي غيرت المعادلة السياسية، وسيصلي شباب الثورة الشعبية العراقية صلاة الخلاص والتحرير قريباً.

وإن غداً لناظره قريب.





الاربعاء ١٩ ربيع الثاني ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / تشرين الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. رافد رشيد مجيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.