شبكة ذي قار
عـاجـل










كهرباء الصيف المقبل.. اكتفاء أم استجداء؟

 

سحبان فيصل محجوب *

 

 المتداول في وسائل الاعلام، مؤخراً، والتي عادة ما تتناول العديد من جوانب الاستعداد والتهيؤ لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية في أيام فصل الصيف المقبل ، حيث

تتضمن تصريحات المعنيين بإدارة ملف قطاع الكهرباء، بنحو متكرر ، الإشارة إلى دور الجانب الإيراني في التعهد المطلوب في المحافظة على انسيابية تدفق الغاز الذي يضمن استمرار تشغيل العديد من محطات توليد الكهرباء العراقية مع ضمان كمية الكهرباء الموردة إلى الشبكة العراقية من المنظومة الإيرانية، ويشار ضمن السياق نفسه الى ضرورات تأمين عوامل السلامة لأبراج نقل الطاقة الكهربائية ومنع حوادث سقوطها نتيجة للأعمال التخريبية المتعمدة لصالح أطراف معروفة وذلك للأبقاء على حالة التردي التي أصابت عمل المنظومة الوطنية للكهرباء، يضاف إلى ذلك عرض سريع وخجول للخطوات المنجزة باتجاه تحقيق الربط الكهربائي مع دول الجوار والمعلن عنها سابقا كمشروع الربط الخليجي أو الربط مع شبكة الكهرباء الأردنية .

متلقو هذه الإشارات الإعلامية من المتابعين والمهتمين تتجلى أمامهم  حقيقة مؤسفة تعبر عنها التبعية المطلقة لهذه الإجراءات للعوامل الخارجية البعيدة عن القرار الوطني لما تضمنته، في ابعادها، من مفاهيم الاستجداء بحكم حالة الاضطرار نتيجة لفقدان شروط توافر البديل ، وبالتوازي مع هذا تتجلى صورة الإخفاق بتحقيق عتبة الاكتفاء الذاتي من إنتاج الطاقة الكهربائية بوساطة محطات توليد الكهرباء العاملة في المنظومة الوطنية والفشل الواضح في جوانب التخطيط والإدارة.

تعود المواطن العراقي على سماع هذه الحزمة من المسوغات المتكررة التي نستند عليها الجهات الحكومية المعنية في تعثر خدمة الكهرباء.

 أتقن المعنيون في دوائر الكهرباء نسيج مثل هذه المسوغات حتى أصبحت مثار سخرية المواطنين والأساس لفقدان الثقة المطلوبة بين المواطن ودوائر الكهرباء، فسلسلة الحجج المعروفة والمسوغات الكاذبة قد تناثرت حلقاتها أمام ما تم انفاقه من مبالغ طائلة لإصلاح منظومة الكهرباء المنهكة وكذلك عديد السنوات التي أعقبت الاحتلال منذ سنة ٢٠٠٣ والتي رفعت فيها قيود الحصار الاقتصادي عن العراق والتي تعد أفضل الحقب الزمنية لإنجاز منظومة كهربائية جديدة تلبي احتياجات المواطن والقطاعات الاقتصادية والخدمية كافة والتي، من خلالها، سوف يتحقق الاكتفاء عبر الاستغلال الأمثل للموارد المحلية وتكون حصانة فاعلة أمام دواعي الانزلاق في وحل الضعف والاستجداء.

إن ظهور حالة العوز والاستنجاد بالقدرات الخارجية والتي تقع ضمن المحاولات البائسة للمعنيين في تحقيق ما يمكن من متطلبات الاكتفاء (المؤقت) قد أسهمت فيها الكثير من العوامل الداخلية وفي مقدمتها فقدان الكفاءة المهنية أو تغييبها، فعندما تجري حسابات الأحمال الكهربائية المتوقعة والمعلنة على وفق إضافة مقدار (رقمي) ثابت على الطلب السنوي دون الاعتماد على نسبة تطور الأحمال والمنحنيات المتعلقة بها يعني الانحراف الكامل عن ثوابت التخطيط السليم والجهل في هذا الجانب المهم والاساس في قيادة المنظومات الكهربائية، بل المغادرة المطلقة لهذه القواعد إلى ساحة التخبط والانهيار وهذا ما يجري الان (للأسف)بحق المنظومة الوطنية للكهرباء العراقية، يضاف إلى ذلك استمرار حالة عدم الاكتراث وعدم الاهتمام الجدي في الاستغلال الأمثل لموارد الطاقات المتجددة على الصعيد الأهلي والحكومي وما إلى ذلك من العوامل الداخلية المختلفة، لذا فإن جميع الحلول المقترحة الآن ضمن خطة مواجهة الاحمال الصيفية المقبلة والتي تعول على الإسناد الخارجي أو التحسن في الاداء المحلي سوف تذهب إلى خانة الإجراءات الترقيعية من دون توافر الأدوات الماهرة والفاعلة التي توافق الشروط الوطنية المحكمة.

 

* مهندس استشاري، رئيس هيئة الكهرباء الأسبق






الاثنين ١٦ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب سحبان فيصل محجوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.