شبكة ذي قار
عـاجـل










 

بدايات تبلور المفاهيم الثورية التقدمية للشهيد القائد صدام حسين

 

فهد الهزاع

 

وعدت بريطانيا بإحلال الديمقراطية فور انتهاء الحرب العالمية الثانية وعودة السيادة كاملةً غير منقوصة للعراقيين، إلا أنها نكثت بوعودها السابقة بعد نهاية الحرب عام 1945 وعادت لسياسة المماطلة والتسويف، كما بطش الحكم العميل في بغداد بثوار مايس الأشاوس وقمع القوى الوطنية والقومية.

ورغم الترخيص لبعض الأحزاب السياسية استمرت القوانين الاستثنائية التي تذرعت بالحرب كي تحرم الشعب من حق تشكيل الأحزاب والنقابات المهنية وتمنع الصحافة الحرة.

أحست الجماهير بالغربة عن واقع هذه الأحزاب التي لا تطالب بحقوق الشعب وتنتهج خطاً إصلاحياً في مواجهة الاستعمار وأذنابه، كما أن العاملين في المجال السياسي ممن يفترض بهم توجيه الجماهير وإرشادها في معركتها المصيرية انشغلوا بالسباق نحو حجز مقعد برلماني يتيح لهم مستقبلاً نيل المقعد الوزاري وبات صراعهم مع الحاكمين يتعلق فقط بالنفوذ والكراسي.

لقد خلت الدعوة للاشتراكية وحقوق الكادحين وتأميم النفط وتحرير العراق تحريراً ناجزاً من القيود الاستعمارية وترابط النضال القومي والطبقي من برامج الأحزاب العاملة في العراق، حتى تم الإعلان عن تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في السابع من نيسان عام 1947 الذي نادى بهذه المطالب المشروعة وعبر عن آمال وتطلعات جماهير الشعب والأمة. 

لقد أرادت بريطانيا استغلال الوضع الناتج عن احتلالها الثاني للعراق عام 1941 وقرب انتهاء العمل بأحكام معاهدة عام 1930 التي وقعتها مع رئيس الوزراء نوري السعيد فدعت الحكومة العراقية لمعاهدة جديدة تضمن لها جميع امتيازاتها في العراق بشكل قانوني، وتم التوقيع عليها في بورتسموث في 15 كانون الثاني عام 1948.

وبعد الإعلان عن توقيع رئيس الوزراء صالح جبر على المعاهدة الجائرة اندلعت انتفاضة شعبية عارمة عمت العراق كله ضد الحكومة القائمة وقد بلغت ذروتها في يوم الوثبة الوطنية في السابع والعشرين من كانون الثاني عام 1948 حيث أجبرت حكومة صالح جبر على التراجع عن المعاهدة والاستقالة. 

إلا أن هذا الزخم الثوري قد تراجع مع انصراف الأنظار نحو فلسطين وتدخل الجيش العراقي مع جيوش العرب لقتال الصهاينة، ولكن الخيبة الكبرى تمثلت بإعلان قيام الكيان الصهيوني بدعم القوى الدولية الكبرى وانسحاب الجيوش العربية من هناك وعودة النظام إلى سياسة القمع والتنكيل بالمناضلين.

أعادت ثورة 23 تموز عام 1952 الثقة بقدرة الشعوب على قهر جلاديها، وكان شعب العراق أول من تفاعل مع الثورة المصرية؛ حيث هبت الجماهير في انتفاضة عارمة ضد الحكم القائم بعد قمعه لإضراب طلابي في أواخر تشرين الثاني وطالبت لأول مرة بإسقاط النظام وقيام الجمهورية، وقد جابه النظام هذه الانتفاضة بقسوة بالغة حيث أنزل دباباته لاحتلال الشوارع وقمع المحتجين ومنع التظاهر واعتقال الأحرار والمناضلين. 

شهدت هذه الفترة تصاعد شعبية البعث بعد مشاركته في انتفاضتي 1948 و1952 وتصديه للحكم القائم ومطالبته بجلاء المستعمر وتأميم النفط والوحدة العربية فتسابق أحرار الشعب لطلب الانضمام إلى صفوفه وكان من بينهم الرئيس القائد صدام حسين الذي انتسب للحزب عام 1956

لقد مثل انضمام الشهيد الرمز صدام حسين للحزب الخطوة الأولى في مشوار امتد نصف قرن من النضال في سبيل المبادئ والقيم العليا. 

إن ثبات الرفيق القائد وصموده وملحمة استشهاده تؤكد نشأته السليمة وصواب قراره بالانتماء لحزب الأمة المناضل.






الخميس ٢٦ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب فهد الهزاع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.