شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

حزب البعث العربي الاشتراكي                 أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة

  القيادة القومية                                 وحدة حرية اشتراكية

الأمانة العامة                                                       


م / بيان القيادة القومية حول ظاهرة التكتل في قيادة قطر العراق

 

أصدرت القيادة القومية للحزب البيان التالي:


بعد قرار القيادة القومية بتكليف الرفيق أبو جعفر بأمانة سر قيادة قطر العراق بعد وفاة الأمين العام للحزب الرفيق المغفور له عزة إبراهيم عليه رحمة الله ورضوانه، برزت ظاهرة تكتلية، بقيت على أكثر من سنة تعمل تحت أسماء وهمية، تارة باسم صقور البعث، وتارة باسم التنسيقية القطرية، إلى أن انكشفت كافة أوراقها من خلال سياقات اجتماع ٢٥ آذار الذي عقد لأجل انتخاب أمين لسر قيادة القطر.

فبعدما وردت للقيادة القومية تقارير من رفاق في قيادة القطر وكوادر حزبية تشغل مفاصل أساسية في هرمية الحزب التنظيمية، إنه جرت اتصالات بهم من رموز ليكونوا على جهوزية تامة فور انتخاب أمين سر لقيادة قطر العراق، من أجل الامساك بالوضع التنظيمي وثبوت عقد لقاءات سرية للأعضاء المتكتلين قبل عقد الاجتماع، قررت القيادة القومية عدم المصادقة على محضر الاجتماع لأن مخرجاته أعدت في مطابخ التكتل، وشكلت لجنة للتحقيق مع من أشرت عليهم التقارير والرسائل المرفوعة بأنهم يعملون في إطار تكتلي وخارج السياقات التنظيمية.

لكن ما أن بدأت اللجنة عملها وباشرت الاتصال بمن يفترض أن يجري التحقيق معهم حول ما ينسب إليهم من عمل تكتلي، حتى فوجئت القيادة ببيان صادر باسم قيادة قطر العراق، وفيه اعلان صريح بالانشقاق عن الحزب من خلال ما اعتبر قرارات اتخذتها القيادة المزعومة بعد اجتماع لها وفيها تجميد عضوية قيادة قطر العراق في القيادة القومية، وانتخاب نائب لأمين سر القطر لتنظيمات الداخل، ونائب آخر لتنظيمات الخارج، وتكليف آخر بمسؤولية مدير عام مكتب أمانة السر، ومراجعة قرارات القيادة القومية بحق المعاقبين، وتجميد عضوية أمين سر القطر الرفيق المناضل أبو جعفر وإحالته إلى التحقيق.

 

إن ما أقدمت عليه الزمرة المتكتلة، وإعلان انشقاقها عن الحزب وتقديم نفسها بأنها تمثل الحزب، هو خروج صريح وفاضح عن شرعية الحزب وتمرد على قراراته تنفيذاً لأجندة أهداف ترمي إلى تخريب الحزب من داخله، وفي استحضار لذات الأساليب التي اعتمدها من سبق هذه المجموعة في تمردهم على الشرعية الحزبية بمؤسستها القومية والقطرية. وهو أسلوب دأبت عليه القوى التي تعمل بعقلية تكتلية منذ الردة الكبرى في ٢٣ شباط ١٩٦٦ والتي ما زال بعض عناصر تلك الردة تستبطنهم ذات العقلية التي تطل برأسها كلما كان الحزب يتعرض للتآمر عليه من الداخل والعدوان من الخارج.

إن الزمرة المتكتلة التي خشيت المثول أمام لجنة التحقيق، لمعرفتها بأن أوراقها قد انكشفت، سارعت إلى إعلان خطوتها الانشقاقية ظناً منها أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تحميها من الاجراءات التنظيمية التي ستتخذ بحقها، وأن رموزها لم يقدموا أنفسهم بأسمائهم الحقيقية بل بأسماء حركية جديدة.

إن القيادة القومية للحزب التي كانت ترصد تحركات العناصر المتكتلة، تعاملت معهم بروية لإفساح المجال أمامهم التراجع عن غيهم، ولم تتخذ بحقهم عقوبات تنظيمية لعدم التزامهم العملي بقرار القيادة القومية بتكليف رفيق مناضل بأمانة سر القطر.

 لكن يبدو أن النهج التكتلي كان متجذراً في نفوس هذه المجموعة، وإن بيانهم الأخير الصادر ١٢ نيسان، هو وثيقة دامغة على تمردهم وخروجهم عن شرعية الحزب وبالتالي وضعهم في دائرة المساءلة والمحاسبة التنظيمية ووفق ما تنص عليه أحكام النظام الداخلي.

 

إن القيادة القومية التي خولها النظام الداخلي حماية وحدة الحزب والتصدي للانحرافات التي توثر على مسيرة الحزب ووحدته التنظيمية لا يمكن أن تسمح لعناصر متكتلة أن تخرب الحزب أو أن تحدث تشويشاً على مسيرته النضالية أو تشغل المناضلين البعثيين عن أداء مهامهم النضالية، وإن محاولاتهم ستخيب كما خابت محاولات ومساعي غيرهم ممن أرادوا اجتثاث البعث.

وعليه فإن القيادة القومية وحرصاً منها على حماية وحدة الحزب وشرعيته قررت بناء على اقتراح قيادة قطر العراق واللجنة التحقيقية ما يلي:

-١ فصل المدعو "أبو هبه" من عضوية الحزب لرفضه الالتزام، وتمرده على قرار القيادة القومية وتسريبه وثائق وأسرار حزبية مخالفاً أهم مبدأ تنظيمي من مبادئ الحزب، وهو عدم افشاء أسرار الحزب، وعدم مثوله أمام اللجنة التحقيقية، ودعوته لاجتماع لما سماه قيادة قطر، وإصدار بيانات باسم قيادة القطر.

-٢ فصل المدعو "أبو عبيدة" من عضوية الحزب، لدوره المحوري في التكتل وتحريضه على عدم الالتزام بقرار القيادة القومية والقيام بتسريبه مخالفاً مبدأ الحفاظ على السرية التي نص عليها النظام الداخلي واعتبار من يخرق هذا المبدأ يتعرض لعقوبة الفصل وترويجه للبيان الصادر عن اجتماع التكتل في ١٢ نيسان.

-٣ فصل المدعو "أبو فاطمة" من عضوية الحزب لدوره التنفيذي في التكتل وترويجه لبيان التكتل الذي شكل الدليل القاطع على وجود هذا التكتل، وأيضاً عدم التزامه بقرار القيادة القومية والتحريض على عدم الالتزام به وهو الذي شكل تمرداً على القرارات الحزبية.

-٤ فصل المدعو "أبو زينب" لدوره في تشكيل التكتل، واتصالاته مع الكوادر الحزبية وإبلاغ من اتصل بهم أن ينتظروا حدثاً تنظيميا قريباً يتناول وضع الحزب في العراق وأن يكونوا على استعداد لاستلام الوضع التنظيمي فور إبلاغه بالمستجد التنظيمي الذي سيحصل.

-٥ فصل المدعو "أبو ليث" لدوره في تشكيل التكتل منذ بدأت ملامحه بالظهور قبل وبعد تكليف القيادة القومية الرفيق المناضل أبو جعفر بمسؤولية أمانة سر القطر، وتسريبه لقرارات حزبية، ودوره في ضبط ايقاع التكتل في اجتماع ٢٥ آذار وتنسيق مواقف المتكتلين وتوزيع الأدوار فيما بينهم، وترويجه للبيان الصادر عن التكتل في ١٢ نيسان. وهو ما يشكل تمرداً على قيادة الحزب وقراراته وافشاء السرية الحزبية.

-٦ تخول قيادة قطر العراق التحقيق مع كل من يثبت تورطه في هذه المؤامرة التي تستهدف وحدة الحزب من خلال الدعوة التي أطلقت للتحضير لما يسمى بمؤتمر قطري تمهيداً لمؤتمر قومي، وحسبما جاء في بيان ١٢ نيسان الصادر عن اجتماع ما سمي بالقيادة القطرية. واتخاذ الإجراء التنظيمي بحق كل من يثبت مشاركته في التكتل ودوره التنفيذي فيه وحتى يبنى على الشيء مقتضاه.

إن القيادة القومية إذ تضع هذه الحقائق أمام الرفاق في الوطن العربي والمغتربات وعلى كافة المستويات والمشفوعة بقرارات تنظيمية بحق رموز التكتل، فإنها تهيب بكافة الرفاق وكل الحريصين على وحدة الحزب التنظيمية وشرعيته أن يرتقوا إلى أعلى درجات المسؤولية في حرصهم على وحدة حزبهم، وأن يكونوا في أعلى درجات اليقظة والإدراك لما يحاك ضد الحزب من مؤامرات.

إن الحزب الذي استطاع أن يواجه في السابق قوى التآمر عليه من الداخل والخارج ويخرج أكثر قوة وتماسكاً، سيواجه هذه الظاهرة التكتلية الجديدة بحزم وتصميم على وأدها واسقاطها وعدم تمكينها من تخريب الحزب.

 

يبلغ هذا البيان إلى قيادة قطر العراق، وإبلاغ من يلزم إبلاغه، كما يبلغ إلى قيادات الأقطار والمنظمات الحزبية ما دون القطر والمكاتب القومية للاطلاع والعمل وفق مضمونه ومقتضياته.

القيادة القومية

في ١٤ / ٤ / 2022






الاربعاء ٣ شــوال ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أيــار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.