شبكة ذي قار
عـاجـل










أين نحن من مخاطر البنية الحرجة؟

 

سحبان فيصل محجوب *

 

تحرص قيادة المجتمعات على تأمين الشروط المطلوبة لإنشاء بنى تحتية متكاملة وتهتم بتوفير عوامل تطوير البنية التحتية الحرجة الضرورية في حماية المجتمع والاقتصاد وما يتعلق بالأمن لمنع

اية تهديدات محتملة تؤثر على مسارات العيش الكريم ، فهي تمنح الأولوية في تنفيذ متطلبات هذه البنية الحرجة لتنطلق الى بناء وتطوير البنى الاساسية المختلفة التي تخص كافة جوانب الحياة والتنمية التي تواكب التقدم التكنولوجي وتعمل على حمايتها بوساطة المراقبة واصدار التشريعات اللازمة لذلك ،كما يجري تكليف الجهات المعنية وحسب تخصصاتها لتتولى شؤون تطوير جوانب قطاعات البنى التحتية ومراقبتها والتي تقع في نطاق عملها لتأمين سلامة الاداء الأمثل لها ورفدها بما يضمن تناغمها مع عمل المنظومة المتكاملة للبنى الأساسية المنشأة في المجتمع ، فالإخفاق في اداء الوظائف المسندة الى اي جانب من البنى التحتية المختلفة سوف يؤثر بلا شك على عمل الجوانب الاخرى بنحو مباشر وبالتالي فان هذا سوف يأتي بتأثيراته على الحياة العامة وقد يكون من تحديات أمن المجتمع وسلامته  .

يعكف القائمون على توفير متطلبات الامن للبنى التحتية في دول ألعالم لابتكار حلولا متكاملة لدرء المخاطر عنها وبوسائل متطورة لمنع حدوث أي تهديدات مؤثرة خارجية أو محلية منها وترصد لذلك امكانات مادية كبيرة وقدرات تقنية متطورة كفيلة لإحباط محاولات التخريب المحتملة.

تعد المنظومة الكهربائية الناجحة في توفير خدمة تجهيز التيار الكهربائي الدائم والمستقر للمرافق العامة والخاصة المختلفة ( الصناعية والزراعية والتعليمية… الخ  ) وكذلك إمداد منازل المواطنين به من الركائز الاساسية للبنى التحتية وقد يذهب البعض الى اعتبارها من البنى الحرجة لارتباطها الوثيق والمباشر لجوانب حياة المجتمعات الاقتصادية وكل ما يتعلق بمسارات مستقبل التنمية وبناء القدرات الوطنية فأمن الطاقة يعد من شروط تحقيق سيادة الدول وهذا النوع من البنى غالبا ً ما يتعرض الى العديد من المخاطر المباشرة منها بفعل غايات سياسية أو في اطار الصراع على المصالح المادية ومثال على ذلك ما تتعرض له ابراج نقل الطاقة الكهربائية من عمليات تخريب أو ما يحدث من استهداف لمواقع محطات الانتاج أو التحويل الكهربائية المنتشرة الا ان وجود امكانية توفير شروط مواجهة ذلك بوساطة المراقبة وما يرتبط بوسائل الحماية التقليدية مع تسخير القدرات البشرية والمادية في إعادة البناء لذا فإنها تعد من التهديدات الاقل خطورة من المخاطر غير المباشرة والتي غالبا ً ما تكون أدواتها مسخرة من خارج الحدود وعلى وفق مخططات يجري تنفيذها الهدف منها تعطيل الجهد الوطني في البناء والتطوير يوازي هذا عرض البدائل سهلة المنال في وضع الحلول المؤقتة لازمة الكهرباء العراقية وبهذا تكون هذه الادوات قد تمكنت من تشتيت القدرات الوطنية المادية المتاحة بالإضافة الى تعطيل المهارات المتمرسة في البناء وهذا ما يجري تنفيذه منذ ان استطاعت الاذرع الايرانية التوغل في مفاصل الدولة العراقية بعد الاحتلال سنة ٢٠٠٣ ، لم تقتصر هذه المخاطر على قطاع الطاقة فقط ولكنها امتدت لتشمل بقية مرتكزات البنية التحتية الاساسية والحرجة الأخرى  .

من هنا فإن من ضرورات تكوين الهيكل السليم للبنية التحتية العامة هو توفير الحماية القادرة على ابعادها عن محاولات اضعافها وتوفير الاسناد المادي والمعنوي لمهندسيها لإكمال متطلباتها وتطويرها فنياً ولن يتحقق هذا الا بوجود ارادة وطنية مستقلة قادرة على البناء وحمايته من المخاطر المحتملة.

* مهندس استشاري






الجمعة ٢٥ ربيع الاول ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب سحبان فيصل محجوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.