شبكة ذي قار
عـاجـل










وعود ووعود بلا تطبيق

 

* سحبان فيصل محجوب

 

في جوانب الغزارة والتنوع يعتبر العراق من البلدان الغنية بمصادر الطاقة الخضراء وعلى وجه التحديد الطاقة الشمسية فهي الأكثر ملائمة في إستغلالها على وفق ما يتمتع به موقعه الجغرافي من مزايا شمسية متعددة تمنحه موقع الريادة في إمكانية تسخير هذه المزايا وتوظيفها باتجاه مشروعات كبرى ذات جدوى فاعلة وعلى وجه التحديد في مجال الطاقات المتجددة ، فأغلب مناطق العراق يكون عدد الأيام المشمسة فيها 300 يوم سنويًا من أصل 365 يوم وخصوصا ً في المناطق الغربية منه كمحافظات النجف والأنبار والسماوة ولابد من الأشارة هنا على بروز إهتمامات جادة في العراق تخص هذا المجال ومنذ بداية ثمانينيات القرن الماضي عندما إنطلقت فكرة استخدام التكنولوجيا الخاصة في استغلال الطاقة الشمسية حيث تم إنشاء مركز خاص للبحوث الشمسية في عام 1982 م ليرتبط بمجلس البحث العلمي والذي يتبع الى مجلس الوزراء ، حيث كانت إحدى التوصيات المعتمدة التي صدرت عن هذا المركز في عام 1986 م وبوساطة الدراسات المنجزة فيه آنذاك هي أن يتم تنفيذ مشروعات استخدام الطاقة الشمسية في توفير التيار الكهربائي للمناطق النائية التي تعاني من معوقات نقل الطاقة الكهربائية اليها ، وفي عام 1990 م تم إنجاز تصميم متكامل لوحدة سكنية تعتمد خدماتها على الطاقة الشمسية وجرى تطويره لاحقا ليتماشى مع نتائج البحوث المتوفرة على مستوى ألعالم آنذاك حيث تم عرضه عام 1996 م بتصاميم نهائية من الممكن تنفيذها في إنشاء منازل غير ملوثة بيئيًا بوساطة الحاق تصاميم أخرى لانظمة تقوم بمعالجة المياه دون شبكات المجاري بالاضافة الى معالجة النفايات ، الا ان من أبرز إنجازات مركز البحوث الذي تم التعريف به سابقا كان تنفيذ مجمع سكني متكامل يقع على ضفاف نهر دجلة وسط العاصمة بغداد في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حيث كان هذا المجمع يتبع الى المركز المذكور…. إطلق على مشروع المجمع تسمية ( عمارات الطاقة

الشمسية ) ، تم الانشاء بوساطة التعاقد مع شركة ( هيلت اند وولتر ) الالمانية الا ان التصاميم الاساسية والأشراف على التنفيذ كان من حصة المهندسين العراقيين ، في هذا المشروع تم توفير نسبة  (50 - 60 ) بالمائة من كامل حاجة استهلاك الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية ، وعلى وفق التقنيات المتوفرة آنذاك كان مبدأ التشغيل في هذا المجمع المؤلف من 278 وحدة سكنية يعتمد على العديد من المكونات الخاصة بتحويل الطاقة الشمسية الى طاقة كهربائية بالاضافة الى الطاقة الحرارية ، وقد

إعتبر هذا المشروع من المشاريع الرائدة في المنطقة ، فمنذ ذلك الحين ومع تتابع أحداث الظروف الاستثنائية التي عصفت بالبلاد والمتمثلة بالاعتداءات الخارجية والعمليات العسكرية التي رافقت الحروب وما عانت من تبعات فرضتها إجراءات الحصار الاقتصادي المفروض على العراق للفترة من عام ١٩٩١ م ولغاية ٢٠٠٣ م كانت وراء حرمان المؤسسات العراقية المعنية في مجال الطاقة من مواكبة التطور التكنولوجي الحاصل في تقنيات إستغلال الطاقات المتجددة.

مع تفاقم ازمة الكهرباء وتداعياتها والتي كانت في مقدمة معاناة المواطن العراقي وعلى مدى عقدين من الزمان ساد الاعلان المستمر عن عشرات ( مشاريع الحلول) التي تبناها العديد من المعنيين في السلطات المتعاقبة بعد الاحتلال سنة ٢٠٠٣ م وجرى تناولها بكثافة في وسائل الاعلام المختلفة ، الا ان حصيلة ذلك كان استمرار التدهور الواضح في خدمة تجهيز الطاقة الكهربائية وعلى مستوى مدن العراق كافة ، رافق هذا نداءات مستمرة أطلقتها الكثير من خبراء البيئة والطاقة وفي مناسبات مختلفة والتي تضمنت خارطة طريق للخروج من هذه الازمة حيث كان في أولوياتها التوجه نحو الاستغلال الامثل لموارد الطاقة المتجددة المتوفرة في البلاد .. الا ان مستوى الاستجابة لهذه النداءات كانت خجولة منها إطلاق الوعود بتنفيذ اتفاقيات ( ورقية) وقعت مع شركات عالمية متخصصة في إقامة مشاريع الطاقات المتجددة وما تم الاعلان عنه في فتح مجال الاستثمار في انتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية الا ان الأخفاق كان نصيبه بسبب الشروط غير المشجعة التي تضمنها هذا الاعلان في حينه والتي كانت وراء عزوف المستثمرين عن التنافس والمشاركة في هذه المشاريع …. لم يتحقق شيئاً من هذه الوعود فهل هذا تجاهل أوعدم إكتراث أم ماذا ؟

 

* مهندس استشاري






الاحد ٣ جمادي الاولى ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب سحبان فيصل محجوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.