شبكة ذي قار
عـاجـل










حقيقة الديمقراطية الأمريكية في العراق - أزمة طائفية عرقية وإرث من الإقصاء   - الحلقة التاسعة

 

زمل عبد

 

مع مرور الوقت تعززت الحدود بين الطوائف وكذلك الادعاءات الطائفية على حساب الهوية الوطنية في كل الأوقات ولم تبذل الحكومات المتعاقبة  جهداً واضحاً لتكوين ثقافة وطنية أو بناء هوية عراقية يمكن أن تساعد في توحيد الفئات المختلفة، وكان الكثير من الشيعة يتقبلون قبل سنة 2003 الفكرة البسيطة القائلة إن الحكم الوطني القائم (( سنّي )) بفعل الإعلام المعادي الصادر من نظام الملالي أو ذيولهم والرتل الخامس ، متجاهلين حقيقة أن الكثير من الأسباب التي جعلت الرجال الذين يقودون دولتهم لم تكن الطائفية منهجهم او صفة تعاملهم بالضرورة ، وتقبل العديد من أبناء السنة والجماعة بعد سنة 2003 الحقيقة التي رسخها الغازي المحتل أن العراق يصبح دولة يهيمن عليها الشيعة وأدى تعريف الآخر من حيث الانتماء الطائفي إلى تعريف الأنا  بناء على الادعاءات الباطلة والمضللة بان الشيعية كانوا ضحية 1400 عام  وقد لعبت سياسات حكومة المالكي وقوات الأمن التابعة له دوراً مماثلاّ في بناء وترسيخ هذه الفرية ،  يشعر الكثير من العرب أن هناك تمييزاً منهجياً يمارس ضدهم في محفظاتهم المستهدفة وتبنة الجماعات المتطرّفة مثل هذه المشاعر - وغالباً ما تبالغ فيها - كأدوات للتعبئة فقد سكت الكثير من اهل السنة  والجماعة عن عنف الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش -  والجماعات المتطرّفة الأخرى معتقدين بأنه يمثّل وسيلة لموازنة الممارسات القمعية لقوات الأمن الحكومية وقد أثار هذا بدوره شعوراً لدى الشيعة بأن السكان الغربية يوفّرون ملاذاً آمناً للإرهابيين لمهاجمة المدنيين الشيعة ، وبالتالي سكت الكثير من الشيعة عن انتهاكات قوات الأمن الحكومية في هذه المناطق  لم تبذل الحكومة جهداً واضحاً لتكوين هوية وطنية أو بناء هوية عراقية يمكن أن تساعد في توحيد الفئات المختلفة لا يسهم العنف والعنف المضاد سوى في تعزيز هذه الحلقة المفرغة والواقع أن العنف الذي اندلع بعد سنة 2003 في العراق وتصاعد في الفترة  2006 - 2007  بعد تفجير مرقد الامامين العسكريين من قبل إيران للإثارة الطائفية وتحقيق هدف انتخابي سياسي في ان واحد  ، وأدخل البلاد في أتون حرب أهلية ، جعل الدولة مفتّـتة بصورة أكبر فقد أدّى العنف إلى تحصين الحدود الطائفية ، وفرض إرادة المسلحين على مجتمعاتهم، وتعميق المشاعر المتبادلة من حيث الظهور بمظهر الضحية ، وتعزيز الفصل بين الطائفتين في المناطق التي كانت مختلطة في السابق كما أدى إلى تسريع عملية -  التطييف -  بوتيرة أعلى لأن العنف استبعد الأصوات المعتدلة وأقصاها  وجلب العنف قصص وروايات  طائفية جديدة العدو فيها هو الآخر الطائفي ، والأبطال هم أولئك الذين دافعوا عن الطائفة وهزموا العدو وفي حين يمكن احتواء هذا الاستقطاب الاجتماعي والثقافي إذا تم تعزيز التواصل بين الطائفتين وتشكيل حكومة وطنية شرعية  تعتمد المواطنة أساس في التعامل اليومي مع أبناء الشعب من حيث الحقوق والواجبات ، فإنه أيضاً عرضة إلى أن يصبح جزءاً من الذكريات التاريخية التي تشكل الهويات الجماعية تواصل الحكومة اليوم الاعتماد على مقاربة خلافية بدلاً من السعي إلى بناء الجسور بين المجتمعات وتركز قوات الأمن العراقية عملياتها في مجال  مكافحة الإرهاب  في المناطق الغربية بالدرجة الأساس ، حيث تؤكد العديد من التقارير أن تلك القوات تلجأ إلى اتّخاذ تدابير قمعية وتعسّفية مثل الاعتقالات العشوائية والمعاملة المسيئة والمهينة للسجناء  كان أحد المطالب المتكرّرة لمعظم المتظاهرين هو الإفراج عن السجناء والمغيبين ، وخصوصاً النساء اللائي ينظر إلى سوء معاملتهن باعتبارها إهانة جماعية للمجتمعات ذات الثقافة القبلية القوية ، مثل الأنبار وعلى الرغم من الاستجابة لبعض هذه الشكاوى وأفرجت عن مئات من النساء والرجال المعتقلين ،  فإن هذه التدابير لم تكن جزءاً من خطة أشمل للمصالحة الوطنية الصدقة التي تؤدي الى إعادة اللحمة المجتمعية   ، والواقع أن حكومات الاحتلال المتعاقبة زادت في عدد من تم إعدامهم من المدانين بالإرهاب ، وأصبحت هذه الإعدامات تكتيكاً انتخابياً تستخدمه بعض الأحزاب لكسب أصوات الشيعة وكان بعض الذين أعدموا قاتلوا ضد تنظيم القاعدة في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى ومن مناطق حزام بغداد ، عادة ما يكون العفو الشامل عن المقاتلين السابقين خطوة هامة على طريق المصالحة ومع ذلك وبعد سنوات من المفاوضات فشلت النخبة السياسية في الاتفاق على مثل هذا التشريع  بالإضافة إلى ذلك ثمة أدلة واضحة على الفساد المستشري والتعذيب المنظَّم الذي تقوم به هيئات إنفاذ القانون  في بعض الحالات  تم سجن الأشخاص أو حتى إعدامهم من دون محاكمة عادلة وثمّة عامل آخر عزّز التحيّز الطائفي داخل قوات الأمن العراقية يتمثّل في الخلفية الولائية المهيمنة على أغلب أفراد تلك القوات...

 

يتبع في الحلقة الأخيرة

 






الاربعاء ٢٦ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.