شبكة ذي قار
عـاجـل










الانتخابات... الوهم الذي يعلّق عليه الشعب آماله

ميلاد عمر المزوغي

 

متصدرو المشهد يوحون لعامة الناس بان اجراء الانتخابات ستكون بداية الحل لازمة استفحلت، فأغرقت البلد في دوامة العنف، واقتصاد شبه منهار بعد القضاء على كافة المدخرات، البشر في بلادي مجرد كائنات حية تغص بها الطوابير المختلفة، علّها تتحصل على بعض حاجياتها التي اصبحت شبه كماليات، في دولة تصدر ما يربو على المليون برميل من النفط في اليوم.

الذين يتحكمون في مصير الشعب وأسيادهم (لسنا على قائمة أولوياتهم)، يدركون تماما ان الانتخابات في حال اجرائها في ظل الظروف الراهنة، ستكون نتائجها صورة طبق الاصل عن الانتخابات السابقة وفي أفضل الاحوال تغيير طفيف في الوجوه، لكنها لا تختلف كثيرا في الرؤى، أي استمرار الاوضاع الحالية، لفترة تطول او تقصر وفق رغبة القوى الاستعمارية.

المجتمع الدولي سيحاول وبكل ما اوتي من قوة، بأن يظل عملاؤه في السلطة للاستمرار في استنزاف اموال الشعب وتدمير ما تبقى، لتكون فيما بعد كلفة الاعمار باهظة الثمن ولتذهب الايرادات الى خزائنه، لتشغيل مصانعه وتخفيض معدل البطالة لديه.

الدساتير عادة تكتبها الشعوب في حالة من الوئام والتوافق، لتكون معبرة عن تطلعاتها وتضع الاسس اللازمة لعلاقة الحاكم بالمحكوم (العقد الاجتماعي) والعلاقة بين مؤسسات المجتمع المختلفة لئلا يكون هناك تداخل في السلطات مشروع الدستور الحالي به الكثير من الغموض، وعديد الاشكاليات في بعض مواده ومنها العلم والنشيد وبعض حقوق الاقليات التي يراها البعض الاساس في تكوين دولة عصرية مدنية، وفي حال اقراره فان تعديله يحتاج الى وقت ليس بالقصير، ما يكبح حركة المجتمع نحو بناء دولته. وعليه يرى البعض عدم التعويل كثيرا على مسودة الدستور وتركها للتعديل الى وقت لاحق عندما تتهيأ الظروف لذلك.

الانتخابات لن تكون ذات جدوى (بل وهم يعلق عليه الشعب آماله) إلا إذا سبقتها مصالحات شاملة تعم كافة المناطق، يقوم بها الخيرون من ابناء الوطن بمختلف شرائحه دونما استثناء فلكل دوره في العطاء والبناء، عندها وفقط سيُجبر العالم على احترام ارادة الشعب، ورفع الغبن عنه واخراج البلد من البند السابع الذي يعامل البشر قصّر او فقيدي الاهلية. الانتخابات العلكة التي يلوكها السادة ويتذوقها (يتبننها) العامة!

الجماهير تدرك جيداً إنها تعرضت ولا تزال إلى زلازل وبراكين منقطعة النظير أتت على الاخضر واليابس, لما يمثله البلد من موقع استراتيجي ومخزون هائل من مختلف المعادن, تفتح شهية المستعمر وتجعله يسعى بكل جهده للعودة ثانية, بعد التضحيات الجمة التي اخرجته صاغرا ذليلا يجر اذيال الهزيمة, ولكنه لم ييأس, يتصيد ذوي النفوس المريضة من ابناء الوطن لإحداث الخلخلة في مكونات المجتمع وبث الفرقة بينها متبعا سياسة فرق تسد, حيث سفراء الدول يملون شروطهم على ساسة البلد لأنهم ببساطة هم من نصبوهم او ساهموا في الابقاء عليهم, لا نقول زمن رديء فنلعنه, بل نحسبه امتحان نتمنى ان نجتازه في اقرب وقت ممكن, ورغم ذلك فان الجماهير تتشبث بالقشة التي قد تنقذها من بحر امواجه متلاطمة وتقذف بها إلى بر الامان! وهي على امل بان يعي ابناءها الذين عملوا كأداة طيعة في ايدي الاعداء جسامة ما قاموا به من جرائم في حق المجتمع وان يعودوا الى رشدهم... الى حضن الوطن الذي سيجدون فيه كامل الدفء والمحبة، فالوطن يغفر للأوابين المعترفين بذنوبهم ليشاركوا معاً في بنائه على أسس سليمة..






الثلاثاء ١٥ شعبــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أذار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ميلاد عمر المزوغي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.