شبكة ذي قار
عـاجـل










عشرون سنة على الغزو...

حكام العراق يستجدون المستعمر البقاء لحمايتهم

ميلاد عمر المزوغي

 

منذ أيام حط وزير الدفاع الأمريكي ببغداد معلناً عن قيام علاقات جيدة مع نظام الحكم، وإن بقاء بعض القوات نتيجة طلب الحكومة العراقية ذلك، ترى لماذا طلبت الحكومة ذلك؟ ولماذا لا تزال توجد هناك قواعد أمريكية؟ إن كانت لأجل التدريب فالذي نعرفه أنه يتم استقدام بعض المدربين الأجانب لتدريب الأفراد على كيفية استخدام السلاح وإعداد كوادر فنية وطنية يمكنها تدريب الدفعات اللاحقة، ولكن أن يتم استقدامهم على مدى عقدين من الزمن فهذا ما لا يتقبله عقل.

 أما بخصوص القواعد الجوية فهذا أيضاً لا يمكن الركون إليه، إلا إذا أرادت أمريكا أن يكون العراق إحدى قواعدها الأمامية في مجابهة الدول المعادية لها، بمعنى، جر العراق إلى أن يكون ساحة حرب لأي صراع قد ينشبه الأمريكان، لقد ابتعد العراق منذ عقود عن سياسة المحاور وانضم إلى منظومة عدم الانحياز، قادة العراق الحاليين يريدون أن يرضوا الخصمين المتواجدين بقوة على الساحة العراقية(إيران-أمريكا) خاصة وأن الحكومة الحالية موالية لإيران.

ترى ألم يستطع قادة العراق بعد عقدين من الحكم أن يؤمنوا حدود البلد ومن ثم ابعاده عن سياسة المحاور؟ ألم يستطع العراق وعلى مدى عقدين من الزمن وبمساعدة الأمريكان والكم الهائل من الأسلحة المختلفة أن يهزم تنظيم الدولة الذي أسسه الأمريكان بعيد غزو أفغانستان ومن ثم تحريكه إلى الدول التي يريد الأمريكان احتلالها ومن ثم ابقاء التنظيم ككابوس تخيف به مضيفيها إن لم نقل أذنابها، بأنها قادرة على زعزعة استقرارهم، بل وإزاحتهم من السلطة كما حدث عند اجتياح التنظيم للنصف الشمالي من العراق إبان حكم صديقهم سيء الصيت المالكي؟

المؤكد أن من استلموا سدة الحكم في العراق بعيد الغزو ليس في نيتهم بناء العراق، خاصة وأنه يزخر بالإمكانيات المادية والكوادر البشرية في مختلف المجالات، بل الابقاء عليه ساحة للصراعات الإقليمية وإحداث فتن بين مكوناته المذهبية والعرقية.

 ماذا يعني أن يظل العراق يحكم بواسطة مذهب معين بحجة أنه يمثل أغلبية سكان البلد؟ أليست العشرين سنة الماضية كفيلة بدراسة نتائج الحكم المذهبي ومن ثم تغيير الدستور بما يتماشى وتكافؤ الفرص لكل الأطياف، وأن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة ومن ثم فإن صندوق الاقتراع هو الحكم بين المتنافسين، ألم تكفي العشرون سنة الماضية أصحاب المعالي وعباد الكراسي في الاستحواذ على مقدرات البلد وتسخيرها لتحقيق مصالحهم الشخصية؟

أليس من المخجل بعد عقدين من الزمن وتصدير أكثر من 5 ملايين برميل يومياً، ناهيك عن الثروات الأخرى، أن يعيش غالبية أبناء العراق تحت مستوى خط الفقر؟ بينما ينعم القلة بتلك الخيرات.

العراق بلد الرافدين أصابه الجفاف والتصحر بفعل السدود العديدة التي أقامها أردوغان، والتي لم يحترم فيها حصتي دولتي الممر والمصب، لأنهما بلدان ضعيفان لا يقويان على فعل، على مدى عقدين من الزمن لم يسعَ حكام العراق إجبار الأتراك على الرضوخ للمواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بحصص المياه، بل يتلهى الحكام بالتناحر فيما بينهم ومقاتلة تنظيم الدولة الذي أوجدته أمريكا ليكون شماعة لبقائها، واستمرار عملائها في الحكم..

مسلسل الربيع العربي بدأ باكراً من العراق، وعندما تحقق الغرب من نجاحه فيه، عمدوا إلى استنساخه في الدول التي يرونها تمثل عائقاً حقيقياً لطموحاتهم وتشكل خطراً على كيانهم المصطنع في فلسطين المغتصبة، ولكن هل يدرك من ساعدوا الغرب في تنفيذ هذا المسلسل بأموالهم أنهم ليسوا في مأمن؟، وحتما ستجري أحداث الأجزاء اللاحقة على أراضيهم ويكونون هم الضحية.

حكام العراق وللأسف يستجدون الأمريكان البقاء في البلاد، عرفاناً بجميلهم، فلولاهم لما استطاعوا احكام سيطرتهم على البلد وإهدار خيراته.

نتمنى من الشعب العراقي الأبي أن يقوم بثورة تصحيحية على حكامه الذين أفقدوه القدرة على العيش الكريم، وبعض أبنائه يعيشون خارج الوطن هرباً من الظلم، وجعلوا البلاد ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.






الخميس ٢٤ شعبــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أذار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ميلاد عمر المزوغي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.